إدلب – نورث برس
تُحوّل نساء معيلات في إدلب، شمال غرب سوريا، مخلفاتِ الحرب، وبقايا الطّبيعة، والمواد التّالفة، إلى إبداعات تُدر عليهنَّ الرّبح المادي، منطلقات من مبدأ “الحاجةُ أمُ الاختراع”، في ظل ظروف اقتصاديَّة مترديّة.
وبنقشات فنية مُختلفة، تُصير آمنة الزَّير (31 عاماً)، وهي نازحة من مدينة سراقب إلى إدلب، القذيفة المُدمرة إلى عملٍ إبداعي ينبض بألوان الحياة.
وتعشق آمنة العمل اليدوي، مشيرة إلى أنها بجمعها بقايا أسلحة الحروب كـ “القذائف والرصاص، والصّواريخ” من ركام المنازل، تثبت للعالم أنّ “السّوريات يولدن الابداع من رحم المعاناة”.
ورغم بساطة المكونات، إلا أنّ سحر أنامل المرأة الثَّلاثينية، جعل عملها ينتشر على نطاق واسع، فاستأجرت محلاً، يحتضن أعمالها، ويساعدها على تصديرها، كما أفادت.
ويعود عمل “الزّير” عليها بمردود جيد، منذ بدأها به في 2016، “منه أُعيل أسرتي المُكونة من أربع أفراد، إذ أنّ زوجي بلا عمل”.
وبدورها تبتكر رندة الدّيري (21 عاماً)، طالبة من مدينة سلقين في جامعة إدلب، من مخلفات الطّبيعة والأشياء التّالفة، زينةً جميلة.
وانطلقت الشّابة من “الهواية حتى الاحتراف” على حد تعبيرها، فهي دائمة السّعي لتوليد أفكار جديدة ومبتكرة، “أحول الأوراق لصحون، وأوانٍ، وسلال، صالحة للاستخدام في المطابخ”.
وأضافت “ألف الورق على عبوة فارغة بحذر، وألونه، ثم أدهنه بـ”اللكر” ليتماسك، ولا يتلف بسهولة”.

وتُحول “الدّيري” زجاجات الماء والعصير الفارغة، لمزهريات تزين بها الطّاولات والمحال التّجارية، “أحتاج هنا لمجموعة من الألوان والخرز”.
وترى أنّ “محاولاتنا الدّائمة للتخلص مما نظنه تالف كبقايا الأقمشة، وإطارات السّيارات، والأخشاب القديمة وغيرها، في حين أننا قادرون على إعادة تدويرها، مضيعة”.
وتشير إلى أنها تُدرب نساء معيلات على ذلك، كون أعمالها لاقت الاستحسان، وبعثت الرّاحة النّفسية في أماكن وضعها، وتمكنت عبر دخلها منها، أنّ تدفع تكاليف جامعتها.
وتروج لأعمالها عبر غرفة “الواتس أب”، التي تضم مجموعة من النّسوة.
كما وتنسج وليدة الجّرس (29عاماً)، النّازحة من مدينة خان شيخون إلى مخيم بلدة حزانو بريف إدلب الشّمالي، من الملابس الصّوفية القديمة مفارش وأغطية للأدوات المنزليّة، وملابس كالقبعات والجّوارب.
وتشتري “الجّرس”، الملابس الصّوفية من محال الألبسة المُستعملة (البالة)، بأسعار رخيصة، وتقول “أغسلها، ثم أحولها لخيوط، وأنسجها من جديد”، لتبيعها بأسعار تتراوح بين العشرة والمئة ليرة تركية.
وبهذا العمل تساعد وليدة زوجها لإعالة أسرتها، وتستغل أوقات فراغها بما هو مفيد، بعد إنهاء واجباتها تجاه أطفالها الثّلاثة، حسبما أفادت.
وتُشيد المُرشدة الاجتماعية بمدينة إدلب سلام الحمادي (31 عاماً)، بمحاولات سّوريات، خلق فرص عمل تثبت وجودهنّ، وأنهنّ عنصر فعال على أرض الواقع.
وتشير المُرشدة إلى ضرورة التّدريب المهني للمُعيلات، ولا سيما اللواتي يُعانينَ من ظروف الحرب، وتعليمهنّ الخياطة، والحياكة، وإعادة التّدوير، وصناعة الحلويات، ثم توظيف ذلك بإنشاء مشاريع صغيرة.
وتقول، “نريد خلق امرأة قادرة على تحقيق دخل ثابت، يساعدها على العيش بكرامة”.