أحداث سجن الصناعة بالحسكة تثير مخاوف سكان قرى حدودية في السويداء من “داعش”

السويداء- نورث برس

أثار هجوم خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)على سجن الصناعة في حي غويران جنوب الحسكة شمال شرقي سوريا, مخاوف سكان القرى الحدودية في السويداء، جنوبي سوريا، من تعرضهم لهجوم جديد، خاصة بعد الحديث عن احتمال تسلل بعض عناصر التنظيم الفارين من السجن إلى البادية السورية المتاخمة للحدود الإدارية الشرقية للمحافظة.

وقال ماهر أبو عمار (45 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان قرية الشبكي بريف السويداء الشرقي، إن هجوم خلايا التنظيم على الحسكة، “يدل على أن تنظيم داعش لم ينته بعد”.

وعبر الرجل الأربعيني عن مخاوفه من تعرض القرية لهجوم من “داعش” مرة أخرى، كما حدث في عام 2018.

وأشار إلى أن “سكان القرية يعيشون في قلق دائم لأنها خط الدفاع الأول باتجاه البادية”.

وفي العشرين من هذا الشهر، هاجمت خلايا نائمة للتنظيم سجن الصناعة في الحسكة، والذي يضم الآلاف من معتقلي “داعش”، الذين اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية خلال سنوات الحرب ضد التنظيم المتشدد، وتزامن الهجوم مع ثلاثة انفجارات في محاولة لتهريب السجناء.

واندلعت على إثرها اشتباكات بين “قسد” وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) بمساندة التحالف الدولي من جهة، وخلايا التنظيم من جهة أخرى، في محيط السجن والأحياء المحيطة به نتيجة تسلل عناصر من “داعش” الفارين إلى تلك الأحياء.

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، أمس الأحد، السيطرة الكاملة على السجن.

اتهامات

 وأعاد هجوم “داعش” على الحسكة، ذاكرة سكان القرى الحدودية في السويداء إلى العام الذي هاجم فيه عناصر التنظيم قراهم وارتكبوا مجازر بحقهم.

وفي الخامس والعشرين من تموز/ يوليو من عام 2018، هاجم عشرات من عناصر التنظيم، السكان في قرى شريحي وشبكي ودوما ورامي وقاموا بقتل العشرات.

وبسبب موقعها الحدودي المحاذي للبادية السورية، كانت الشبكي أولى القرى التي تعرضت لهجوم “داعش”، حيث هاجم التنظيم القرية حوالي الساعة الرابعة فجراً، لتدور اشتباكات استمرت لعدة ساعات، بحسب سكان محليين.

وتسلل ستة “انتحاريين” إلى مدينة السويداء، فجر أحدهم نفسه بالقرب من سوق الخضار، في حين تم ملاحقة الآخرين من قبل شباب المدينة، ليقوم أحدهم بتفجير نفسه بشاب من السويداء عند إلقاء القبض عليه.

وفجر آخر نفسه في أحد المنازل التي حاول الاحتماء بها، ما تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى.

واحتشد وقتها مئات الشباب من مختلف مدن وبلدات السويداء، كما التحق بهم مجموعات من الشباب من جبل الشيخ وجرمانا وصحنايا وغيرها، لصد هجوم تنظيم “داعش”، وكان ذلك مع ساعات الصباح الأولى حيث استمرت المعركة نحو أربع ساعات.

ورغم غياب الإحصائيات الدقيقة حول ضحايا هجوم “داعش” على قرى السويداء الشرقية، إلا أن سكان محليون يقدرون العدد بنحو 260 مدنياً، في حين قتل أكثر من 80 عنصراً من التنظيم.
وخطف التنظيم نحو 30 شخصاً من النساء والأطفال، تم استعادتهم بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر، عبر صفقة تبادل تمت بين التنظيم والحكومة في دمشق.

ويتهم سكان من المحافظة الحكومة السورية بأنها وراء وجود عناصر التنظيم في بادية السويداء الشرقية، وأنها سهلت لهم العبور من مخيم اليرموك إلى البادية عبر تسويات واتفاقات.

في حين يرى البعض أن مجزرة “داعش” في القرى الشرقية للسويداء “كانت تحت علم المخابرات الحكومية آنذاك”.

مخاوف متزايدة

ويقول سكان من قرية الشبكي إن القوات الحكومية قامت قبل نحو شهرين من هجوم “داعش” على القرى الشرقية الحدودية بسحب الوحدات العسكرية التي كانت متواجدة شرق وشمال المحافظة.

كما انقطت الاتصالات عن القرية قبل الهجوم بساعات، بحسب قولهم.

وتزداد مخوف سامر أبو عمار (23عاماً) وهو من سكان الشبكي من تعرض قريته لهجوم من عناصر “داعش” وخاصة أن شبكة الاتصالات الأرضية في القرية تنقطع يومياً أكثر من عشرة ساعات، “بحجة نقص الكهرباء”.

ويشير إلى أنه حتى أبراج تغطية الهواتف المحمولة كانت تعمل بشكل جديد قبل هجوم “داعش” عام 2018، ولكن “بعد فترة من الهجوم تم نقل الأبراج التي تغطي القرية لتصبح تغطية الهواتف المحمولة سيئة جداً”.

كما تعاني القرية من مشكلة في الموصلات، حيث هناك حافلة صغيرة واحدة لنقل الركاب إلى السويداء، بالإضافة إلى أن المركز الصحي في القرية ذو خدمات محدودة جداً ويعاني نقصاً حاداً بالأدوية، بحسب سكان.

وأمام هذه الظروف، يتساءل سكان القرية عن كيفية التواصل مع الخارج أو الخروج من القرية في حال تعرضت لهجوم جديد من “داعش” ومن الجهة التي ستحميهم؟.

وبعد الهجوم، عادت عائلات إلى القرية بعد نزوحها منها، فيما لم يعد آخرون وسط توجسهم من وجود خلايا نائمة للتنظيم في البادية السورية.

وقال حسن الجباعي (40عاماً) وهو اسم مستعار من قرية الشبكي إن الحكومة السورية تعاملت “بمنطق المحسوبيات في  تقديم المساعدات للسكان المتضررين من الهجوم، حيث اقتصرت المساعدات على تعويض بعض أصحاب المنازل المتضررة”.

وأضاف: “الدولة لم تساعدنا بشكل عام، تصل مساعدات من مغتربي الخارج ولكنه خجولة لا تكفي لترميم المنازل المتضررة والمدمرة”.

إعداد: رزان زين الدين- تحرير: سوزدار محمد