القامشلي ـ نورث برس
يظهر من خلال الاجتماعات واللقاءات المتزامنة والمنفصلة في آن معاً، الخلاف الذي يأخذ بالتصاعد بين الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، من جانب، ورئيس الوزراء السوري الأسبق، المنشق، رياض حجاب، من جانب آخر. الأمر الذي يثير تساؤلات حول الصيغة النهائية التي سيتم التوصل إليها بين قوى المعارضة السورية على اختلاف مسمياتها وولاءاتها.
وخلال أكثر من عقد على الحرب السورية، فشلت المعارضة على اختلاف مكوناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي “للنظام” القائم في سوريا. وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، بات صوتها خافتا وقياداتها مشتتة وتتحرك وفق ما تمليه عليها أجندات داعميها.
وافتتحت أمس السبت، فعاليات ندوة “سوريا إلى أين؟”، التي انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة.
ودعا حجاب، خلال الندوة، المعارضة السورية إلى “تجديد العهد للسوريين بحمل قضيتهم” والتوصل إلى عملية انتقالية “لا مكان للأسد فيها”.
وشارك في الندوة ممثلون عن مؤسسات قوى الثورة والمعارضة السورية، ومراكز الفكر، ومنظمات المجتمع المدني، وممثلي الجاليات السورية، والإعلام السوري، وعدد من الشخصيات.
ورغم توجيه حجاب دعوة لهما، إلا أن رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، لم يحضرا الندوة.
ومع انطلاق الندوة في قطر، كان المسلط يبحث مع نائب رئيس الجمهورية التركية، فؤاد أقطاي، مستجدات الأوضاع الميدانية وتطورات العملية السياسية.
ووفق بيان صادر عن الائتلاف، شدد المسلط على “أهمية جهود ودور الأصدقاء والأشقاء، لا سيما الدور التركي، من أجل دفع الحل السياسي، ودعم الانتقال السياسي الكامل في سوريا”.
وحضر الاجتماع برفقة المسلط كل من رئيس الحكومة المؤقتة، عبد الرحمن مصطفى، ورئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة.
“خلاف”
وفي الوقت ذاته، كان حجاب في الدوحة يدعو إلى “التحلي بالمسؤولية لإعلاء المصلحة الوطنية ورص الصفوف وجمع الكلمة، وتدشين مرحلة جديدة ينتزع فيها السوريون كافة حقوقهم من النظام الآيل للسقوط”.
ووصف حجاب المعارضة بأنها “أشد إصراراً من أي وقت مضى على تحقيق المطالب وتعزيز الهوية الوطنية والتوصل إلى عملية انتقالية لا مكان فيها لبشار الأسد ونظامه”.
اقرأ أيضاً:
- حجاب يدعو المعارضة السورية إلى “رص الصفوف” خلال ندوة منعقدة في الدوحة
- محضر اجتماع حصلت عليه نورث برس جمع الخارجية التركية والائتلاف السوري يظهر خلافاً بين المسلط وحجاب
وتهدف الندوة إلى “تقييم الوضع السوري والنهوض بأداء المعارضة، ومناقشة آليات إخراج عملية الانتقال السياسي من حالة الاحتباس التي تعاني منها”، بحسب البيان.
وتضمنت فعاليات اليوم الأول من الندوة: “تحولات المواقف الإقليمية والدولية، تقييم أداء النظام وسياساته، واقع قوى الثورة والمعارضة، استطلاع المشهد السوري مطلع عام 2022، والسيناريوهات المتوقعة”.
كما تضمنت فعاليات اليوم الثاني: “ترتيب البيت الداخلي، مساحات العمل الوطني المشترك، رؤية مشتركة للانتقال السياسي”.
ومؤخراً، كشف محضر اجتماع جرى بين الخارجية التركية ووفد من قيادة الائتلاف السوري المعارض، في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، عن وجود خلاف بين الائتلاف بقيادة سالم المسلط ورئيس الحكومة السورية المنشق رياض حجاب.
وجرى الخلاف على خلفية تحضير حجاب للندوة في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يقود رئيس الوزراء السوري الأسبق، والذي انشق عن الحكومة السورية في 2012، حراكاً جديداً لقوى المعارضة السورية.
وحصلت نورث برس على محضر اجتماع جرى في الثامن والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، في أنقرة بين ممثل وزارة الخارجية التركية ومسؤولين اثنين من المخابرات التركية ووفد من قيادة الائتلاف السوري المعارض برئاسة سالم المسلط.
وكشف المحضر عن كيفية تخطيط تركيا لسياسة الائتلاف وتدخلها في شؤونه التنظيمية، عدا عن الموقف السياسي العام للائتلاف، والعلاقة بينه وبين أطياف المعارضة الأخرى، وصولاً إلى تسمية من تريد تعيينهم في المواقع القيادية.
وأظهر المحضر الخلافات بين الائتلاف بقيادة سالم المسلط ورئيس الحكومة المنشق رياض حجاب على خلفية اللقاء الذي يحضّر له حجاب في الدوحة لأطياف وشخصيات في المعارضة.
ورشة عمل
وأظهر المحضر الخلاف التركي – القطري بشأن هذا اللقاء، وكيف عملت أنقرة بواسطة الائتلاف على إفراغ لقاء الدوحة، الذي كانت تخطط له قطر، وحوّلته أنقرة إلى مجرّد ورشة عمل فارغة المضمون والنتائج.
ولهذا لم يشارك كلٌّ من المسلط وأنس العبدة، في ندوة الدوحة التي عقدها حجاب.
ويشير نص المحضر إلى أنّ رياض حجاب يريد تشكيل لجنة متابعة يرأسها هو، مكونة من كل منصات التواصل مع الدول باسم “الحل السياسي في سوريا”.
وبحسب المحضر، فإن دعوة حجاب تشير إلى أن كافة منصات المعارضة سعت إلى تشكيل انطباع أنّ الائتلاف ضعيف وأنّ هناك منصات معارضة أخرى شرعية وأنّه الشخص الوحيد الذي يمكنه جمع كل هؤلاء، إذا كانت تركيا تقبل بذلك.
ونهاية العام الماضي، سربت تقارير صحفية، معلومات عن مشروع إعادة هيكلة للمعارضة السورية، يباشره حجاب، بإشراف مباشر من أنقرة والدوحة.
وكان لافتاً بحسب المشروع، أنه تم التخلي عن فكرة المطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، كما يخلو من أي دعوة للتوحد مع المنصات والتيارات الأخرى، في ظل تغييبه لـ”حكومة الإنقاذ”.
ومشروع حجاب، الذي لا يحمل دعوة إلى التوحد مع منصات موسكو والقاهرة ولا يُدخل في حساباته التشارك مع “حكومة الإنقاذ”، يتضمّن تخلياً عن فكرة إسقاط “النظام السوري”، كطريق أساسية للوصول إلى “سوريا الجديدة”، التي يُراد لها أن تكون ذات سياسات “وسطية”، وتعزل نفسها عن صراعات الإقليم، تحت شعار “المصلحة الوطنية”، والذي يعني عملياً التطبيع مع إسرائيل، والابتعاد عن “محور المقاومة”.
ويُقصي المشروع الكثير من الشخصيات المعارِضة البارزة، ويُقدّم رياض حجاب كشخصية تقود كياناً موازياً للحكومة السورية.
ولكن ما ظهر في اليوم الأول من ندوة، يشير إلى اختلاف في الرأي لدى حجاب، حيث دعا إلى التوصل لعملية انتقالية “لا مكان للأسد فيها”، وفي نفس الوقت كان الخلاف بين حجاب وداعمته قطر، والائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة، برعاية ودعم تركي ظاهراً للعلن.