إسرائيل تراقب التصعيد التركي ـ السوري في إدلب عن بعد

 

رام الله ـ أحمد اسماعيل ـ نورث برس

 

قال الكاتب الصحفي المقيم في (أراضي 48) نظير مجلي لـ"نورث برس"، إن إسرائيل تراقب ما يجري في الشمال السوري من توتر متصاعد بين تركيا وقوات الحكومة السورية على كل الأصعدة سياسيا وعسكريا وإعلامياً.

 

وأشار مجلي إلى أنه مهم للغاية أن ترى إسرائيل التطورات وتتفرج من بعيد. "ولكن من غير المستبعد أن تكون العقلية التقليدية للسياسة الإسرائيلية هي المتحكمة بألامور، أي تتمنى أن يزداد العراك بين تركيا والحكومة السورية".

 

ويرى مراقبون من الداخل الإسرائيلي، أن الأمر اللافت الذي يهم إسرائيل من معركة الشمال السوري، يتعلق بالعنصر الإيراني، فهي تراقب ما إذا كانت إيران صادقة وقادرة أن تكون وسيطاً بين حليفتها الحكومة السورية وصديقتها تركيا، التي تقيم معها علاقات تعاون متقدمة جداً بالأشهر الأخيرة.

 

ولعلّ القلق الأبرز لدى تل أبيب يكمن في أن نجاح إيران بهذه الوساطة يعني تقوية إمكانياتها وقدراتها ومشاريعها في سوريا، وهو الأمر الذي لا تريده إسرائيل لإيران.. "أي أن تكون أقوى من اليوم"، بحسب المراقبين.

 

 

ويشير المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي لـ"نورث برس" إلى أنه لا توجد علاقة بين القصف الإسرائيلي الأخير في سوريا، وبين ما يجري من معارك في إدلب، موضحا أن تل أبيب امتنعت عن القصف بالشهر الأخير لكنها عادت ومارسته قبل أيام حينما حانت الضرورة العملياتية.

 

ويوضح مجلي أن القصف الأخير كانت أهدافه عينية، حيث تعلقت بوجود قافلة من الأسلحة التي وصلت من إيران عن طريق مطار دمشق الدولي، وقسم من الأسلحة كان بالقافلة، إذ تمكن الإيرانيون من إنزالها في مناطق باتجاه درعا.. وهذا ما دفع إسرائيل لقصف محيط مطار دمشق وأيضاً القافلة نفسها.

 

بيدَ أنّ مجلي يعود ويقول، إنه إذا كان هناك توجه إسرائيلي للمزيد من القصف وضرب القوات الإيرانية، فإن هذا يتصل بتطورات ومآلات معركة إدلب، مشيراً إلى أن إسرائيل عندما تشعر أن الكفة تذهب لصالح طرف ما، من الممكن أن يزداد التدخل الإسرائيلي في سوريا.

 

وينوه في هذا السياق إلى ملاحظة ما قاله نتنياهو قبل أيام "حينما زاد من عيار تباهيه بما يجري في سوريا" فقال "نحن موجودون هناك ونعمل في سوريا هذه الأيام أيضاً".

 

وبتقريب المجهر على تطورات الأحداث في الشمال السوري، فإن العدو الأول بالساحة السورية هي إيران وليس تركيا، علماً أن هناك "علاقات ممتازة" بالمجالين السياحي والاقتصادي بين أنقرة وتل أبيب، بالرغم من المشكلة السياسية بينهما، حيث أن هذا التعاون بينهما يتطور ويزداد باستمرار، وفق مجلي.

 

 

أما إيران، فحسب مجلي، ليست معنية بانتصار طرف على آخر في الشمال السوري وإن كان "ميلها أكبر للنظام السوري فهو الحليف المضمون أكثر من تركيا"، ولكن طهران بحاجة إلى تطور الدور التركي بالأشهر الأخيرة والذي يتمرد على أمريكيا.

وتريد طهران كسب تركيا لا أن تجعلها مهزومة.. وبنفس الوقت بحاجة لانتصارات النظام السوري، ولهذا "الأفضل أن يتثبت الواقع كما هو الآن، وألا ينجر حليفاها لقتال أعمق".

 

من جهة أخرى، يرى مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل ابيب، أنه خلافاً للفكرة السائدة،" لم تنته الحرب بعد".. إذ يستمر التراجع في قوة أجهزة الدولة السورية وتماسكها، وليس ثمة قوة مركزية قادرة على فرض القانون والنظام والأمن الداخلي والاستقرار.

 

ويضيف تقرير "الأمن القومي الاسرائيلي"، أنه وبحسب الظاهر فإن الحكومة السورية قد استعادت سيطرتها على نحو سبعين في المئة، من المناطق السورية، لكن الخدمات الأساسية معدومة في مختلف أنحاء الدولة، وخصوصاً الكهرباء والغاز؛ تعرّض اقتصاد الدولة للانهيار وليس ثمة من يستطيع ترميمه وإصلاحه.

 

ويشير التقرير إلى أن اتفاقيات الاستسلام التي تم التوصل إليها مع "الثوار" والتسويات التي بلورتها روسيا – تلاشت؛ العناصر الجهادية ترمم نفسها وتعود إلى تنفيذ أعمال "إرهابية"؛ روسيا تطمح إلى إرساء نموذج تحكم مركزي، بينما تبني إيران وتفعّل ميليشيات مناطقية ومحلية أقوى من الجيش السوري، يتمتع المقاتلون في صفوفها بشروط محسنة "أفضل بكثير من تلك التي يمنحها الجيش لمقاتليه"، وفق قراءة إسرائيل الأمنية.