آراء محللين وسياسيين حول تصاعد ظهور “الجولاني” باللباس المدني في إدلب
إدلب – نورث برس
يرى محللون وسياسيون، أن تسويق زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، لنفسه على أنه شخص معتدل، يسعى من خلاله لإظهار نفسه على أنه شخصية مدنية تستطيع حكم المنطقة، ويكون له دور في الحكومة السورية.
وكثر مؤخراً ظهور زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) أبو محمد الجولاني، باللباس المدني في مناطق سيطرته في إدلب شمال غربي سوريا، وفي مناسبات مختلفة كان آخرها زيارته لمخيمات النازحين شمال إدلب.
ويأتي هذا الظهور لـ”الجولاني” بزعم توزيعه مساعدات إنسانية على العائلات النازحة، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لتسويق نفسه على حساب النازحين.
ومنذ نحو ثلاث سنوات تسعى هيئة تحرير الشام بقيادة “الجولاني” لإظهار نفسها على أنها تنظيم غير جهادي ولا يتبع لتنظيم القاعدة.
كما حاولت إظهار نفسها على أنها جهة مقاتلة معتدلة هدفها قتال الحكومة السورية، وذلك لإزالتها من قوائم “الإرهاب” لدى الولايات المتحدة الأميركية.
ونهاية عام 2020 جدد برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية، إعلانه عن مكافأة نهاية العام 2020 قيمتها عشرة ملايين دولار، لأي جهة أو شخص يقدم معلومات عن مكان “الجولاني” وتحركاته.
وقال إن “الجولاني يتظاهر بالاهتمام بسوريا، لكن الناس لم ينسوا جرائم تنظيمه بحقهم”.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على أجزاء واسعة من إدلب وأجزاء أخرى من أرياف حماة وحلب واللاذقية، وتدير هذه المناطق مدنياً من خلال جناحها المدني “حكومة الإنقاذ” التي باتت تتحكم بكافة مفاصل الحياة في تلك المنطقة.
حدود أطماعه تتجاوز إدلب
ومطلع العام الماضي، شهدت مناطق عدة في إدلب احتجاجات طالبت بإسقاط تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني.
وتحظر الهيئة أي محاولة لإنشاء أحزاب، أو تجمعات مدنية أو شعبية أو نقابية، خشية ظهور آراء مخالفة أو مناوئة قد تؤثر على سلطتها الشمولية في المنطقة، وفق مراقبين.
ويقول المحلل السياسي السوري نصر اليوسف الذي يقيم في العاصمة الروسية موسكو، لنورث برس، إن “أهداف زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني واضحة منذ البداية”.
وأضاف “اليوسف” أنها تكمن في أن يجعل لنفسه “موطئ قدم في السلطة السورية القادمة”.
وقال: “لكنه اليوم يكتفي بما أتيح له من حكم شمال غربي سوريا، إلا أن أطماعه أكبر من ذلك بكثير في سوريا المستقبل حتى بعد التسوية الشاملة”.
وأشار إلى أنه “ضرب بعرض الحائط كل الأفكار التي قدمها لأتباعه البسطاء وأصبح يتحدث مع الأميركان ومع الروس ومع أي إنسان ومع أي جهة فاعلة في الشأن السوري وكل ذلك لكي يحجز لنفسه قطعة من الكعكة السورية”.
وقال “اليوسف” بدأ “الجولاني”، “يسوق نفسه على أنه إنسان مدني متحضر ثائر معارض ليس إلا، وينفي كل علاقة له بالتطرف رغم أن كل أفعاله عبارة عن أفعال متطرفة”.
ولكنه “يريد أن يقدم نفسه للعالم وخاصة الأمم المتحدة بأنه إنسان معتدل قابل للتفاوض”.
وأضاف: “جبهة النصرة التي تعتبر بنت القاعدة تحورت كثيراً خلال السنوات الماضية كالحرباء، اتخذت عدة تسميات ولكن هذا الأمر لا ينطلي على المجتمع الدولي”.
ويعتقد المحلل السياسي نصر اليوسف أن “المجتمع الدولي علي أن لا يقبل بوجود الجولاني حتى لو اختار تسميةً ليبرالية، إذ أن تغيير التسمية لا يمكن أن يحجب النظر عن خطورة هذا التنظيم”.
مظهر “الجولاني” يناقض الواقع
ويرى العميد أحمد رحال الذي يقيم في مدينة إسطنبول التركية، أن “الجولاني “يحاول اليوم أن يلعب لعبتين داخلية وخارجية”.
وتتمثل لعبته الداخلية بتقديم نفسه على أنه المنقذ، وحكومة الإنقاذ كما سماها، تساعد النازحين وتقدم لهم المساعدات”.
وقبل أيام قام الجولاني، بتقديم مليون دولار لمساعدة خمسين ألف عائلة.
وخارجياً يسعى الجولاني من خلال ظهوره المدني لتقديم نفسه للمجتمع الدولي بأنه لم يعد رجلاً “إرهابياً” كما كان ينظر له.
ولكن “رحال” أشار إلى أن الحقيقة على أرض الواقع تكون العكس حيث يقوم “باعتقال كل من ينتقده كما فعل قبل أيام، إذ قام باعتقال عدة أشخاص شاركوا في احتجاجات ضد تحرير الشام في بلدة دير حسان شمال إدلب”.
وأضاف أن “الجولاني” اليوم يقوم بسرقة المساعدات الإنسانية ويحتكر كافة القطاعات الاقتصادية، كما تسبب بتوقف الدعم عن عشرات المستشفيات لأنها تعمل في مناطق القاعدة”.
وقال “رحال”: “خلاصة هذا الكلام أن المظهر شيء والواقع مناقض لذلك تماماً”.
ويرى محمد الشامي وهو اسم مستعار لصحفي يقيم في إدلب، أن “الجولاني” يسعى إلى أن “يكون لديه إدارة مدنية في المستقبل كما حركة حماس في قطاع غزة الفلسطيني”.
وقال “الشامي” إن تحرير الشام “نجحت مؤخراً في أن تظهر نفسها للعالم الخارجي بأنها تنظيم غير متطرف”.
وأضاف أن “علاقات الهيئة تطورت مع الخارج، وما يؤكد ذلك تجول زعيمها الجولاني، بكل حرية في إدلب”.