غياب سوق التصريف ينعكس على أسعار الحمضيات في إدلب
إدلب – نورث برس
يواجه مزارعو الحمضيات في منطقة جسر الشغور غربي إدلب، شمال غربي سوريا، تحديات تتمثل في انخفاض الأسعار واقتصار تسويق الإنتاج في إدلب دون المحافظات السورية الأخرى، في ظل ارتفاع تكاليف الزراعة.
وهذا العام، فضل مزارعون في منطقتي بكفلا ودركوش بريف جسر الشغور، عدم قطف ثمار الليمون والبرتقال بسبب انهيار أسعارها في السوق والتي لم تعد تتناسب مع تكلفة قطافها وتسويقها إلى إدلب، بحسب قولهم.
ويحمل هؤلاء هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مسؤولية الخسائر التي لحقت بهم هذا العام والعام الماضي، نتيجة إغلاق المعابر مع مناطق سيطرة القوات الحكومية وحصر عمليات بيع المحاصيل في منطقة ضيقة.
وتسبب الإغلاق بجعل كميات الإنتاج التي تتجاوز الخمسة عشر طناً، تباع في إدلب فقط، وهو ما أدى لوصول سعر الكيلوغرام من البرتقال الأول إلى أقل من ليرة ونصف الليرة التركية (أقل من 400 ليرة سورية).
وخلال الأعوام الماضية، سيطرت قوات الحكومة السورية وبدعم جوي روسي على جميع المعابر التي كانت تصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة المعارضة السورية، ما أدى لإغلاقها.
وفي أيار/ مايو 2019 سيطرت القوات الحكومية على مدينة ومعبر قلعة المضيق غرب حماة، كما سيطرت على كامل مدينة ومعبر مورك شمال المحافظة نفسها في آب/ أغسطس 2019.
وفي شباط/ فبراير 2020 سيطرت أيضاً على آخر المعابر وهو معبر العيس جنوب محافظة حلب.
ومنذ ذلك الوقت، امتنعت فصائل المعارضة السورية عن افتتاح أي معبر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، على الرغم من الضغوطات الروسية التي تطالب بفتح معابر سراقب في إدلب وميزناز غرب حلب وأبو الزندين شمالها.
خسائر مادية
وقال سعيد الجمعة (37 عاماً) وهو مزارع من بلدة بكفلا بريف جسر الشغور، إن خسائره هذا العام تجاوزت الألف دولار أميركي نتيجة ارتفاع أسعار الأدوية والمحروقات والأسمدة الذي قابله هبوط أسعار البرتقال والليمون.
ويبلغ سعر طن السماد الروسي المركب 820 دولاراً والمركب الأردني 800 دولار ويوريا (46) الأوكراني 920 دولاراً، فيما يباع السماد العضوي التركي بـ 160 دولاراً.
في حين يصل سعر برميل المازوت المستورد نوع أول لنحو 175 دولاراً بحسب التسعيرة الرسمية لشركة “وتد للبترول” المحتكرة لسوق المحروقات في شمال غربي سوريا.
وقبل إغلاق المعابر، كان يتم تصدير إنتاج أشجار الحمضيات وكافة الفاكهة إلى معظم المحافظات السورية، إضافةً إلى الدول المجاورة مثل الأردن والعراق.
وأشار “الجمعة” إلى أن الخسائر المادية لا تقتصر على مزارعي الحمضيات فقط، “الخسائر تلحق مزارعي كافة أنواع الفاكهة من الرمان والخوخ والدراق الذي كسد في الأراضي الزراعية”.
وتشتهر منطقتي بكفلا ودركوش بزراعة الحمضيات وأشجار الفاكهة، نظراً لطبيعة المنطقتين المنخفضة والدافئة، إذ لا يتشكل فيهما الصقيع وهو ما جعلهما الموطن الثاني بزراعة الحمضيات بعد الساحل السوري.
وتعد زراعة الحمضيات من المحاصيل الاستراتيجية التي يعتمد عليها السكان في المنطقتين كمصدر أساسي للدخل.
فقدان أدوية
ووفقاً لتقديرات مزارعين، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالحمضيات في بلدة دركوش تبلغ 900 دونم ويحتوي كل دونم منها على 40 شجرة حمضيات بمجموع يصل إلى 36 ألف شجرة.
ويتراوح إنتاج كل شجرة منها ما بين 100 و150 كيلوغرام، في حين تزيد كمية الإنتاج المحلي عن 5400 طن في بلدة دركوش وحدها.
وقال معاذ قريش (45 عاماً) وهو مزارع من بلدة دركوش بريف جسر الشغور إن المزارعين وعلى مدار السنوات العشر الماضية تضرروا بشكلٍ كبير، إذ “تسببت الحرب بفقدان أصناف أدوية مهمة كانت تستورد سابقاً من الدول الأوروبية وبأسعار مدعومة”.
وأشار إلى أن غياب تلك الأدوية أثر على الإنتاج وزاد من نسبة انتشار الأمراض بها مثل التعفن التاجي وجفاف الأفرع.
وقال جهاد نعسان (39 عاماً) وهو مزارع من بلدة دركوش، إن العشرات من المزارعين في البلدة اجتمعوا منتصف عام 2020 مع قادة هيئة تحرير الشام للمطالبة بافتتاح المعابر مع المناطق الحكومية، من أجل تصدير محاصيل الفاكهة مثل الرمان والمشمش والحمضيات والتفاح وغيرها.
وأضاف: “لكن الهيئة قابلت هذه المطالب بالرفض بحجة عدم موافقة الحاضنة الشعبية الأخرى”.
وأشار “نعسان” إلى أن بقاء الأوضاع على هو عليه سوف يجبر المزارعين على العزوف عن الزراعة وعن رعاية الأشجار المنتجة ”بسبب الخسائر التي تكبدوها على مدار السنوات الثلاث الماضية”.