أطفال سوريون في أربيل.. بين عمالة مُتفشية ومقاعد دراسةٍ مهجورة

أربيل- نورث برس

جليةٌ أنامل أطفال السّوريين الغضة، وهي تنجز أعمالاً تفوق أعمارهم في شوارع أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، لتأمين لقمة العيش، إذ لا تخلوا إشارات المرور، والورش الصّناعية، وحتى الأسواق المكتظة، منهم.

وفي مركز المدينة، وتحديداً سوق “شيخ الله”، يعمل الطّفل محمد عباس، ذو العشر أعوام، وهو اسم مستعار لمهاجر من مدينة حلب، من طلوع الفجر حتى البزوغ.

ويبيع “عباس” على عربته المُتنقلة مختلف أنواع الخضروات، ويقول لنورث برس، “أحصل على ثلاث آلاف دينار عراقي (دولارين) في اليوم”.

وخلال 2019 و2020، بلغ عدد الأطفال السّوريين الذين حرموا التّعليم، نتيجة النّزوح للدول المجاورة، ما يقارب 750 ألفاً، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد العاملين منهم في مهن شاقة أو المُشردين، حسب تقرير “اليونيسف”.

وبَينَ “عباس” و”عمار العلي”، وهو اسم مستعار لطفل سوري، لا تختلف الظّروف كثيراً، وإنما طبيعة العمل، إذ يصف “العلي” مصدر رزقه، قائلاً “العرباية أحسن من المدرسة”، فهي وسيلة ينقل بها حاجات الزّبائن من السّوق إلى الطّريق العام.

ويشير المُستشار القانوني لوزارة العمل في حكومة الإقليم دلير صابر خوشناو، إلى أنّه لا توجد أرقام ثابتة لعمالة الأطفال، “بالتعاون مع “اليونيسف” أجرت وزارة العمل مسحاً في عام 2010، وبلغ عدد الأطفال العاملين، ما يقارب الاثنا عشر ألفاً”.

ومنذ عام 2011، لجأت آلاف العائلات السّوريّة، إلى إقليم كردستان، وبلغ عددهم ربع مليون شخص تقريباً، ضمن ما لا يقل عن عشر مخيمات موزعة في أطراق الإقليم، ومنهم يقطنون المدن.

وتزايدت الأعداد السّابقة في 2018، بعد الحملة العسكرية التي شنتها تركيا على شمال شرقي سوريا.

ويعتبر “خوشناو” أنّ سبب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال السّوريين، الحرب في مناطقهم، إضافة للفقر والتّفكك الأسري.

وأضاف: “حالهم كالأطفال العراقيين، الذين أجبرهم دخول داعش في 2014 إلى الموصل، للجوء، والعمل بمهن شاقة”.

ويمنع القانون العراقي رقم 71 للعام 1987، والمطبق حالياً في الإقليم، عمالة الأطفال، تحت سن الخامسة عشر، ضمن عدة شروط، ويأخذ بعين الاعتبار مسألة الصّحة، والسّمعة والأخلاق، كما أفاد “خوشناو”.

وتولي مُنظمة “أستيرا” المؤسسة غير الربحية المعنية بشؤون الأطفال في الإقليم، اهتماماً خاصاً باللاجئين السّوريين، وتعمل بالتّعاون مع الجهات الحكومية، على انتشالهم من الشّارع، وإعادتهم للمدرسة.

وتقول رئيسة المُنظمة “سيران صلاح” إنّهم قاموا بجولة على جميع مخيمات اللاجئين السّوريين، “كنا من أوائل المُنظمات التي زارت مخيم دوميز في مدينة دهوك”.

وفي المخيمات أجرت “استيرا” دورات خاصة، “عمدنا إلى تأهيل الأسرة وتعريفها بأهمية حماية الطّفل، ومدى خطورة الشّارع عليه، وما يخلفه من سلبيات تؤثر في تربيته”.

وحسب “خوشناو”، تشاورت الوزارة مع مجموعة مختصين في الإقليم، ومنظمات محلية ودولية، وتوصلوا لخطة استراتيجية.

وتشمل الخطة ستة خطوات “مترابطة ومتكاملة” على حد وصف المسؤول، تبدأ المرحلة الأولى بمسح أعداد هؤلاء الأطفال، ومن ثم البحث في الاستبيانات لتحصيل نتائج، يعقبها إصلاح التّشريعات الموجودة في إقليم كردستان بأكملها.

وأضاف: “سنركز على تدريب المُوظفين في وزارة العمل، و ننشر حملة توعويّة بالتعاون مع وزارة الثّقافة ووزارة الأوقاف والشّؤون الدّينية، وسنهتم بتوعية المجتمع إعلامياً”.

ويأمل “خوشناو” أنّ تكلل هذه  الجهود بـ”تأهيل الأطفال للعودة إلى مقاعد الدّراسة”.

إعداد: سهى كامل –  تحرير: هوزان زبير