قلق سكان شمالي الحسكة من استمرار الهجمات التركية على مناطقهم
تل تمر – نورث برس
يعيش سكان بلدة تل تمر شمال مدينة الحسكة، شمال وشرق سوريا، وسط مخاوف جراء القصف المتكرر للقوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها على المنطقة، دون أي ردة فعل من القوى الضامنة على الأرض.
وشكلت الهجمات التركية الأخيرة على أرياف الحسكة ومناطق أخرى في شمال شرق سوريا، مخاوف متزايدة لدى السكان نظراً لتزامنها مع هجوم تنظيم الدولة الإسلامية(داعش) على سجن الصناعة في الحسكة.
وبعد يومين من هجوم خلايا التنظيم لسجن الصناعة، فقد مدنيّان حياتهما وأصيب ثلاثة أخرون، في قصف تركي طال ريف بلدة عين عيسى شمال الرقة شمالي سوريا.
القصف التركي حينها بدأ مع ساعات الصباح الأولى واستهدف قرى جهبل ومشيرفة والفاطسة شمال البلدة.
وبعدها بعدة أيام، تصدّ مقاتلو مجلس تل تمر العسكري لهجوم بري للقوات التركية على قرية تل اللبن الواقعة جنوب غرب تل تمر.
وقال محمد يونس وهو من سكان بلدة تل تمر إن القصف التركي المتكرر على المنطقة يخلق حالة خوف لديهم وخاصة أن القصف يحصل أمام أنظار القوى العظمى مثل أميركا وروسيا المتواجدتان في المنطقة، “دون التحرك ساكناً”.
ورأى أن القصف التركي الأخير الذي طال شنكال ومخمور في إقليم كردستان العراق وصولاً إلى مختلف المناطق على الخط الحدودي في شمال وشرق سوريا، جاء “بهدف تخفيف الضغط على العصابات الإرهابية التي هاجمت السجن”.
قصف متكرر
وفي العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، هاجمت خلايا نائمة “لتنظيم الدولة” سجن الصناعة في الحسكة، والذي يضم الآلاف من معتقلي “داعش”، قامت قوات سوريا الديمقراطية باعتقالهم خلال سنوات الحرب ضد التنظيم المتشدد.
وتزامن الهجوم مع ثلاث انفجارات في محاولة لتهريب السجناء.
واندلعت على إثرها اشتباكات بين “قسد” وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) بمساندة التحالف الدولي من جهة، وخلايا التنظيم من جهة أخرى، في محيط السجن والأحياء المحيطة به نتيجة تسلل عناصر من “داعش” الفارين إلى تلك الأحياء.
وبعد نحو عشرة أيام من استمرار الاشتباكات، أعلنت “قسد” السيطرة الكاملة على السجن، مع استمرار حملة التمشيط بحثاً عن عناصر التنظيم وخلاياه في أحياء الحسكة.
لكن مع إعلان “قسد” السيطرة على السجن، كثفت القوات التركية وفصائل المعارضة قصفها على مناطق متفرقة من شمال شرق سوريا.
ومنذ مطلع الشهر الجاري، قصفت القوات التركية مرتين على الأقل ريف بلدة تل تمر بالأسلحة الثقيلة، وفي السابع من شباط/ فبراير الحالي، قصفت بقذائف المدفعية محيط قرى دادا عبدال والأسدية والبوبي وتل ذياب شمال ناحية زركان (أبو راسين) شمال الحسكة.
كما تعرضت قرى جتلي، كربشك وبير كنيس، بالريف الغربي لمدينة الدرباسية، لقصف مشابه، بالتزامن مع تحليق طيران الاستطلاع التركي في سماء المنطقة.
وتضررت عدة منازل في القرى المذكورة نتيجة سقوط شظايا القذائف عليها، دون وقوع خسائر بشرية.
كما أدى القصف المدفعي إلى إغلاق الطريق الرئيسي الواصل بين مركز بلدة زركان وبلدة كسرى شمالاً
وتزامن مع قصف الدرباسية، قصف للقوات التركية عدة قرى بريف بلدة أبو راسين، أدت لأضرار في المنازل ونزوح للمدنيين من قراهم، إضافة لقصف طال محور بلدة عين عيسى.
“لا نعلم إلى أين نذهب”
وأعربت الشابة رندا حسين وهي نازحة من قرية القاسمية شمال تل تمر عن قلقها والخوف على مصيرهم بعد هجوم القوات التركية العنيف لريف البلدة مؤخراً.
وقالت “حسين” التي نزحت من قريتها برفقة عائلتها إلى بلدة تل تمر بسبب القصف المتكرر على القرية، “لا نعلم إلى أين نذهب بحالنا؟، يجب إيقاف هذه الهجمات”.
وتقول قوات سوريا الديمقراطية إن القوات التركية لا تلتزم باتفاقيات وقف إطلاق النار وتستمر في خروقاتها، بقصفها للمناطق الآهلة بالمدنيين.
ومنذ أواخر عام 2019، وقعت أنقرة اتفاقيتين مع موسكو وواشنطن لوقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا، عقب اجتياح القوات التركية وفصائل المعارضة منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين).
إلا أن هاتين الاتفاقيتين بقيتا هشة، حيث تشهد عموم نقاط التماس استهدافات متكررة من قبل القوات التركية، بدءاً من بلدتي أبو راسين وتل تمر شمال الحسكة وصولاً إلى عين عيسى، شمالي الرقة.
وبعد يوم من إعلان قسد السيطرة الكاملة على سجن الصناعة، قصفت تركيا محطة كهربائية بريف مدينة ديرك وأدى لإصابة أربع مدنيين وانقطاع الكهرباء عن المنطقة جراء تدمير المحطة.
وداخل مقر عسكري في بلدة تل تمر، قال ماتاي حنا، قيادي في المجلس العسكري السرياني إن ‘جميع الهجمات التركية على منطقة تل تمر، “باءت بالفشل وتصدت لها قواتنا بالرد على مصادر النيران في إطار الدفاع المشروع”.
والمجلس العسكري السرياني هي قوات منضوية تحت راية قوات سوريا الديمقراطية وتنشط في منطقة تل تمر.
وأشار القيادي إلى أن الهجمات التركية التي تزامنت مع الهجوم على السجن كان “مخططٌ لها، كما أن الهجكمات التي جاءت بعد السيطرة على السجن هي ردة فعل من تركيا على فشل داعش”.