مواد أولية وفرص عمل تخلقها ورشات تدوير النفايات في إدلب
إدلب – نورث برس
يقف حسان الجاني (27 عاماً) وهو من سكان مدينة إدلب شمال غربي سوريا، خلف آلة لجرش المواد البلاستيكية في ورشة بمدينة إدلب، وينهمك في تزويد الآلة بالبلاستيك لتعمل على جرشه وتحويله إلى حبيبات ناعمة.
وعلى بُعد بضعة أمتار، يقوم عمال آخرون بقص قطع البلاستيك الكبيرة إلى متوسطة الحجم باستخدام منشار آلي ويتولى البعض الآخر تعبئة الحبيبات الناتجة عن الجرش في أكياس كبيرة، لتصبح جاهزة كمواد أولية يتم تسويقها إلى المعامل والمصانع .
يقول الشاب الثلاثيني، إن عمله لا يخلو من المخاطر فيما لو علقت يده أو قدمه في آلة الجرش، إلى جانب تحمل أصوات الآلات العالية طوال اليوم ورائحة البلاستيك التي تتسبب له بأمراض تنفسية وسعال.
ويضيف: “ولكن لقمة العيش تجبرنا على تحمل كل ذلك”.
ويتقاضى “الجاني” وغيره من العاملين في الورشة30 ليرة تركية يومياً.
وفي إدلب، تنتشر عشرات معامل تدوير الحديد والبلاستيك والكرتون وغيرها وتؤمن حاجة السوق المحلي من المواد الأولية لإعادة تصنيعها وتوفر فرص عمل لسكان إدلب.
وبداية العام الماضي، افتتح محمد الجبان (44 عاماً) ورشة لتدوير البلاستيك على الطريق العام الواصل بين إدلب وباب الهوى وذلك بعد أن تمكن من إخراج آلات معمله السابق معه أثناء نزوحه من بلدة معرشورين بريف إدلب الجنوبي.
ويشتري “الجبان” الأدوات البلاستيكية التالفة والمستعملة من الباعة المتجولين بعد أن اشتروها من السكان، فيقوم العمال بفرز البلاستيك حسب اللون وتبدأ عملية الجرش ضمن آلات خاصة لإعادة تحويلها إلى مواد خام.
ويبيع صاحب الورشة، المواد الخام وحبيبات البلاستيك إلى أصحاب المصانع في إدلب والباب والتي يتم فيها إعادة تصنيع تلك المواد وتحويلها إلى منتجات منها الكراسي والخراطيم الزراعية.
فرص عمل
وتضم ورشة “الجبان” التي تنتج شهرياً حوالي 20 طناً من البلاستيك، آلتان للجرش ومنشاراً آلياً، بينما تكون عملية الفرز والتعبئة بأيدي العمال.
ويعمل في الورشة نحو 20 عاملاً لمدة ثماني ساعات يومياً ويتقاضى كل واحد منهم 30 ليرة تركية ويتم توزيع العمل فيما بينهم، وبعضهم اكتسب خبرة ودقة في العمل، بحسب صاحب الورشة.
وخلال الحرب السورية، تراجع عدد الورشات الخاصة بتدوير البلاستيك كما غيرها من معامل التدوير في إدلب لأسباب أرجعها “الجبان” إلى فقدان الأمان وغلاء مادة الديزل اللازم لتشغيل الآلات وقلة الطلب مقارنة بتلك الفترة.
وحالياً تضم إدلب خمس ورشات لتدوير البلاستيك، فيما كان عددها يفوق الـ15 قبل الحرب، بحسب عاملين في هذا المجال.
ويصل سعر برميل المازوت المكرر بدائياً في إدلب إلى نحو 130 دولاراً (470 ألف ليرة سورية).
فيما يبلغ سعر برميل المازوت الأوروبي والذي تستورده شركة “وتد للبترول” المحتكرة لاستيراد المحروقات إلى إدلب،190 دولاراً (ما يعادل 685 ألف ليرة سورية).
