مرض الحصبة يهدد الأطفال في مناطق شمال غربي سوريا

إدلب – نورث برس

حال النزوح المتكرر وحالة عدم الاستقرار الذي تعيشها فاتن المطر (36 عاماً) مع عائلتها في مخيم ببلدة كللي بريف إدلب الشمالي، دون متابعتها للقاحات أطفالها، وهو ما بدأت نتائجه تظهر مع اكتشافها لإصابة أحد أطفالها بمرض الحصبة.

وقالت “المطر” النازحة من بلدة كفرنبودة بريف حماة، إنه ومع ارتفاع حرارة طفلها ذو الستة أعوام، بدت تظهر عليه أعراض أخرى مثل الحكة الشديدة في البطن وسعال وآلام في الحلق، وعند عرضه على طبيب أطفال تبين إصابته بمرض الحصبة .

وبحسب فريق منسقو استجابة سوريا، العامل في المنطقة، هناك 1489 مخيماً يتوزع في مناطق شمال غربي سوريا.

ووصل عدد الأطفال في تلك المخيمات إلى 680.744 طفلاً حتى الثالث من شهر آب/ أغسطس الماضي.

بيئة مناسبة للمرض

ومخيمات النازحين في شمال غربي سوريا مؤهلة لنقل العدوى، بسبب الخدمات المشتركة مثل الحمامات وصهاريج الماء، وهذا ما يجعلها موطناً مناسباً لانتشار الأوبئة.

وتقول “المطر” إن الطبيب طلب منها عزل طفلها المصاب عن إخوته حتى لا تنتقل إليهم العدوى.

ولكنها لم تستطع تطبيق العزل، لأنها “تقيم مع زوجها وأبنائها الخمسة في خيمة واحدة، الأمر الذي دفعها لتقسيم الخيمة بستارة قماشية” بحسب ما ذهبت إليه في حديثها لنورث برس.

والحصبة مرض فيروسي، ينتقل عن طريق الاتصال المباشر أو من خلال الهواء، ويصيب الفيروس الجهاز التنفسي وينتقل بعد ذلك إلى باقي أجزاء الجسم، بحسب الأطباء .

وفقد سليم عبد الجواد (40 عاماً) وهو نازح من ريف معرة النعمان الشرقي إلى مدينة إدلب، ابنته الصغرى “خيرية” ذات الثلاثة أعوام، بعد إصابتها بالحصبة.

وقال “عبد الجواد” إنه “بعد إصابة ابنته تفاقمت حالتها الصحية بشكل كبير مع ارتفاع درجة حرارتها، لتفقد حياتها بعد أسبوع من المرض”.

وأضاف أنه لم يراجع الطبيب المختص للكشف عن حالتها “لأنه لم يتوقع أن يكون المرض بهذه الخطورة. اكتفيت بشراء خافض للحرارة من إحدى الصيدليات” .

مخاوف من تفشي المرض

وقال سامر العبس (41 عاماً) وهو اسم مستعار لطبيب مختص بأمراض الأطفال والخدج وحديثي الولادة، إن العام الحالي “شهد ازدياداً في عدد الإصابات بمرض الحصبة بأعراض متوسطة في مناطق إدلب”.

وأرجع ” العبس” سبب انتشار الحصبة إلى “ظهور طفرة في الفيروس المسبّب للحصبة، وعدم وعي الأهالي بأهمية اللقاح” .

وأشار إلى أنه كلما كان عمر الطفل المصاب أكبر، “تكون الأعراض أشدّ، ويكمن الحل في مسارعة الأهالي إلى تلقيح أطفالهم”.

وقال الطبيب إنه “لا يوجد علاج شافٍ للمرض، وإنما يتم بتقديم العلاج الداعم والعرضي للمرضى خلال إصابتهم”.

واعتبر “العبس” الوقاية خير من العلاج، من خلال إعطاء اللقاح الروتيني المتوفر في مراكز الرعاية الصحية الأولية ويكون على جرعتين، الأولى في عمر السنة، والجرعة الثانية في عمر السنة والنصف.

وحذر من أن وجود إصابات حصبة، “قد يعرض الأطفال غير الملقحين من عمر الستة أشهر إلى السنة للإصابة، لأن الحصبة مرض شديد العدوى، وطفل مصاب قد ينقل العدوى إلى 16 طفلاً آخرين” .

وأشار “العبس” إلى أن أطفال الشمال السوري “تلقوا لقاح الحصبة منذ أربع سنوات”.

وقال إن آخر حملة لقاح “كانت عام 2018 واستهدفت الأطفال من ستة أشهر إلى 14 سنة بعد تضاعف أعداد الإصابات في ذلك العام، حيث سجلت 17 ألف إصابة في شمال غربي سوريا، بعد أن كانت تسعة آلاف عام 2017″، بحسب “العبس”.

وذكر بيان لوزارة الصحة في الحكومة المؤقتة إنه “تم تسجيل 30 إصابة بمرض الحصبة في منطقة الباب وأكثر من حالة في منطقة عفرين خلال الفترة الممتدة من كانون الأول/ ديسمبر الماضي وحتى السابع من الشهر الماضي”.

وأضاف البيان الذي نشرته الوزارة على موقعها الرسمي أن “غالبية الحالات المسجلة هي لأطفال دون سن الخمس سنوات، مع الاشتباه بوجود متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية لطفلة حديثة الولادة”.

إعداد: وعد رحيمة- تحرير: فنصة تمو