سكان ريف كوباني يعتبرون قرار دمج البلديات مخالفاً لأسس الإدارة الذاتية
كوباني ـ نورث برس
انتقد سكان بلدة “تل غزال” والقرى المحيطة بها، قرار إقليم الفرات، شمالي سوريا، بدمج البلديات، واعتبروه مخالفاً للأسس التي تأسست عليها الإدارة الذاتية ولمضمون العقد الاجتماعي الذي يمنح صلاحيات واسعة للإدارات والمجالس المحلية والكومينات.
وتجمع سكان بلدة “تل غزال” إلى جانب آخرين من القرى المحيطة بها، على مدار اليومين الفائتين، أمام مبنى البلدية احتجاجاً على قرار دمج البلديات، ورفضاً لسحب الآليات الخاصة بالبلدية ونقل موظفيها إلى بلدية “شيران” شرقي كوباني.
وقال مصطفى عطي (40 عاماً)، وهو أحد المحتجين على القرار والمتواجدين أمام مبنى البلدية، لنورث برس، إن بلدية “تل غزال” ليست صغيرة كي يتم دمجها، وإن هناك كثافة سكانية في هذه المنطقة، وتأسست منذ عام 2000، وتعتبر إحدى أقدم البلديات في كوباني.
ويوجد في مقاطعة كوباني 11 بلدية، وعند الدمج سيصبح عددها خمس بلديات فقط، بحسب هيئة الإدارة المحلية والبيئة.
وأضاف أن كل موظفي البلدية هم على رأس عملهم، وهناك مجلس للبلدة، وتعتبر جغرافية المنطقة واسعة، حيث ربطت أكثر من 30 قرية بهذه البلدية بعد الحرب السورية وتأسيس الإدارة الذاتية.
وفي عام 2002 تم إنشاء مخطط تنظيمي لبلدة “تل غزال”، حيث يوجد مركز صحي، وعدة مدارس بما فيها مدرسة للمرحلة الثانوية.
وسيؤدي دمج بلدية “تل غزال” مع “شيران”، إلى حرمان القرى الواقعة بين بلدة “شيران” شمالاً حتى بلدة صرين جنوباً من وجود بلدية خاصة بهم، “والمتضرر الأول من قرار الدمج هم الفقراء الذين ليس لديهم وسائط نقل للوصول إلى البلدية”، بحسب “عطي”.
وأضاف أن مشكلة دمج البلديات لا تؤثر سلباً على سكان “تل غزال” فقط، وإنما على كل القرى التابعة لهذه البلدية، حيث أن سكان هذه القرى غير راضين عن القرار.
يخالف أسس الإدارة ويضر بالسكان
وقال “عطي” إن العقد الاجتماعي يعطي صلاحيات واسعة للإدارة المحلية والقرى عبر الكومينات والمجالس المحلية، والقرار المذكور يخالف قرارات العقد الاجتماعي والقرارات السابقة التي تأسست عليها الإدارة الذاتية، والتي بموجبها تم إجراء انتخابات للبلديات وعليها تم تشكيل المجالس.
وأضاف أن القرار الجديد يلغي قرارات المجالس المنتخبة، ويشابه قرارات حكومة دمشق في التحول إلى المركزية ويبتعد عن أسس اللامركزية في الإدارة.
بدوره قال جمال أحمد (45 عاماً) وهو رئيس مشارك لأحد الكومينات في بلدة “تل غزال”، إن سكان المنطقة اجتمعوا في البلدية بعد سماعهم بصدور قرار تم اتخاذه لدمج البلديات.
وأضاف لنورث برس أن على المسؤولين التراجع عن القرار لأنه يعتبره “خاطئاً” ويضر بمصلحة سكان المنطقة، وخاصة أن بلدية “تل غزال” عمرها أكثر من عشرين عاماً، وقدمت خدمات كثيرة لسكان المنطقة.
