تفاوت أسعار الأدوية بين الصيدليات في إدلب ورقابة غائبة

إدلب نورث برس

يضطر حسام الدبيس (31 عاماً) وهو من سكان مدينة إدلب شمال غربي سوريا، للسؤال في أكثر من صيدلية عن سعر الدواء الذي اعتاد شراؤه لوالده، ليضمن بذلك عدم تعرضه لما أسماه بـ”الغدر بالسعر”.

ويقول الرجل الثلاثيني، إن والده مصاب بمرض جلدي شبه دائم ويحتاج للأدوية بشكلٍ أسبوعي وهو ما جعله مطلعاً على أسعارها.

ويشير إلى أنه في البداية كان يشتري الأدوية من صيدلية قريبة من منزله، ولكنه اضطر في إحدى المرات لشرائها من صيدلية أخرى قريبة من مكان عمله فلاحظ اختلاف الأسعار بين الصيدليتين.

ويذكر أن سعر الأدوية التي قام بشرائها كانت بـ45 ليرة تركية فقط، في حين أنه كان يقوم بشرائها من الصيدلية القريبة من منزله في حي الجلاء بمبلغ 65 ليرة تركية.

ولم يتردد “الدبيس” بتقديم شكوى لدى نقابة الصيادلة التابعة لحكومة الإنقاذ، “لكني إلى اليوم لم أشاهد أي إجراء تم اتخاذه بحق تلك الصيدلية”.

ويشتكي سكان ومرضى في إدلب من تفاوت أسعار الأدوية بين الصيدليات، وسط اتهامات لحكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) بغض النظر عن المشكلة التي باتت ترهق جيوبهم، وخاصة أن الفرق يزيد أحياناً عن عشر ليرات تركية بين صيدلية وأخرى.

وبعد الانهيار الكبير الذي لحق بالليرة التركية مقابل الدولار الأميركي مؤخراً، شهدت مناطق شمال غربي سوريا ارتفاعاً بمختلف أسعار أصناف الأدوية، وهو ما أتاح لبعض الصيادلة فرصة “استغلال” حاجة السكان وتغيير الأسعار على هواهم، بحسب تعبير بعض سكان التقت بهم نورث برس.

اختلاف مصادر الدواء

ويبرر هيثم علوان وهو اسم مستعار لصيدلي في إدلب تفاوت الأسعار بعدة أسباب، أبرزها انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار وعدم ثباتها وتغيير سعر صرفها في الساعة عدة مرات، إضافة إلى اختلاف مصادر الدواء التي تستورد إلى إدلب.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، سجلت الليرة التركية هبوطاً إلى مستوى تاريخي، وذلك بعد أن وصل سعر صرفها إلى أكثر  من 16 ليرة للدولار الأميركي الواحد، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بحسب موقع “دوفيز” المختص بالليرة التركية.

وأمس الأحد، سجلت الليرة التركية في إدلب 13.5 ليرة أمام الدولار الأميركي الواحد.

وانعكس انهيار الليرة التركية سلباً على السكان في إدلب، خاصةً مع انتشار البطالة بشكلٍ كبير وقلة الأجور التي لا تتجاوز الدولار و النصف.

ويشير الصيدلي إلى أن نقابة الصيادلة وشركات تتبع لحكومة الإنقاذ تستورد الأدوية من مناطق سيطرة الحكومة السورية وتأتي هذه الأدوية من خلال طرق التهريب “وتكون تكلفتها عالية لذلك تباع في الأسواق بسعر أعلى”.

إضافة إلى استيرادها من الدول الأجنبية عن طريق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وأيضاً “تكون تكلفتها عالية بسبب الضرائب الجمركية التي تضعها الإنقاذ”، بحسب “علوان”.

ويذكر “علوان” لنورث برس أن معامل صناعة الأدوية في إدلب تعمل “بإمكانات ضعيفة نظراً لعدم توفر المواد الأساسية لذلك لا يمكنها تغطية حاجة السوق في المنطقة، ما يجبر الشركات على استيرادها من المناطق الآنفة الذكر”.

ويرى الصيدلي أن افتتاح المعابر مع مناطق الحكومة السورية وتخفيض الضرائب الجمركية أو إزالتها بشكل كامل على الأدوية الأجنبية المستوردة من شأنها المساهمة في خفض أسعار الأدوية.

كما أنه يمكن توفير المواد الأساسية للمعامل المتواجدة في إدلب “لكن لا أحد مهتم بذلك”، حسب قوله.

“تجارة”

وخلال الأعوام الماضية، سيطرت قوات الحكومة السورية وبدعم جوي روسي على جميع المعابر التي كانت تصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة المعارضة السورية، ما أدى لإغلاقها.

وفي أيار/ مايو 2019 سيطرت القوات الحكومية على مدينة ومعبر قلعة المضيق غرب حماة، كما سيطرت على كامل مدينة ومعبر مورك شمال المحافظة نفسها في آب/ أغسطس 2019.

وفي شباط/ فبراير 2020 سيطرت أيضاً على آخر المعابر وهو معبر العيس جنوب محافظة حلب.

ومنذ ذلك الوقت، امتنعت فصائل المعارضة السورية عن افتتاح أي معبر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، على الرغم من الضغوطات الروسية التي تطالب بفتح معابر سراقب في إدلب وميزناز غرب حلب وأبو الزندين شمالها.

ويشتكي تمّام الخالد وهو نازح في مدينة إدلب من ارتفاع أسعار الأدوية وخاصة أنه لديه طفلان مصابان بأمراض فطرية ويحتاجان للأدوية بشكلٍ دائم.

ويشير النازح الذي ينحدر من ريف حماة الشمالي إلى أنه قبل ثلاثة أشهر، كان يشتري الأدوية لطفليه بعشرة ليرات تركية ليرتفع تدريجياً إلى أربعين ليرة تركية.

 ويصف “الخالد” عمل الصيدليات في مدينة إدلب بـ”التجارة، إذ أن الصيدلي يضع سعر الدواء الذي يناسبه مستغلاً حاجة الناس إليه خاصةً في فصل الشتاء”.

ويضيف: “العامل الذي لا يتجاوز أجره اليومي الـ 30 ليرة تركية وأصابته وعكة صحية يحتاج لعمل يومين حتى يتمكن من شراء أدويته”.

 إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد