آلاف الأسماء في الرقة تنتظر الحصول على فرصة عمل

الرقة – نورث برس

ينتظر عمر العيسى (26 عاماً) من سكان مدينة الرقة، شمالي سوريا، أن يُدرج اسمه في أحد المسابقات للحصول على وظيفة في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية، بعد مرور وقت طويل على تاريخ تسجيله في مكتب التشغيل.

وبفارغ الصبر، يترقب “العيسى” ورود مكالمة هاتفية من المكتب تبشره بأن بإمكانه التقديم على مسابقة عمل، وهذا الحال منذ سنوات، ولايزال الانتظار مستمراً إلى الآن.

وسجل “العيسى” الحاصل على شهادة في التعليم الثانوي (بكالوريا) في عام 2013 في الرقة، أوراقه الشخصية في مكتب التشغيل بمجلس الرقة المدني في نهاية عام 2019، ليحصل على رقم تسلسل يحمل الرقم 232.

ويعاني شبان وشابات في مدينة الرقة من ارتفاع مضطرد بنسبة العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى قلة فرص التوظيف.

ومنذ تأسيس مكتب التشغيل في مجلس الرقة المدني، بداية عام 2017، جرى تسجيل أكثر من 27 ألف شخص، من بينهم عمال وحملة شهادات وإجازات جامعية، بحسب “مكتب التشغيل في مجلس الرقة المدني”.

استقرار ومردود ثابت


وبينما ينتظر مسابقة التوظيف، يعمل “العيسى” حالياً في أحد محلات الألبسة في سوق مدينة الرقة، بمبلغ شهري يصل إلى 165 ألف سورية، لتأمين ما يحتاجه من مصاريف شخصية، بحسب وصفه.

والحصول على وظيفة في أحد المؤسسات المدنية “أمر صعب”، لكن كسبها هو بمثابة “استقرار مادي جيد، ومردود شهري ثابت يخفف بعض التكاليف المعيشية” بحسب “العيسى”.

وأضاف أن المردود الشهري للعمل في قطاعات خاصة مثل المحلات التجارية، “ضعيف ولا يغطي الحاجات الأساسية في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وغلاء الأسعار في سوريا”.

ويعيد سبب التأخر في حصوله على وظيفة، “لانتشار بعض المحسوبيات والوساطات التي حرمت الكثيرين من حقهم في التوظيف”.

ويرى الشاب أنه يجب على الجهات المسؤولة والمنظمات العاملة في المدينة، توفير فرص عمل في قطاعات خاصة بها، لمساعدة الشباب العاطلين عن العمل.

فرص محدودة وانتظار

قالت جمانة محمد (28 عاماً) من سكان مدينة الرقة، وحاصلة على إجازة جامعية في كلية العلوم، إنها سجلت منذ 2018، على شاغر وظيفة في مكتب التشغيل منذ تخرجها من الجامعة.

وتخرجت “محمد” منذ 2016 من فرعها الجامعي، واستدعاها مكتب التشغيل في كانون الأول/ ديسمبر 2020، لإحضار أوراقها الثبوتية، ولكنها “ما زلت دون عمل. انتظر اتصالهم لأتقدم إلى مسابقة عمل وأتوظف”.

تقول الشابة إن الأعداد المسجلة في مكتب التشغيل في مجلس الرقة المدني، “كبيرة وهناك عدد كبير من الذين سجلوا قبلي وينتظرون دورهم ليتقدموا إلى مسابقة عمل، “فقدنا الأمل وملينا ونحن ننتظر”.

بينما يرى عبد القادر العبو (31 عاماً) من سكان مدينة الرقة، أن فرصة حصوله على عقد توظيف لستة أشهر في مجفف الذرة، يعزز من احتمالية حصوله على عمل آخر.

يقول إن الفرصة التي حصل عليها “أتت بعد كدٍّ طويل، لكنه يأمل أن يحصل على فرصة أخرى مشابهة أو عقد عمل أطول”.

غلاء معيشي وأزمات

وقال مصطفى الجعفر وهو إداري في منظمة قدوة المحلية في الرقة، إن توجه معظم الشباب في الوقت الحالي، أصبح للبحث عن العمل في المنظمات، لأن رواتبها عالية تتوازى مع الغلاء المعيشي والأزمات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة.

ويبلغ متوسط رواتب المنظمات العاملة في مناطق شمال شرقي سوريا نحو 600 دولار أميركي، بينما متوسط راتب الموظف في الإدارة الذاتية يبلغ300 ألف ليرة سورية.

والدخل الشهري في مؤسسات الإدارة الذاتية “ضئيل جداً ولا يكفي لسد حاجة عائلة بعدد أفراد متوسط، على مدى الشهر”، بحسب الإداري.

وأضاف لنورث برس، أن “أغلب المنظمات لا تستقبل موظفين بسبب توزيع الكتل المالية عليها على مدى أربعة سنوات، دون تجديد الموظفين وإتاحة فرصة لباقي الشباب في التوظيف وشروط التوظيف فيها صعبة”.

وأشار إلى طغيان ظاهرة المحسوبيات والمعرفة الشخصية، والتي تدفع بشخص آخر لكسب الوظيفة دون استحقاقها.

تنسيق لتأمين الفرص

وقال منتصر فهمي وهو رئيس مكتب التشغيل في مجلس الرقة المدني، إن فرص العمل قليلة مقارنة بعدد المسجلين منذ تأسيس المكتب، مما يدفع لتذمر بعض الشباب من توفير فرص عمل لهم.

وتأسس كل من مكتب التشغيل ومكتب الشؤون الاجتماعية والعمل التابعيين لمجلس الرقة المدني، في العام 2017، ويقومان بتسجيل بيانات الباحثين عن فرصة عمل، من خلال بطاقات تحمل أرقاماً حسب التسلسل الوظيفي وبيانات أخرى لهم، بحسب مكتب التشغيل في الرقة.

ووصل عدد المستفيدين من مكتب التشغيل في التوظيف في مؤسسات مجلس الرقة المدني والمنظمات نحو 11500 شخص، وفي أول سنتين من تأسيس المكتب كان العدد المسجل أكثر من عشرة آلاف شخص، واستفاد منهم نحو سبعة آلاف، بحسب “مكتب التشغيل”.

وأضاف لنورث برس، أن المكتب حالياً يخاطب المؤسسات والمجالس المدنية بالتنسيق مع مكتب شؤون المنظمات، لتوسيع نطاق مكاتبها وعلمها بهدف توفير فرص عمل جديدة.

ويجري النقاش حالياً لفتح مشاريع سبل العيش، ومنها التدريب المهني وتقديم قروض بسيطة أو منح دعم للعائلات التي تفتقد لمعيل، وخاصةً إذا كان رب المنزل امرأة، وفقاً لـ “فهمي”.

وأشار إلى أن الأشخاص المسجلين في عامي 2018 – 2019 يجري استدعائهم، للحصول على حقهم في فرص العمل، كون مضى على تسجيلهم أكثر من ثلاثة سنوات.

إعداد: عمار حيدر ـ تحرير: عمر علوش