تسويات درعا لم تضبط الاغتيالات واتهامات للأجهزة الحكومية بافتعالها
درعا- نورث برس
تسيطر الاغتيالات على المشهد في محافظة درعا، جنوبي سوريا، والتي تسجل أغلبها ضد مجهولين ويكون معظم المستهدفين عناصر سابقين في فصائل المعارضة وممن خضعوا لاتفاقيات التسوية.
وتفشل الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية في ضبط الفلتان الأمني بدرعا على الرغم من انتشار حواجزها في كل مكان، وسط اتهامات بأنها المسبب لبعض عمليات الاغتيال.
وشهدت درعا وخاصة ريفها الغربي خلال الأيام القليلة الماضية، عدداً من عمليات الاغتيال استهدفت ناشطين معارضين لحكومة دمشق، كان آخرهم وسيم الحمد رئيس المجلس المحلي في بلدة محجة بريف درعا الشرقي.
وقال محمد الشرع، عضو “مكتب توثيق الشهداء” في درعا، وهو منظمة مدنية محلية، إنهم وثقوا بين التسوية الثانية والتسوية الثالثة، أي بين الفترة من مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وحتى نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، 124 عملية اغتيال، قٌتل خلالها 83 شخصاَ وأصيب 31 بجروح، فيما نجى عشر أشخاص.
وأشار إلى أن 266 شخصاَ ممن يحملون بطاقات تسوية تعرضوا لعمليات الاغتيال، قتل منهم 183 وأصيب 72، فيما نجى عشرة آخرون، منذ بدء التسوية الأولى وحتى الآن.
وتشير الإحصائيات التي حصلت عليها نورث برس، من المكتب، إلى ازدياد حالات الاغتيال بنسبة تجاوزت المئة حالة في كل عام منذ عام 2019.
ورأى “الشرع” أن النشاط المعارض للحكومة “غير معلن” وذلك لأن الاعتقال والإخفاء أو الاغتيال هو غالباً ما يكون مصير من يعارض “نظام الأسد” وهذا ما حصل مع عدد من المعارضين، مثل أعضاء اللجنة المركزية للمفاوضات مع حكومة دمشق.
ووثق المكتب مقتل ثمانية عشر عضواً في اللجنة المركزية بعد التسوية الأولى صيف العام 2018 وكان آخرهم مصعب البردان الذي تعرض لعملية لاغتيال في العاشر من هذا الشهر.
وسجلت درعا خلال عام 2019، 305 عمليات اغتيال، لترتفع في عام 2020 إلى 411، فيما سجل العام الماضي 509 حالات اغتيال.
اغتيالات متكررة
والثلاثاء الماضي، استهدف مسلحون مجهولون ممرضاً، يعمل في مستشفى مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي ويحمل بطاقة تسوية، بالرصاص ما أدى لمقتله.
وفي ذات اليوم، عثر سكان في ريف درعا الغربي على جثة شخص وعليها آثار إطلاق نار.
وقالت مصادر محلية، لنورث برس، إن الشاب ينحدر من بلدة عين ذكر في حوض اليرموك بريف درعا الغربي، واعتقلته القوات الحكومية صيف العام 2018 لتطلق سراحه فيما بعد.
وقبله بيوم، عثر سكان بلدة المزيريب بريف درعا الغربي، على جثة المدعو بشار جعارة، أحد عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) سابقاً، بحسب مصادر محلية.
وقبلها بساعات، اغتال مسلحون مجهولون الشاب أحمد عبد الرؤوف الرشدان، على الطريق الواصل بين مدينة طفس وبلدة المزيريب في ريف درعا الغربي.
وربط الباحث والصحفي حسام البرم، ازدياد عمليات الاغتيال باستمرار الأجهزة الأمنية الحكومية في “انتهاكاتها بحق المدنيين وإصدار قوائم بشكل متكرر باسم معارضيها من أجل تصفيتهم لاجتثاث كافة الأشكال المعارضة لها”.
وأشار “البرم” إلى فشل التسويات الثلاثة والتي “لم تكن إلا وسيلة لإحصاء معارضي نظام الأسد والروس”.
أما فيما يخص الاغتيالات في المناطق التي لم تخرج عن سيطرت الحكومة، والتي تشهد انتشاراً أمنياً كثيفاً مثل مدينة درعا، أضاف الباحث أن “هذا أمر طبيعي حيث يحاول النظام إظهار نفسه على أنه مستهدف لكسب تعاطف الحاضنة الشعبية بشكل أكبر”.
والاثنين الماضي، استهدف مسلحون مجهولون، بالرصاص زكريا عبد الرحيم البردان، وهو عنصر سابق في صفوف فصائل معارضة في مدينة طفس، بريف درعا الغربي، ما أدى لمقتله.
ووفقاً لمصدر محليّ، فإن “البردان” كان حصل على بطاقة تسوية في عام 2018 وانتقل بعدها إلى الأعمال المدنية.
اتهامات لإيران
ويرى ناشطون أن لإيران دور في عمليات الاغتيال التي تحصل في درعا وخاصة تلك التي تستهدف المعارضين “لنظام الأسد، وذلك من أجل تعزيز نفوذه بشكل أكبر في المحافظة الحدودية مع إسرائيل والأردن”.
وعبر عضو في اللجنة المركزية، فضل عدم نشر اسمه عن اعتقاده أن الجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيال هي “بعض أجهزة النظام المرتبطة بإيران وحزب الله”.
وأشار إلى أن إيران قامت بتجنيد عملاء لها من أبناء درعا لتنفيذ عمليات الاغتيال بحق المعارضين للحكومة.
وزاد على ذلك، بأن إيران تحاول أن يكون لها موضع قدم في الجنوب السوري من حدود الجولان غرباً إلى محافظة السويداء شرقاً، “لأنها تعتبر الجنوب بوابة دخول الأردن والخليج لتسهيل وصول المخدرات إليهما”.
ورأى أن الحل الأمني الذي تنتهجه الحكومة في درعا سيكون له أسباب عكسية “ولن يتم فرض الاستقرار مع استمرار ارتكابها لانتهاكات بحق المدنيين سواء معارضين أم غيرهم”.
وشهد ريف درعا الغربي منذ مطلع شباط/ فبراير الجاري، ما يقارب ستة عشر عملية ومحاولة اغتيال راح ضحيتها اثنا عشر شخصاً.
ووثق “مكتب توثيق الشهداء” في درعا في تقريره السنوي للعام الماضي، 317 عملية ومحاولة اغتيال في ريف درعا الغربي لوحده، ما نسبته 62.5 % من إجمالي العمليات والحوادث الموثقة.
فيما ربط عنصر سابق في المعارضة، فضل عدم نشر اسمه، ازدياد عمليات الاغتيال بريف درعا الغربي “باستلام فرع الأمن العسكري التابع للقوات الحكومية تلك المنطقة بعد التسوية الثانية، حيث أوكلت المهام الأمنية لهذا الفرع بطلب من روسيا”.