تفاقم حالة ذوي الاحتياجات الخاصة من نازحي عفرين شمال حلب مع غياب دعم لمنظمات
ريف حلب الشمالي- نورث برس
يجلس شكري أيوب (40 عاماً) وهو نازح من منطقة عفرين، على حصيرة قديمة في غرفة تفتقد لأبسط مقومات الحياة ويضع بجانبه كرسيه المتحرك الذي يلازمه منذ سنوات.
ويومياً وبمساعدة زوجته، يخرج النازح الذي ينحدر من قرية كفرصفرة التابعة لناحية جنديرس بريف عفرين من المنزل بهدف قضاء ساعة من الزمن أو نصفها متجولاً بواسطة كرسيه في شوارع بابنس.
وفقد “أيوب” القدرة على المشي بعد تلقيه لقاح شلل الأطفال وهو في الأشهر الستة الأولى من عمره، فحاول وبعد سن بلوغه التأقلم مع وضعه الصحي، وتقدم لخطبة شابة من منطقته وتزوجها ورزق منها بطفلين.
لكن حال الرجل تغيرت وازدادت معاناته بعد نزوحه من مسقط رأسه، حيث يجد الصعوبة في تدبر أموره عائلته المعيشية وتأمين احتياجاتها في ظل ضعف المساعدات المقدمة له.
وبعد سيطرة تركيا على عفرين في آذار/ مارس 2018، نزح ما يقارب 300 ألف شخص إلى ريف حلب الشمالي، بحسب إحصائيات الإدارة الذاتية في عفرين.
ويتوزع قسم من النازحين في خمس مخيمات، “برخدان، والعودة، وعفرين، والشهباء وسردم”، بينما يتوزع آخرون على 42 قرية وبلدة في محيطها.
بينما فضلت عائلات أخرى العيش في مدن وبلدات سورية أخرى، لا سيما التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهاجر آخرون لخارج البلاد.
معاناة متفاقمة
وبعد أن اضطروا لترك أملاكهم وديارهم، تواجه العائلات النازحة من عفرين بشكل عام صعوبات كبيرة في تأمين مستلزماتهم اليومية وسط غلاء الأسعار وقلة دعم المنظمات الإنسانية والإغاثية وبشكل خاص العائلات التي لديها أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتتفاقم معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة من نازحي عفرين في المخيمات وقرى وبلدات ريف حلب الشمالي، حيث يكابد هؤلاء أكثر من غيرهم، لمواجهة مشاق وصعوبات الحياة اليومية، في ظل ظروف معيشية صعبة وضعف المساعدات.
ويحتاج معظم ذوي الاحتياجات الخاصة في ريف حلب الشمالي إلى الأدوية والمعالجة الفيزيائية، ما قد يعيد لبعضهم القدرة على الحركة من جديد واستعادة نسق حياتهم الطبيعي، إلا أن المنطقة تفتقر للأطباء الاختصاصيين والأدوية ومراكز المعالجة الفيزيائية.
ويتذكر “أيوب” الذي يعاني من مرض الضغط حاله قبل النزوح، حيث كان يملك محلاً صغيراً لبيع المواد الغذائية ويعتمد عليه في كسب قوت عائلته اليومية.
ومنذ قرابة اسبوع قدم مشفى آفرين بريف حلب الشمالي كرسي جديد لـ”أيوب” بعد أن اهترأ القديم، “بات هذا الكرسي كل حياتي، بفضله أخرج من المنزل”.
وبعد نزوحه، كان الرجل الأربعيني يحصل على عشرين ألف ليرة سورية شهرياً من مكتب الرعاية الاجتماعية التابع لهيئة الشؤون الاجتماعية في إقليم عفرين العاملة حالياً بريف حلب الشمالي، لكن منذ فترة وجيزة تم رفع المبلغ إلى أربعين ألف شهرياً.
لكن “أيوب” وهو عاطل عن العمل حالياً يتساءل، “وسط هذا الغلاء كيف سيكفيني هذا المبلغ؟ طالبت عشرات المرات برفع المبلغ لكن دون جدوى”.
“إمكانات ضعيفة”
وتقول هيفين شاميو، الإدارية في مكتب الرعاية الاجتماعية، إن “ضعف امكانات الهيئة يحول دون زيادة المبلغ المخصص لبعض عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة”.
وأشارت إلى أنه رغم تواصلهم مع العديد من الجميعات والمنظمات الخيرية لمساعدة حالات ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تعتبر الفئة الأكثر حاجة للاهتمام “لكننا لم نحصل على أي دعم”.
وتخصص الإدارة الذاتية التابعة لإقليم عفرين، مبلغاً من المال شهرياً للعائلات التي تكون أوضاعها المعيشية سيئة جداً ويختلف المبلغ بحسب أفراد العائلة.
ويبلغ عدد النازحين من ذوي الاحتياجات الخاصة بريف جلب الشمالي 1600 شخص منهم 130 شخص يعيشون في المخيمات المذكورة آنفاً، بحسب مكتب الرعاية الاجتماعية.
مرضى في خيم بلاستيكية
وتشهد مناطق توزع نازحي عفرين ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في ظل حصار حكومي على تلك المناطق.
وتسيطر قوات الحكومية السورية على مناطق تواجد نازحي عفرين بريف حلب الشمالي، كما تتواجد فيها نقاط للقوات الروسية.
وتحتاج زلوخ بطال (17 عاماً) التي تعاني من مرض ضمور كامل في الدماغ إلى تناول الأدوية الخاصة بمرض الاختلاج لكن عائلتها تقول إنها تواجه صعوبة في تأمينها وسط غلاء وفقدان الأدوية.
تقول الأم سهام شيخو (42 عاماً) بينما تحاول إخراج ابنتها إلى الشمس، إن الاختلاج يزداد لدى ابنتها أثناء تعرضها للبرد، “والخيم البلاستيكية تخلق رطوبة كثيرة وليست دافئة مثل المنازل”.
وتعيش العائلة في مخيم برخدان بعد أن نزحوا من قرية روتنلي التابعة لناحية معبطلي في عفرين.
تشير الوالدة وهي جالسة بجانب ابنتها إلى أن حالة الفتاة ازدادت سوءاً بعد النزوح، “فالخيمة التي نسكنها أصحبت مطبخاً وحماماً وغرفة نوم ويؤثر ذلك على صحتها”.
ويبلغ سعر علبة الدواء الذي تتناوله الفتاة 16 ألف ليرة سورية، إضافة إلى مستلزمات أخرى تحتاجها من متممات غذائية وفيتامينات، وهو ما يشكل عبئاً مادياً على عائلتها.
ويعمل والد الفتاة في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي ويتقاضى 260 ألف ليرة سورية.
وتضيف الأم بينما كانت تحاول تغطية ابنتها ببطانية، “حالنا ساء بعد النزوح”.