مخلفات اشتباكات بالحسكة لا تزال سيدة المشهد في حي غويران

الحسكة – نورث برس

يقف هاني عروة ( 36عاماً) وسط ركام منزله بعد أن تدمر بالكامل بفعل المعارك التي دارت بين قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي من جهة وخلايا نائمة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تحصنوا بمنزله، من جهة أخرى.

وخسارة الرجل الثلاثيني وهو موظف حكومي كانت كبيرة، فهو خسر منزلاً كان مؤلفاً من طابقين وآخر مكون من ثلاث غرف، أصبحت كلها متساوية مع الأرض.

وعاد “عروة” إلى حيّه بعد نحو عشرة أيام من الخروج منه، لكنه انصدم كغيره من السكان بواقع الحي بدءاً من مشاهد المنازل المدمرة وتجمع الركام والأوساخ في الشوارع، وسط عدم توفر مادة الخبز.

وفي الحي تنتشر بين منازل السكان الأوساخ التي لم يتم ترحيلها منذ أحداث سجن الصناعة، إلى جانب مخلفات الأبنية المتضررة والمدمرة والآيلة للسقوط بفعل الاشتباكات.

منزل مدمر في حي غويران بالحسكة – نورث برس

وفي هذه الأثناء، يحاول البعض إخراج أغراضهم سواء أكانت ألعاب أطفالهم أو مقتنيات ما زالت صالحة للاستخدام من بين ركام منازلهم، فيما يجهد آخرون بإخراج مخلفات الأجزاء المدمرة من المنازل، وتشاهد نساء ينهمكن في تنظيف الغرف.

ويشتكي عائدون إلى منازلهم في حي غويران من غياب الخدمات في الحي، وسط عدم تعويض المتضررين من المعارك العنيفة التي شهدها الحي.

ولم يتلقَّ “عروة” وهو معيل عائلة مؤلفة من أربعة أفراد التعويض عن خسارته من المنظمات الإنسانية العاملة في شمال شرقي سوريا أو الإدارة الذاتية.

 يقول وهو يشير بيديه إلى منزله الذي لم يبقَ منه سواء جدار متهالك، “صفينا بالشارع”.

أحداث ودمار

وبدأت أحداث الحسكة في العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي حينما هاجمت خلايا نائمة للتنظيم سجن الصناعة  والذي يضم الآلاف من معتقلي “داعش”، الذين اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية خلال سنوات الحرب ضد التنظيم المتشدد.

وتزامن الهجوم مع ثلاثة انفجارات في محاولة لتهريب السجناء واندلعت على إثرها اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وخلايا التنظيم في محيط السجن والأحياء المحيطة به نتيجة تسلل عناصر من “داعش” الفارين إلى تلك الأحياء.

وأدى ذلك إلى نزوح السكان من الأحياء إلى مراكز الإيواء في الحسكة، فيما مكث آخرون عند أقرباء لهم.

وبعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية في الواحد والثلاثين من كانون الثاني/ يناير الماضي، السيطرة الكاملة على السجن ووسط استمرار ملاحقة عناصر “داعش” في الأحياء، عاد السكان تدريجياً إلى منازلهم، لكن البعض منهم وجد منزله مدمراً بشكل كلي، فيما وجد آخرون تضرراً في ممتلكاتهم.

ويصف سكان من غويران حييهم بـ”المنكوب” جراء ما لحق به من دمار وتضرر الممتلكات، حيث تضرر ستون منزلاً ومحلاً تجارياً  في الحي، حسب تقديرات السّكان المحليين.

بالإضافة إلى الضرر الذي أصاب بعض خطوط وشبكات مياه الشرب في الحي وبعض الأحياء الجنوبية الأخرى في الحسكة وهو ما أخر ضخ المياه إلى تلك الأحياء.

فيما خرج فرن غويران الواقع ضمن المربع الذي تمكن معتقلو التنظيم الفارين من السجن وخلاياه من السيطرة عليه، عن الخدمة بفعل الاشتباكات، ما أدى لصعوبة تأمين الخبز.

ويطالب سكان غويران بالإسراع في توفير الخدمات الضرورية وفي مقدمتها الخبز وترحيل أنقاض الأبنية المدمرة والآيلة للسقوط.

“خدمات معدومة”

يقول فرحان السالم (51 عاماً) وهو من سكان غويران إن “الخدمات معدومة، حتى الآن لا تزال القمامة منتشرة في شوارع الحي”.

ويضيف: “المنازل المدمرة لا يزال ركامها على حاله وأصحاب تلك المنازل قاموا بعمليات التنظيف حسب المستطاع”.

ويشير الرجل الخمسيني وهو رب أسرة مؤلفة من ثمانية أفرد، إلى أن معظم سكان الحي هم من ذوي الدخل المحدود، “ليست لدينا القدرة على شراء الخبز السياحي ذو التكلفة العالية”.

ويصف “السالم” وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية الوضع في الحي، بـ”بالمزري”.

وتقول ماجدة أمين، الرئيس المشارك للجنة البلديات والبيئة في مقاطعة الحسكة إن سبب تراكم النفايات في الشوارع يعود إلى توقف عمل البلديات خلال أحداث السجن والمعارك التي استمرت نحو عشرة أيام.

وتشير إلى أن هناك أحياء كثيرة في الحسكة لم يتم استهدافها من قبل البلديات حتى الآن وذلك “بسبب مساحة المدينة الكبيرة”.

ومن المقرر أن تستمر حملة تنظيف شوارع الحسكة من النفايات وأنقاض المنازل المدمرة لمدة شهر كامل، وفقاً لما ذكرته “أمين” لنورث برس.

ولكن يبدو أن كلام الرئيس المشارك للجنة البلديات والبيئة في مقاطعة الحسكة لا يلقى صدى إيجابياً لدى عايدة الحمد (47 عاماً) وهي من سكان حي غويران والتي تصف أوضاع الحي بـ”المأساوية”.

تقول السيدة الأربعينية بلهجة لا تخلو من الغضب، “لم نر أي منظمة أو جهة سألت عن أحوالنا حتى الآن”.

وتطالب “الحمد” التي كانت تقف وسط ركام منزل مدمر، “بالنظر بعين الإنسانية إلى أوضاعنا. المتضررون فقدوا ممتلكاتهم وحاجيات منازلهم التي باتت تحت الركام”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد