الكمأة.. مدخول مادي لسكان الرقة وخطر الموت لجامعيه

الرقة – سام الأحمد – NPA
تنطلق فاطمة العلي “أم إبراهيم” (45 عاماً)، مع بزوغ الفجر برفقة أبنائها الأربعة لبوادي ريف الرقة الجنوبي، التي تآلفت تضاريسها مع فاطمة واعتادت على تفاصليها، وذلك لجمع حبات فطرة الكمأة.
الكمأة هي أحد أنواع الفطريات الصالحة للاستهلاك البشري، وتنمو تحت الأرض في المناطق معتدلة الحرارة، وتعد من أغلى الأغذية الطبيعية في العالم، وتجلب الأرباح بعد ثماني أو عشرة سنوات لمن يريد زراعتها. 
كما يعتمد نمو هذا النوع من الفطر الذي ينمو تحت الأرض على الرعد والأمطار الغزيرة، حيث تسمى في بعض المناطق بدير الزور وريف الرقة الشرقي (شمال شرق سوريا) بـ”بنت الرعد”.
فيما تصنًّف مناطق ريف الرقة الجنوبي القريبة من البادية السورية، من أهم المناطق التي ينبت فيها نبات الكمأة ولاسيما مع غزارة الهطولات المطرية هذا العام في المنطقة الشرقية، وتجاوزها للمعدلات السنوية، أدت بدورها لظهور الكمأة بشكل كثيف.
وتعتبر مهنة جمع “الكمأة” مهنة موسمية لعائلة “أم أبراهيم” التي دأبت على ممارسة هذه المهنة منذ صغرها، كما تعد  مصدر دخل هام لعائلتها، وغيرها من العوائل البدوية في الرقة ودير الزور.
ويبدأ موسم جمع الكمأة من قبل أهالي المنطقة مع بداية فصل الربيع، بمختلف فئاتهم العمرية، ليتم بيعها للتجار الذين يتوافدون من مختلف المحافظات السورية للمناطق الشرقية، ومع كثرة الإقبال عليه من قبل الأهالي لجمعه، ولكن تعتبر هذه العملية صعبة ولا يجيده الكثيرون سواءً أهالي المنطقة، لذلك يتم انتقاء الكمأة من بين الصخور وأعشاب الأرض.
وطيلة موسم جمع الكمأة الذي يدوم لحوالي ثلاثة شهور، يقام في كل قرية أو بلدة سوقٌ صغيرة في ساحاته، ليقصدها جامعو الكمأة وتسويق حصادهم اليومي للتجار الراغبين بالحصول عليه، الأمر الذي يزيد الطلب عليه محلياً ويبقى أسعارها مرتفعة.
وانخفضت أسعار الكمأة لأول مرة منذ عقدين، ليبلغ سعرها الحالي /1500/ ليرة سورية (3 دولار) إلى 2500// ليرة (5 دولار) للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت تصل لـعشرين ألف ليرة (36 دولار) للكيلو الواحد وذلك بسبب وفرة الكمأة بشكل كبير في الأسواق السورية الرئيسية.
ومن جانب آخر من مهنة جمع الكمأة وبعيداً عن الفائدة الاقتصادية لها، فقد نحو /29/ شخصاً لحياتهم أثناء جمعهم للكمأة، نتيجة ألغام خلفتها المعارك الحاصلة في المناطق الشرقية والوسطى، حيثُ قتل حوالي /24/ شخصاً بريف حماة الشمالي الشرقي بمنطقة وادي العذيب جنوب منطقة أثريا في انفجار ألغام بهم.
وعادت مهنة جمع الكمأة إلى رصيد أهالي المناطق الشرقية بعد سنوات من انقطاعهم عنها، بسبب ويلات الحرب التي عاشوها، وخاصة إبان سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على تلك المناطق قبل طردها من قبل الحكومة السورية.