الشدادي – باسم الشويخ – نورث برس
أثّرت الهجمات التركية على شمال وشرقي سوريا بشكل مباشر على مدينة الشدادي، فباتت مخاوف عودة تنظيم "داعش" إليها تظهر من جديد بالتزامن مع عودة نشاط خلاياه في المنطقة وقيامها بعمليات خطف واغتيال، مما يثير قلقاً وتخوفاً لدى السكان من عودته إلى مناطقهم مجدداً.
وشنت تركيا وفصائل المعارضة المسلحة (الجيش الوطني) في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، عملية عسكرية في شرق الفرات، سيطرت خلالها على مدينتي رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض بعد قصف جوي تركي مكثف ومعارك مع قوات سوريا الديمقراطية، في حين انتشرت عمليات القصف وتداعيات العملية التركية على كامل مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا.
وقال باسم الحسين، وهو أحد سكان ريف الشدادي، لـ" نورث برس"، إن شن تركيا لعملية عسكرية في المنطقة وقرار التحالف الدولي بالانسحاب من الشريط الحدودي، يعطيان " دفعة معنوية لتنظيم "داعش" لإعادة تشكيل صفوفه وشن هجمات على المنطقة ".
ورأى الحسين أن مسؤولية إيجاد حل سياسي في سوريا لإنهاء الحروب والصراعات الدائرة في البلاد تقع على عاتق القوى الدولية التي تدخلت في الأزمة السورية.
وشهدت السجون الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والتي تضم معتقلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من المحليين والأجانب، بعد العملية العسكرية التركية بأيام، حالات عديدة من الفلتان الأمني وأعمال الشغب التي رافقتها تفجيرات قامت بها خلايا التنظيم.
في /16/ تشرين الأول/ أكتوبر 2019 (بعد العملية التركية بـ/7/ أيام)، شهد سجن الجبسة في الشدادي، والذي يحتوي على أكثر من /3000/ سجين من أفراد التنظيم، توتراً وانفلاتاً أمنياً، حيث أقدم محتجزون من "داعش" على الفرار بعد قيام خلايا خارج أسوار السجن بتفجيرات في المدينة وريفها.
وكانت مدينة الشدادي /60/ كم جنوب الحسكة، قد خرجت عن سيطرة الحكومة السورية في شباط/ فبراير عام 2013 بعد معارك خاضتها مع فصائل المعارضة المسلحة وجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام )، دُمرت خلالها البنية التحتية للمدينة ونُهبت دوائرها الحكومية.
وبعد عام من سيطرة المعارضة المسلحة عليها، شنّ تنظيم "الدولة الإسلامية"، هجوماً عنيفاً عليها ودارت بينهما معارك طاحنة دامت لأيام سيطر بعدها تنظيم "داعش" على المدينة.
وكانت هذه المدينة نقطة البداية ليسيطر بعدها التنظيم على أكثر من 30% من الجغرافية السورية.
وقال خضر الفياض، من أهالي مدينة الشدادي، إنهم أجبروا أثناء سيطرة التنظيم على المدينة، على البقاء في المنازل وعدم الخروج "خوفاً من القتل والنهب والخطف"، لكن المدينة أصبحت مع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، "تتحلى بالأمن والاستقرار، وأصبح الأهالي يتجولون داخل وخارج المدينة والحياة تعود لحالتها الطبيعية".
وقال إبراهيم الأسعد، من سكان البلدة، إن هجمات المعارضة والفصائل المسلحة على المنطقة، أعادت المخاوف لدى الأهالي من عودة تنظيم "داعش" إلى المنطقة، "فهجمات التنظيم وعملياته كثرت ونشطت خلاياه بعد الهجمات التركية على المنطقة"، بحسب قوله.
وكانت وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، قد داهمت في /17/ كانون الأول/ ديسمبر من العام الفائت نفقاً شمالي الشدادي، يتواجد فيه "أبو حارث العراقي" وهو قيادي وأمني الحدود السورية العراقية في تنظيم "داعش".
وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان، حينها، إنها حاصرت النفق الذي كان يتحصن فيه "أبو حارث العراقي" مع مرافقين شمالي الشدادي، وبعد فشل محاولات إخراجهم من النفق اضطرت القوات لإطلاق النار عليهم مما أدى لمقتلهم.
وفي /13/ كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه أقدمت خلية لتنظيم "داعش" على تنفيذ هجوم مسلح على دورية لقوات سوريا الديقراطية كانت قد اعتقلت خمسة أشخاص في الشدادي بتهمة الانتماء إلى التنظيم، وتسببت بفقدان مقاتل في قسد لحياته وجرح آخرين.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية، مدعومة بالتحالف الدولي، قد بدأت في /16/ شباط/ فبراير عام 2016 بحملة عسكرية تحت مسمّى "غضب الخابور" لتحرير الشدادي وجنوبي الحسكة من تنظيم "داعش"، وتمكنت القوات بعد ثمانية أيام من السيطرة عليها وإخراج التنظيم منها.
وتشكّلت في الشدادي، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليها، مجالس محلية مدنية ودوائر خدمية وتعليمية، لتعود عجلة الحياة بعد سنتين من انتشار ممارسات مسلحي "داعش".
وتعتبر مدينة الشدادي منطقة استراتيجية جنوب الحسكة، لأنها صلة وصل بين مدينتي الحسكة ودير الزور وصحراء العراق، ما جعلها سابقاً هدفاً لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما يزيد من خوف وقلق الأهالي من عودة التنظيم إلى شن الهجمات ضدها.