وأشار إلى أن البلدية نالت المرتبة الأولى في مستوى تقديم الخدمات بإقليم الفرات خلال العام الفائت.
وتقع “تل غزال” في منطقة متوسطة وترتبط بها 36 قرية تبعد عنها 10 كيلو مترات من الجهات الشرقية والجنوبية والغربية وهي قرى تستفيد من خدمات البلدية.
وتقدم البلدية خدماتها لكل القرى المحيطة بها، وتتضمن إيصال مياه الشرب، والحفاظ على نظافة القرى عبر جمع القمامة، إضافة إلى أوراق وسجلات يحتاجها السكان.
وذكر أن دمج البلدية سيؤثر على الخدمات المقدمة للسكان، فالآليات ستضطر لقطع مسافة أطول في حال أصبحت موجودة في بلدية شيران، وستتحمل الإدارة بالتالي تكاليف أكثر.
19 موظفاً سيتضررون
من جهتها قالت ربوعة إبراهيم وهي موظفة في بلدية “تل غزال” ومن سكان قرية “خزينة” جنوب كوباني، إن قرار دمج البلدية مع بلدية شيران، صدر قبل خمسة أيام، وأن 19 موظفاً سيتضررون من القرار.
وأضافت أن هناك موظفين كانوا يأتون من قرى “كردة وزرافيك” القريبة من بلدة “تل غزال” سيضطرون بعد القرار لقطع مسافات طويلة يومياً إلى بلدية “شيران” للدوام، فالمسافة تعتبر بعيدة جداً للموظفين والذين سيتحملون تكاليف إضافية للمواصلات.
وأشارت إلى أن سكان نحو 40 قرية تابعة للبلدية، هم ضد هذا القرار، وهم يجتمعون منذ ثلاثة أيام أمام البلدية احتجاجاً على قرار الدمج.
وقالت إنها وغيرها من الموظفين سيضطرون لتقديم استقالتهم والجلوس في منازلهم بدون عمل في حال إقرار دمج البلديات.
وقال محمود درويش وهو نائب الرئاسة المشتركة لهيئة الإدارة المحلية والبيئة في إقليم الفرات، إن قرار دمج البلديات، هو اقتراح تم تقديمه من قبل هيئة الإدارة المحلية والبيئة ولجنة البلديات، إلى المجلس التنفيذي وسيحتاج لتثبيته موافقة المجلس التشريعي.
وأضاف لنورث برس، أن سبب تقديمهم لهذا المقترح، هو وجود عدة بلديات لديها أعداد قليلة من الموظفين إلى جانب آليات قليلة لا تفي بالغرض.
والهدف من الدمج هو أن تُتم البلديات بعضها وتصبح بلدية كبيرة كي تقدم خدمات أفضل للسكان، بحسب “درويش”.
ودمج البلديات مع النواحي، “لا يعني بأن الخدمات ستتوقف عن هذه البلدية، بل ستصبح أفضل، خاصة أن هناك عدة بلديات لا يتجاوز عدد موظفوها الشخصان، ولا يوجد فيها آليات، وهي بلديات بالاسم ولا تستطيع تقديم خدمات كثيرة للسكان”.
وأضاف أن الموازنة المخصصة لتلك البلديات مثل “بلك، تل غزال، طاشلوك” في عام 2022، سيتم تخصيصها لهم ولخدمات تلك القرى، وأن الدمج لا يعني أن الموازنة ستصبح للبلدية الجديدة.
والمقترح لم يتم تنفيذه بعد، وسيتم الأخذ بعين الاعتبار آراء السكان، وخاصة البلديات التي لديها كثافة سكانية وقرى كثيرة تابعة لها، ويمكن بالمقابل تفعيل بلديات أخرى في الريف بحيث تقدم خدمات لقرى أكثر بحسب “درويش”.
وأضاف: “تثبيت قرار الدمج يحتاج إلى موافقة المجلس التنفيذي والتشريعي”.