سكان قرية بريف ديرك يطالبون التحالف والقوات الروسية بحمايتهم من القصف التركي

ديرك- نورث برس

يتأمل حسين علي (60 عاماً) مستودعه لتخزين القمح والشعير والذي كان يضم خمسة عشر طناً من المادتين، وقد تحول إلى كومة من الرماد في قريته عين ديوار بريف مدينة ديرك أقصى شمال شرقي سوريا

ويلتفت الرجل الستيني إلى غرف منزله، فيجدها هي الأخرى قد غطا اللون الأسود جدرانها واحترق كل ما بداخلها ولم ينجو شيء من ممتلكاته من القصف التركي الذي طال القرية الأسبوع الماضي.

ويقدر “علي”  قيمة خسائره من القصف التركي بنحو 100 مليون ليرة سورية، إذ أدى القصف لاحتراق منزله بالكامل ومستودع القمح والشعير.

وبينما يتجول في غرف منزله، يعدد الرجل ما خسره، “احترقت أدوات صناعية وأدوية أغنامي وأثاث المنزل وأدوات المطبخ ومواد المؤونة، حتى كتب أولادي الجامعية احترقت”.

ويضيف بعد صمت دام بضع ثوان، ” اندلعت النيران في جميع أنحاء المنزل وأصبح ما فيه رماداً, لا أعلم ماذا أقول؟ أنتم ترون بأعينكم”.

القصف التركي الذي طال القرية، الأربعاء الماضي، خلف خسارات كبيرة بممتلكات السكان، إذ أدى لإصابة شخصين وتدمير منزلين، واندلاع النيران في خمسة منازل, وتسبب بنزوح جماعي لسكان القرية إلى مدينة ديرك.

وقصفت القوات التركية في ذات اليوم، بقذيفتين قرية بستا سوس في منطقة كوجرات بريف ديرك، ولكن لم تنفجرا.

وطال القصف أيضاً قرية كري فرا بريف ديرك واقتصرت الأضرار على المادية.

وقبله بيوم، قصفت القوات التركية المحطة الرابعة للطاقة الكهرباء قرب قرية تقل بقل30 كم جنوب شرق ديرك, وأسفر عن وقوع أربع إصابات للعاملين في المحطة وانقطاع الكهرباء عن المنطقة جراء تدمير المحطة.

دوريات روسية وأميركية

ويطالب سكان عين ديوار القوات الروسية والأميركية المتواجدة في المنطقة بحمايتهم من القصف التركي الذي يتكرر بين الفينة والأخرى ويسفر عن أضرار وخسائر في الممتلكات، فضلاً عن تسببه بحالة من الرعب والهلع بين السكان.

وأمس الاثنين، توجهت دورية أميركية، إلى عين ديوار للاطلاع على آثار الدمار الذي خلفه القصف.

وتألفت الدورية من أربعة مدرعات عسكرية وتجول عناصرها في القرية وزاروا المنازل التي تعرضت تضررت وتدمرت وأخذت صوراً لها وجمعت بعض شظايا القصف.

وتحدث عناصر الدورية مع السكان حول النقاط التي تنطلق منها القذائف التركية والتي تستهدف بشكل عشوائي ممتلكاتهم.

وقال سكان القرية ممن تحدثوا إلى عناصر الدورية، إنهم في موسم الزراعة وهم مقبلون على فترة يستوجب فيها رش السماد في الأراضي الزراعية على الحدود، لكنهم يخشون استهدافهم من الجانب التركي.

وطالبوا عناصر الدورية بالتواجد المستمر في المنطقة الحدودية لتجنب الاستهداف من قبل تركيا.

وفي ذات اليوم، تجولت دورية روسية في القرية ذاتها دون أن تتفقد مواقع القصف.

وقبله بيومين، زارت دورية روسية مؤلفة من ثلاث عربات عسكرية عين ديوار وتحدث السكان أيضاً مع عناصر الدورية حول النقاط التي تنطلق منها القذائف التركية.

وتجري الشرطة العسكرية الروسية والأميركية دورياتها في ريف ديرك بشكل متكرر دون أي توضيحات وتفاصيل تتعلق بها كأهميتها والهدف منها.

ويتساءل سكان عن جدوى تلك الدوريات إذا لم تمنع القوات التركية من قصف المنطقة؟.

“بأي حق يقصفوننا؟”

ويرى رمضان خليل، الرئيس المشارك لكومين “شهيد زنار” في عين ديوار أنه على الدوريات الأميركية حماية المنطقة من الهجمات التركية.

ويحمل “خليل” كما باقي سكان القرية، القوات الأميركية مسؤولية حماية القرية والقرى المتاخمة للحدود.

ويضيف أنهم يحتاجون إلى ضمان لعدم تكرار القصف والهجمات التركية حتى يستطيعوا استثمار أراضيهم والعيش بأمان.

وتعبر وجيهة تمو (55 عاماً) وهي من سكان عين ديوار عن استيائها من القصف المتكرر بالرغم من وجود القوات الأميركية والروسية ومنظمات دولية في المنطقة.

وتضيف بلهجة لا تخلو من الغضب، ” نتعرض للقصف, ولا أحد منهم يسأل لماذا تتعرضون للقصف وتحترق منازلكم؟”.

وتتساءل: “لماذا هذا التجاهل بحقنا، نحن أيضاً لدينا حقوق ونستحق العيش بسلام مع أطفالنا, يأسنا من الفرار من القصف المستمر والهروب بأطفالنا إلى ديرك”.

ولم يقتصر القصف التركي على قرى بريف ديرك، إذ طال أيضاً قرى بريف منبج وقرى الأسدية ودادا عبدال وربيعات بريف ناحية زركان، إضافة إلى قصف قرى بريف تل أبيض وعين عيسى.

وفي هذه الأثناء، يضطر بعض سكان القرية للخروج من القرية كل مساء إلى مدينة ديرك، ليعودوا في الصباح خوفاً من أي هجوم قد يحدث مساءاً ويبقوا عالقين مع أطفالهم في القرية.

وبينما تجلس على كرسي أمام منزلها، تقول المسنة هدية يوسف (67 عاماً) بلهجتها المحلية، “الله ينال منه ونتخلص منه”، في إشارة منها إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتتساءل المسنة التي كانت تلف رأسها بوشاح أبيض، “بأي حق يقصفون أراضينا؟ ماذا يريدون منا؟ هل ألحقنا بهم أذى؟ لن نترك أراضينا ما دمنا على قيد الحياة ولن نسمح لهم  باحتلال أراضينا”.

إعداد: دلال علي- تحرير: سوزدار محمد