نازحون في الحسكة فروا من هجوم “داعش” يتخوفون من العودة لمنازلهم
الحسكة – نورث برس
يتنقل سالم الصالح (31 عاماً) وهو نازح من مدينة سري كانيه (رأس العين) برفقة عائلته بين منازل أقاربه في مدينة الحسكة، منذ هجوم خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على سجن الصناعة في حي غويران جنوب الحسكة.
ويرغب الرجل الثلاثيني بالعودة إلى غرفته في مدرسة بحي غويران، والتي باتت منذ أكثر من عامين منزلاً لعائلته المؤلفة من ستة أشخاص، لكن مخاوفه من تواجد خلايا التنظيم ومعتقلين فارين من السجن في الحي يمنعه من المخاطرة بذلك.

وينتظر “الصالح” بفارغ الصبر الإعلان عن انتهاء حملة التمشيط في أحياء الحسكة للعودة إلى المدرسة.
وكان الرجل الثلاثيني قد نزح من مسقط رأسه بعد العملية العسكرية التركية برفقة فصائل معارضة موالية لها على منطقته في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، واستقر في مدرسة بحي غويران، بعدما عجز عن دفع إيجار المنزل الذي استأجره في البداية.
ولكن في العشرين من هذا الشهر، وبعد اندلاع اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وخلايا تنظيم “داعش” وعناصره الفارين من السجن، ترك “الصالح” وجميع النازحين في مركز الإيواء، المدرسة وتوجهوا إلى أحياء أخرى.
وفي ذلك اليوم، شهدت الحسكة اشتباكات بين “قسد” وقوى الأمن الداخلي (الأسايش) بمساندة التحالف الدولي من جهة، وخلايا التنظيم من جهة أخرى، في محيط سجن الصناعة بحي غويران، إثر هجوم لخلايا من “داعش” السجن، تزامن مع ثلاثة انفجارات في محاولة لتهريب السجناء.
وتسببت تدهور الأوضاع الأمنية وانتشار خلايا وعناصر “داعش” الفارين من سجن الصناعة بين الأحياء السكنية، بحركة نزوح جماعي لسكان أحياء غويران وحي الزهور والنشوة وفيلات الحمر إلى الأحياء الوسطى والشمالية من الحسكة.
لا مخاطرة في العودة
وقال رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، شيخموس أحمد، إن قسماً من النازحين يتوزعون في مركزين وهما جامع “مصعب بن عمير” في تل حجر وجامع “المصطفى” في الأحياء الشرقية من المدينة.
ويتواجد في هذين المركزين بحدود 225 عائلة مكونة من نحو ألف شخص، فيما لجأ آخرون للسكن مع أقرباء لهم في الأحياء الشمالية والغربية من المدينة، بحسب “أحمد”.
وأشار إلى أعداد النازحين من حيي غويران وحوش الباعر لا تتجاوز خمسة آلاف شخص، “نظراً لوجود أعداد كبيرة منهم في منازلهم والمناطق المحاذية للحيين”.
وأضاف أن “ادعاءات وجود 45 ألف نازح غير صحيحة”.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية، في مؤتمر صحفي عصر الأربعاء الماضي، السيطرة الكاملة على سجن الصناعة.
ووسط استمرار عملية التمشيط وملاحقة عناصر التنظيم في الأحياء السكنية، عادت عائلات نازحة من حي غويران إلى منازلها، في حين لا يخاطر معظم النازحين بالعودة، وسط مخاوف من تواجد عناصر التنظيم في منازلهم.
وأمس الأحد، ذكرت قيادات عسكرية، أن حملات التمشيط في أحياء الحسكة، أسفرت عن اعتقال المئات من خلايا وفارين من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتتفاقم الظروف المعيشية لـ”الصالح” الذي يعمل سائقاً على دراجة نارية، لعدم قدرته على العمل نتيجة استمرار الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وعناصر التنظيم وخلاياه في أحياء بالحسكة وفرض حظر كلي في الحسكة.
بالإضافة لعدم حصوله على مساعدات إنسانية، من شأنها أن تخفف عن عائلته معاناة النزوح في ظروف جوية شديدة البرودة.
ويضيف: “نتمنى أن ينتهي هذا الوضع في أسرع وقت ممكن”.
“أوقات عصيبة”
وبعد يوم من هجوم “داعش” على السجن، فرضت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، حظراً كلياً للتجول في مدينة الحسكة مع إغلاق الدخول والخروج للمدينة.
وقالت “الأسايش” إن الإغلاق سيستمر “حتى إشعار آخر”، ودعت السكان للإبلاغ عن أي حركة مشبوهة ضمن المدينة.
ويسرد فهد العلي (65 عاماً) وهو من سكان حي غويران، “الأوقات العصيبة” التي يعيشونها بعد نزوحهم من منزلهم منذ أكثر من عشرة أيام.
ويقول الرجل المسن الذي تتألف عائلته من سبعة أفراد، “حدثت انفجارات وضربات بالقرب من كراج حي غويران وسجن الصناعة، خرجنا نحن وأولادنا سيراً على الأقدام”.
ويضيف: “كان هناك الكثير من السكان وبينهم مرضى، توجهنا إلى منزل أحد أقاربنا، لم يعتنِ بنا أحد من منظمات أو غيرها في ظل اشتداد موجة البرد، عانينا كثيراً، ليس هناك دول أو منظمات قدمت مساعدات لنا”.
ونقل “العلي” مشاهداته حول أوضاع السكان الفارين من الخطر، “هناك أناس وأطفال ينامون في الحدائق العامة في هذا الشتاء، أين منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية؟”.

ويتخوف هو الآخر من العودة إلى منزله بسبب انتشار خلايا التنظيم وعناصره الفارين من السجن بين الأحياء السكنية.
ويطالب “العلي” القوات الأمنية بضرورة ضبط الأوضاع بشكل نهائي، “نريدهم أن ينتهوا من التمشيط ويقضوا على هؤلاء الذين لا يخفون الله، فليستمروا في حملة التمشيط والقضاء على الخلايا لأننا لا نريد أن يقع المزيد من الضحايا”.