غياب الرقابة الحكومية على صيدليات ومستودعات الأدوية في درعا

درعا- نورث برس

تجد صفاء الفرج (30 عاماً) وهي والدة طفل يعاني من اختلاج في مدينة طفس بريف درعا الغربي، جنوب سوريا، صعوبة في تأمين سعر الدواء لطفلها في ظل ارتفاع سعره لدرجة أنه بات يفوق “قدرتي المالية”.

ويحتاج طفل السيدة الذي يبلغ من العمر خمسة أعوام، إلى علبة دواء كل أسبوعين يبلغ ثمنها ما يقارب 30 ألف ليرة سورية.

تشير “الفرج” لنورث برس إلى أن أقرباء لهم في إحدى دول الجوار يرسلون بين الحين والآخر الدواء لهم عبر شركات الشحن البري، لكن أحياناً وعندما يتأخر الشحن تعجز عن شرائه وهو ما يؤثر على صحة طفلها، وفقاً ما ترويه لنورث برس.

ويشكل ارتفاع أسعار الأدوية معاناة إضافية لدى سكان محافظة درعا، حيث ارتفعت أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل كبير مع انهيار الليرة السورية وارتفاع كلفة إنتاج الأدوية المحلية وصعوبة تأمين البديل من الأدوية الأجنبية ورفع الحكومة للأسعار في أكثر من مرة.

وفي السادس عشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أصدرت مديرية الشؤون الصيدلانية بوزارة الصحة السورية، ملفاً يتضمن تعديل أسعار 12758 صنف دوائي بنسبة تقارب الـ30%..

ولكن عقب شهر من رفع التسعيرة، طالبت شركات دوائية في حلب ودمشق، وزارة الصحة في الحكومة السورية، برفع تسعيرة الأدوية بنسبة 40% لتغطية تكاليف الإنتاج وتجنب الخسارة.

وحينها، اقترح المجلس العلمي للصناعات الدوائية في سوريا، أن تكون  نسبة الرفع نحو 70% مع ما يقابلها من مصاريف محلية من كهرباء ومحروقات ونقل وأجور العمال.

وفي حزيران/ يونيو الماضي، رفعت وزارة الصحة في الحكومة السورية، سعر 12 ألف نوع دوائي بنسبة 50%، بعد تهديدات من أصحاب معامل أدوية بالتوقف عن العمل.

لا التزام بالتسعيرة الحكومية:

ولكن فادي الحريري (35 عاماً) وهو اسم مستعار لصيدلي في ريف درعا الشرقي يقول لنورث برس إن أصحاب مستودعات الأدوية لا يلتزمون بالتسعيرة الحكومية.

ويضيف أنه يتم وضع السعر على الفاتورة حسب تسعيرة الوزارة “ويأخذون سعر أعلى ومن يرفض تسعيرتهم لا يستطيع الحصول على الدواء”.

وفي حال لم يقبل الصيادلة بزيادة السعر، يلزمهم أصحاب مستودعات الأدوية على شراء بعض أنواع الأدوية قليلة الاستخدام أو التي قاربت على الانتهاء، “فيضطر الصيدلاني لرفع سعر الدواء لأن الدواء الذي ألزم بشرائه يعتبر بحكم المنتهي”، بحسب “الحريري”.

ويشير إلى أنه هناك تفاوت في أسعار الأدوية بين موزع وآخر.

ولم ينكر “الحريري” قيام أصحاب بعض الصيدليات ببيع الأدوية دون التزام بتسعيرة الوزارة، في ظل فقدان بعض الأصناف مثل أدوية علاج الأعصاب والبديل عنها هي الأدوية الأجنبية “وتكون أسعارها مرتفعة جداً”.

وتباع أبر كليكسان عيار 40 ذات المنشأ السوري بـ 13 ألف ليرة سورية، فيما  يصل سعر نفس الإبرة ذات المنشأ الفرنسي  إلى 26 ألف ليرة سورية.

“مشروع تجاري”

ويشتكي سكان في درعا من غياب الدور الحكومي في ضبط أسعار الأدوية والذي أدى إلى فوضى كبيرة في هذا القطاع، على حد تعبيرهم.

ويصف هؤلاء عمل الصيدليات بأنها أصبحت “مشروعاً تجارياً”.

ويتفق الصيدلي مع السكان أن ارتفاع الأدوية، “مبالغ فيه”، حيث وصل سعر دواء  ديباكين عيار 200 إلى 32 ألف ليرة سورية بعد أن كان سعرها 14 ألف ليرة سورية في آذار/ مارس العام الماضي.

وتصل بعض الأدوية الأجنبية من دول الجوار إلى السوق السورية عبر أشخاص متنفذين على المعابر الحدودية، وفقاً لما ذكره “الحريري” لنورث برس.

وتقول فاطمة الساري(65 عاماً) وهي سيدة من سكان ريف درعا الغربي وتعاني من مرض ضغط الدم إن دواء تريبلاند عيار 10 كانت تشتريه بسعر 4500 ليرة سورية قبل ارتفاع الأسعار ليصبح اليوم بسعر 7500 ليرة سورية.

وتشير إلى أن علبة الدواء الواحدة لا تكفيها لأكثر من أسبوع وخاصة في حالات الغضب تحتاج إلى حبتين في اليوم.

ومنذ عشرين عاماً، تستخدم السيدة الستينية هذا الدواء ويلازمها أينما ذهبت وتراجع الطبيب باستمرار لمراقبة ضغط الدم لديها  وتخطيط القلب.

ولكنها تضيف أنها اضطرت لتغيير شركات الدواء أكثر من مرة بسبب فقدانه في الصيدليات.

إعداد: إحسان محمد – تحرير: سوزدار محمد