المطبخ السوري في أربيل.. موائد نقلتها الحرب للجوار

أربيل- نورث برس

اجتاح المطبخ السوري مدينة أربيل في إقليم كردستان على غرار الكثير من مدن الشرق الأوسط والعالم تحت تأثير الأزمة المشتعلة في البلاد منذ نحو عشرة أعوام، وقد حقق نجاحاً على مستوى العراق، فجذبت الخدمة المميزة والأطباق المتنوعة السكان.

وبأسماء سوريّة، معظمها شامية، افتتح سوريون مطاعم ومقاهي، بلغ عددها العشرات في مدينة أربيل بحسب متابعة ميدانية أجرتها نورث برس.

وحققت مشاريع المطاعم في عاصمة إقليم كردستان لأصحابها ربحاً نسبياً، إذا ما تم وضع الظروف السورية بعين الاعتبار، وقد نال رضى السكان العراقيين، إلى جانب آلاف السوريين الذين يعيشون في المدينة.

وبلهجته البغدادية، يقول العراقي إياد إسماعيل (30 عاماً) لوكالة نورث برس: “ماكو أطيب من الطبخ السوري”.

وكان الشاب يتوق لتناول سندويشة الشاورما السورية، وقد حصل ذلك بعد أن دخلت المطاعم السورية في المنطقة.

 يضيف أن “طريقة إعدادها مختلفة عن السندويش العراقي، فمنذ أن وصلت الشاورما السورية إلى أربيل، جميع أصدقائي أثنوا عليها، لابد أن الوصفة السورية فيه شيء من السحر”.

سر الإتقان

وتوافق نادية حسين، وهي شابة عراقية من الموصل، على أن “المطبخ السوري أحدث تغيرات كبيرة في سوق أربيل، وقدّم للزبائن على اختلاف جنسياتهم مجموعة متنوعة من الأطباق، سواء الوجبات التقليدية السورية كالفلافل والمسبّحة والحمّص والمناقيش، أو الوجبات  المطبوخة كالملوخية والشاكرية والمقلوبة وغيرها”.

وترى نادية أن الاتقان، هو أكثر ما يميز الطبق السوري عن غيره من الأطباق في أربيل.

مطعم سوري في أربيل
مطعم سوري في أربيل

وتضم أربيل مختلف المطابخ العربية والعالمية، لكن الطعام السوري ” ليس لمجرد إشباع الجوع، بل حالة اجتماعية تلتقطها العين قبل أن يتذوقها اللسان والاهتمام بأدق التفاصيل، لتقديم الوجبة بأبهى صورة”، على حد تعبير نادية.

وازدادت هذه المطاعم مع ارتفاع عدد اللاجئين السوريين إلى ما يزيد عن المليون لاجئ توافدوا إلى إقليم كردستان، هرباً من ظروف الحرب السورية.

 ودخل معظمهم قطاع السياحة كالفنادق والمطاعم، نقلوا المطبخ السوري إلى أربيل، وشكلوا حالة إثراء وتنوّع، ونجحوا في تعريف الزبون العراقي بوصفات مطبخهم.

ولا يوجد إحصائية لأعداد المطاعم السورية في أربيل، لأن هيئة السياحة المعنية بشؤون التراخيص وتسيير هذا النوع المشاريع، لا تجدولها على أساس سوري أو عراقي أو غيره.

منافسة وأسعار

ورغم الثناء على الأطباق السورية، “يبقى الكثير من السكان يفضلون الأطعمة الشعبية العراقية، التي تمتاز بطقوسها المرتبطة بالذاكرة والطفولة” هذا ما قاله الشاب العراقي بنيان الشمّري.

 وأضاف أن المطعم الشعبي العراقي يحرص على تشغيل أغاني ناظم الغزالي وغيره من المطربين العراقيين ليمتلك سحراً لا يمكن لأي مطعم وافد منافسته.

وأكثر ما يشتكي منه السكان في المطبخ السوري الذي نقلته الأزمة إلى أرجاء المعمورة، هو ارتفاع الأسعار مقارنة بالعراقي.

وقال “الشمرّي” إن معظم المطاعم السورية “فخمة”، ما يجعل أسعار وجباتها باهظة، وبالتالي تجذب فئة معيّنة من الناس، على خلاف طبق الكباب العراقي، الذي يمكن الحصول عليه بثلاثة آلاف دينار أي ما يعادل دولارين فقط.

ورغم أن مطبخ بلاد ما بين النهرين يعود تاريخه إلى السومريين والبابليين والآشوريين، حيث بلغ ذروته في القرون الوسطى عندما كانت بغداد عاصمة للخلافة العباسية، إلا أنه تأثر بتقاليد الطهي في الدول المجاورة، فأضيفت العديد من الوجبات والأطعمة السورية والتركية والإيرانية إلى وصفاته الخاصة.

حُسن ضيافة

ويقول سنان سعد، وهو مدير مطعم “فول وحمّص” في أربيل، إن السبب الرئيس لنجاح المطبخ السوري هنا هو تنوّع الأطباق التي يقدمها، واعتماده على الخضار والزيوت إضافة إلى اللحوم، أما المطبخ العراقي فيقوم على اللحوم والأرز بشكل أساسي، ما يجعل الخيارات محصورة بعدة أطباق.

ومن المرجح أن ارتفاع الأسعار في المطاعم السورية في العراق تعود إلى تكاليفه من حيث أجور المبنى واليد العاملة وغلاء المواد الأساسية.

ونتيجة اختلاف أذواق الزبائن، قد تقدم بعض المطاعم السورية أطباقاً غير سورية يفضلها الناس في البلد المضيف.

وأشار “سعد” إلى ما وصفه بـ”حُسن الضيافة والموسيقا والأجواء التي تخلقها المطاعم السورية في أربيل  كلها أدوات مكّملة للطبق اللذيذ”.

إعداد: سهى كامل-  تحرير : هوزان زبير