ركود حركة العمل في محلات تجارية بريف الحسكة جراء القصف التركي

تل تمر – نورث برس

بثياب ممزقة ملطخة ببقع الزيوت والشحوم، ينهمك الميكانيكي عبدالرحمن خلف (44 عاماً) في محله الصغير في قريته بريف بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، في صيانة محرك كهربائي لأحد سكان القرى المجاورة، لعله يحقق مردوداً مادياً يؤمن احتياجات أسرته، في ظل تراجع عمله.

وبات الحصول على فرصة عمل تحقق لهم مردود جيد، صعبة المنال بالنسبة لسكان محليين تقع قراهم على خطوط التماس مع القوات التركية بريف بلدة تل تمر، في ظل تراجع الثروة الزراعية والحيوانية جراء الانحباس المطري وصعوبة شراء الأعلاف بالنسبة لمربين.

وعلى امتداد مئات القرى الواقعة بريف بلدة تل تمر الشمالي والشرقي والغربي، تعتاش عائلات من ذوي الدخل المحدود على محلات بقالة وصناعية صغيرة.

إلا أن القصف المستمر للقوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها، المتمركزين على تخوم البلدة الصغيرة منذ أواخر عام 2019، تسببت في نزوح آلاف القرويين من منازلهم على خطوط التماس، بينما أفُرغت قرى أخرى كلياً من سكانها.

ودفع القصف أصحاب الكثير من المهن أن يوصدوا أبواب محلاهم ، ليواجه من لم ينزح حالة ركود كبيرة بسبب ضعف حركة البيع والشراء.

ضعف العمل

وبالقرب من الطريق الدولي السريع (M4) في قرية عين العبد 6 كم شرقي تل تمر، يجلس “خلف” أمام محله عقب إنهاءه أعمال الصيانة، برفقة أحد جيرانه الطاعن في السن تحت أشعة الشمس، وهما يترقبان المارة.

ويتحسر الرجل الأربعيني لما آلت إليه أوضاع المنطقة، بعدما كان يرتاد محله يومياً الكثير من الزبائن عندما كان يعمل في المنطقة الصناعية ببلدة تل تمر، قبل أن يعود إلى قريته بسبب ضعف حركة عمله.

وكان ” خلف” وهو أب لخمسة أولاد، لنورث برس، يعمل في محل للميكانيك ببلدة تل تمر وكان عمله “جيداً”.

ولكن بعد الهجمات التركية على منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) أواخر عام 2019 وقصفها المتكرر على قرى تل تمر، تسببت في تراجع حركة العمل، فاضطر “خلف” لإغلاق محله لعدم قدرته على سداد أجار المحل.

ونقل “خلف” حينها  عمله إلى قريته، “ولكن هنا أيضاً حركة العمل ضعيفة وأغلب ما أشتغله هو بالدين ويتأخر الزبائن في سداد ديونهم أيضاً، فالحالة المادية ضعيفة جداً”.

ويشير الميكانيكي إلى أن القصف التركي المستمر كان السبب الرئيسي لضعف حركة العمل وذلك جراء نزوح زبائنه من القرى المجاورة إلى المخيمات ومناطق أخرى في شمال شرق سوريا.

ويضيف الميكانيكي الذي يضع وشاح أحمر وذو شارب كثيف، أن المنطقة الشمالية من تل تمر “باتت شبه فارغة، وهذا ما أثر على عدد زبائني”.

ويملك “خلف” بضع رؤوسٍ من الأغنام إلا أن تدني أسعارها يدفعه لبيع بعضها بين الحين والآخر، “فحتى أنا أيضاً قمت بالاستدانة من أحد السكان لإعالة أسرتي”.

محلات مغلقة

وأثناء المرور في القرى الشمالية الواقعة على خط التماس بريف بلدة تل تمر، يصدف المارة الكثير من المحلات المغلقة، بسبب نزوح أصحابها لسوء الوضع المعيشي والقصف الذي يستهدف المنطقة بين الحين والآخر.

بينما يقطع الهدوء الذي يخيم على هذه القرى التي كانت تنبض بالحياة سابقاً، صيحات الأطفال، بينما يعقد المسنون مجالس أمام منازلهم يتبادلون فيها أطرف الحديث.

وفي قرية مجيبرة زركان المجاورة لعين العبد شمالاً، يجلس الشاب محمد شاهين في محله لبيع الفروج، منشغلاً بهاتفه، مع حركة البيع التي تكاد تكون شبه متوقفة.

ويقول الشاب (28 عاماً) إن القصف التركي المستمر على قريتهم والقرى المجاورة، شلت حركة البيع جراء نزوح أغلب سكان القرية وتردي الوضع المادي للعائلات المتبقية.

وقبل الهجوم التركي على المنطقة كان “شاهين” يبيع ما يقارب ستة أقفاص من الفروج، بينما حالياً بالكاد يبيع قفص واحد.

ونزح غالبية سكان قرية مجيبرة إلى مخيم نوروز في ديرك أقصى شمال شرق سوريا، حيث كان تعداد سكان القرية يبلغ 50 عائلة، بينما حالياً يتواجد ما يقارب 15 عائلة فقط، بحسب سكان محليين.

ويشير “شاهين” إلى أن الظروف الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة، تضعهم أمام تحديات كبيرة في تأمين لقمة العيش.

ويضيف: “ما أجنيه يومياً، بالكاد تعيل عائلتي وتغطي المصاريف اليومية لهم”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد