القصف التركي يحول دون زراعة مئات الهكتارات بريف عين عيسى وتل أبيض
عين عيسى – نورث برس
عجز مروان مصطفى (40 عاماً) من سكان قرية زرزوري 22 كم غربي تل أبيض، شمالي سوريا، عن تأمين عمال آخرين للعمل في أرضه الزراعية بعد أن تركوا العمل نتيجة وقوع قذائف من الطرف التركي الذي يبعد نحو 3 كم من قريتهم على الأراضي الزراعية.
وقال لنورث برس إن الخوف من القذائف التركية التي تستهدف قريته حال دون بينه وبين زراعة أرضه كما كل عام، “هذا مصدر دخلي الوحيد والآن أنا دون مصدر دخل”.
وكان يعمل في زراعة الفول، لدى “مصطفى”، 50 عاملاً في أرضه التي تبلغ مساحتها 400 دونم، إلا أنه لم يجد إلى الآن عمالاً آخرين ليعملوا في الأرض، “فالعمال لا يعملون في أرضه خوفاً من القذائف التركية”، كما وصف.
ويحول قصف القوات التركية بالتعاون مع فصائل مسلحة موالية لها، لقرى بريف تل أبيض، دون زراعة سكان تلك القرى لأراضيهم الزراعية وفقدانهم مصدر دخلهم الرئيس.
وأضاف “مصطفى” أن سقوط القذائف في الأراضي الزراعية تسبب بهلع بين عمال الحقول الزراعية، وغالباً ما يجد أصحاب الأراضي الزراعية صعوبة في تأمين اليد العاملة للعمل في الحقول التي تقع على خطوط التماس.
وأشار إلى أن القوات التركية تقوم باستهداف وقتل كل مزارع يقترب من أرضه على خطوط التماس وكذلك تقتل رعاة الأغنام وتستهدف المواشي، على اعتبار أن تركيا ترى المنطقة عسكرية ويجب على السكان عدم الاقتراب منها.
ويتكرر مشهد قصف قرى ريف تل أبيض وعين عيسى، منذ سيطرة فصائل من المعارضة السورية الموالية لتركيا بعد العملية العسكرية التي شنتها أنقرة نهاية عام 2019، على شمال شرقي سوريا.
من جهته، يتخوف مصطفى العبد (60 عاماً) من سكان قرية الهيشة 13 كم شرقي عين عيسى، من أن سقوط أي قذيفة، مصدرها مناطق سيطرة تركيا وفصائل المعارضة، قد يأتي على أرضه الزراعية وينهي موسمه الزراعي “قبل أن يؤتي أكله”.
وقال لنورث برس، إن “المزارعين يواجهون صعوبة في تأمين المستلزمات الزراعية، وفي الوقت ذاته لا يدري المزارع إن كان حصاد الموسم سيتم أم تأتي مقذوفات حربية وتقضي على أحلامه وأماله بالحصاد وتحرق المحصول”.
وأضاف أنه رغم وجود نقاط تتبع للحكومة السورية والقوات الروسية، إلا أن القصف التركي يتجاوز كل تلك النقاط العسكرية ويستهدف منازل السكان وأراضيهم الزراعية.
وتحوّلت مساحات واسعة من الأراضِي الزّراعيّة الّتي كانت في السابق مصدرَ دخلِ رئيسي لسكان ريف تل أبيض وعين عيسى، إلى أراضٍ قاحلةٍ بعد نزوح أصحابها هرباً من تركية وفصائل موالية لها.
ونزح عشرات الآلاف منَ السّكّان تاركين خلفهم مُمتلكاتهم ومنازلهم الّتي استولت عليها فصائل موالية لأنقرة، وباتوا الآن يعيشونَ في الخيم والعراء بانتظار مصير مجهول.
وقال عبدالله الخليل، الرئيس المشارك لمديرية الزراعة في مقاطعة تل أبيض، إن مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية على خطوط التماس بين فصائل المعارضة الموالية لأنقرة من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية من جهة أخرى، لا تزرع نتيجة القصف العشوائي على تلك الأراضي.
ويقدر “الخليل” مساحة الأراضي الزراعية التي لا تزرع منذ أن سيطرت القوات التركية على مدينة تل أبيض بأواخر ٢٠١٩، بنحو ٢٥٠٠ هكتار، إضافة إلى الأراضي الحدودية التي تتعرض للقصف بشكل مستمر.
وأضاف لنورث برس أن مزارعي نحو 20 قرية لا يزرعون أراضيهم وهي من أخصب المناطق الزّراعيّة في ريف عين عيسى وتل أبيض من حيث الزّراعة البعليّة، لأنها تقعُ على “خطّ العشرة” وهي منطقةٌ خصبةٌ، وكانت تنتج سنويّاً محاصيل وفيرة من القمح والشّعير.
وأشار إلى أن ترك هذه المساحات من الأراضي الزّراعيّة بوراً سيؤثّر بشكل كبير على اقتصاد المنطقة. وأضاف: “إذ كانت المحاصيل الزّراعيّة في هذهِ المنطقة من قمح تساهم بشكل كبير بتزويدِ المطاحن لتوفير مادّة الخبز للسكان، وتأمين الأعلاف من الشّعير والنّخالة للثروةِ الحيوانيّة”.