ووفقاً لأصحاب ورشات تدوير الكرتون، التي يبلغ عددها نحو خمسة، فإن كل ورشة تستقبل ما بين 15 و20 عاملاً كحد أقصى وتختلف أجورهم من ورشة إلى أخرى ووفقاً لطبيعة عمل كل واحد.
ويبيع سليم الإبراهيم (50 عاماً) وهو من سكان مدينة إدلب، ما يجمعه يومياً من المواد المعدنية والبلاستيكية وغيرها لورشات التدوير ويجني من ذلك أرباحاً “جيدة”.
ويجوب الرجل الخمسيني يومياً بسيارته أحياء وقرى وبلدات إدلب والمخيمات، لجمع تلك المواد وتبلغ أرباحه يومياً حوالي 100 ليرة تركية، تزيد أو تنقص حسب كمية المواد التي يشتريها.
ويشتري الرجل الخمسيني، الذي يعمل في مهنة شراء الخردوات منذ ما يقارب أربعة أعوام ، الكيلوغرام الواحد من النايلون بليرتين تركيتين، فيما يشتري الكيلوغرام من الحديد بسعر ليرة تركية واحدة ويربح ليرة تركية بكل كيلوغرام عند بيعها.
“نظافة البيئة”
ويرى عبد العزيز الحسن وهو صاحب معمل لتدوير الكرتون في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي وغيره من العاملين في هذا المجال بأنهم يساهمون في “نظافة البيئة”، حيث يتم التخلص من النفايات من خلال الاستفادة منها.
وتنتج ورشة “الحسن” الأطباق الورقية والورق المقوى اللازم لحفظ الخضار والفاكهة وغيرها.
ويقول “الحسن” إنه يشتري الكرتون التالف بأسعار “زهيدة”، بينما يبيع الطن الواحد منه بعد إعادة تدويره بـ 150 دولاراً أميركياً.
ويشير إلى أن ورشته تفتقر لآلات حديثة ولا تحتوي على أي أنظمة حماية ويتم العمل فيها بطرق بدائية، فيما يتم طرح الإنتاج في السوق المحلي فقط بسبب إغلاق المعابر وطرق التصدير إلى خارج إدلب.
وخلال الأعوام الماضية، سيطرت قوات الحكومة السورية وبدعم جوي روسي على جميع المعابر التي كانت تصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة المعارضة السورية، ما أدى لإغلاقها.
وفي أيار/ مايو 2019 سيطرت القوات الحكومية على مدينة ومعبر قلعة المضيق غرب حماة، كما سيطرت على كامل مدينة ومعبر مورك شمال المحافظة نفسها في آب/ أغسطس 2019.
وفي شباط/ فبراير 2020 سيطرت أيضاً على آخر المعابر وهو معبر العيس جنوب محافظة حلب.
ومنذ ذلك الوقت، امتنعت فصائل المعارضة السورية عن افتتاح أي معبر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، على الرغم من الضغوطات الروسية التي تطالب بفتح معابر سراقب في إدلب وميزناز غرب حلب وأبو الزندين شمالها.
وفي مدينة معرة مصرين شمال إدلب، يمتلك أيمن علولو (39 عاماً) ورشة لتجميع الحديد ومخلفات الحرب وتحويله لسبائك.
وتضم إدلب حالياً نحو ما يقارب 10 ورشات لتجميع الحديد.
يقول الرجل الثلاثيني إن عملهم يقتصر على تجميع الحديد المستعمل وكبسه ضمن مكابس مخصصة وتحويله لسبائك ومن ثم تصديره إلى تركيا من معبر باب الهوى من أجل إعادة تصنيعه بسبب افتقار مناطق شمال غربي سوريا لمصانع صهر وصقل الحديد.
ويشير إلى أن ورشته تنتج شهرياً 100 طن من الحديد.