موسم الفطر مصدر رزق لعائلات في إدلب
إدلب– نورث برس
تداوم حنان الأمين (30 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مخيمات بلدة أطمة الحدودية شمال إدلب شمال غربي سوريا، على الخروج في الصباح الباكر رغم الأجواء الباردة إلى الأحراش والأراضي الزراعية في المنطقة لجمع الفطر البري.
وتستغل النازحة التي تنحدر من مدينة سراقب شرق إدلب، فصل الشتاء الذي يعد موسم نمو الفطر بكافة أنواعه، لتحصل على بعض النقود التي تمكنها من شراء مستلزمات منزلية ومعيشية بسيطة، على حد تعبيرها.
ويومياً، تنهمك السيدة الثلاثينية بجمع الفطر نحو ست ساعات وتجني مبلغاً يتراوح بين 35 إلى 50 ليرة تركية يومياً لقاء بيع ما تجمعه لمحلات.
وتجد “الأمين” وهي والدة أربعة أطفال، اثنين منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ذلك المبلغ “مقبولاً إذ يبقى أفضل من لا شيء”.
وخلال فصل الشتاء ووسط أجواء ضبابية، تجمع نساء في إدلب الفطر من الغابات الحراجية والأراضي التي ينمو فيها الفطر.
وتعد نبتة الفطر من فصيلة الفطريات ولها أنواع وأشكال مختلفة بعضها سام غير صالح للاستخدام البشري، والبعض الآخر ينمو طبيعياً بعد هطول الأمطار في بداية فصل الشتاء، ويعد فطر الكمأة من أغلى أنواع الفطر في سوريا.
وتتنوع أصناف الفطر التي تنمو في إدلب ويأتي في مقدمتها الفطر الأبيض والزراعي والغزلاني وغيرها.
وتتراوح أسعارها بين 20 و25 ليرة تركية (نحو سبع آلاف ليرة سورية) للكيلوغرام الواحد، وذلك بحسب نوعية الفطر وجودته.
وساهم السعر “الجيد” للفطر والإقبال على شرائه، بزيادة أعداد العاملين في جمعه وخاصة النساء والأطفال.
مخاطر
ويومياً، يبيع رامي جمال (42 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب محل بقالة في سوق مدينة الدانا شمال إدلب، ما لا يقل عن 50 كيلوغرام من الفطر البري، بعد أن يقوم بشرائه من نساء وأطفال يعملون في جمعه.
ويقول “جمال” إن الإقبال على شراء الفطر جيدة، “وخاصة أنه يعتبر بديلاً عن اللحوم التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها”.
ويحتوي الفطر على نسبة عالية من البروتينات ويحوي كميات من الكالسيوم وفيتامين د ومضادات أكسدة.
لكن العمل في جمع الفطر بمناطق بعيدة عن التجمعات السكنية يحمل بعض المخاطر وخاصة في ظل انتشار مخلفات الحرب غير المتفجرة والحيوانات المفترسة.
وبداية العام الحالي، تعرضت فايزة الحمييد (35 عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة من ريف إدلب الجنوبي لإصابات وجروح متفرقة بعد أن تعرض لها كلب مفترس أثناء عملها بجمع الفطر في أحد الأحراش الجبلية القريبة من بلدة قورقانيا شمال غرب إدلب.

وبعد التئام جروحها، عادت “الحمييد” لجمع الفطر بعد فشل جميع محاولاتها في إيجاد فرصة عمل ثابتة.
وتجمع “الحمييد” وهي زوجة رجل عاجز عن الحركة، قرابة 2 كيلوغرام من الفطر البري يومياً، وتجني 45 ليرة تركية (نحو 12 ألف ليرة سورية) بعد بيعه في سوق الخضراوات في قورقانيا.
وخلال الشهرين الماضيين، أصيب ثمانية أشخاص بينهم 3 أطفال بجروح متفاوتة الخطورة جراء انفجار مخلفات الحرب في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب.
ظروف صعبة
وتقول نساء يعملن في جمع الفطر التقت بهن نورث برس، إن الظروف المعيشية الصعبة وقلة فرص العمل تجبرهن للعمل في جمع الفطر.
ووفقاً لسكان في إدلب فإنه ونتيجة ازدياد الكثافة السكانية في المدينة والمخيمات الحدودية، قلّت فرص العمل وازدادت نسبة البطالة، وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها النازحون والسكان.
وتقول إحصائية لفريق “منسقو استجابة سوريا” إن نسبة البطالة في إدلب وصلت إلى 89%.
وعلى مقربة من خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة، تجمع سعاد الحسيني ( 45عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان بلدة بليون جنوب إدلب، الفطر.
ولا تخفي السيدة الأربعينية هي الأخرى المخاطر التي تتعرض لها خلال عمليات القصف المتكررة، بالإضافة لخطر طائرات الاستطلاع الروسية التي ترصد جميع التحركات في المنطقة، فضلاً عن الأجسام الغريبة ومخلفات الحرب غير المتفجرة التي تصادفها أثناء عملها.
وتجمع “الحسيني” نحو 5 كيلوغرامات من أنواع الفطر البري يومياً وتشير إلى أن الطبيعة الجغرافية في منطقة جبل الزاوية تساهم بشكل كبير في نمو الفطر وهو ما يساعدها على جمع هذه الكميات يومياً.