انهيار الليرة التركية وانخفاض الطلب يتسببان بتوقف معامل لأحجار البلوك بريف إدلب
إدلب – نورث برس
يخشى يوسف المختار(51 عاماً) وهو صاحب معمل تصنيع أحجار البلوك وبيع الإسمنت، من تعرضه لخسائر كبيرة في حال لم يتمكن من بيع المواد لديه وخاصةً أن مادة الإسمنت تتأثر بالرطوبة في فصل الشتاء إن بقيت لفترة طويلة في مكانها.
ويشير الرجل الخمسيني إلى أن معمله، الواقع في بلدة أطمة الحدودية مع تركيا شمال إدلب، يحوي مواد تقدر قيمتها بنحو 13 ألف دولار أميركي، “ولم أتمكن من بيع سوى جزء قليل منها”.
وقبل نحو شهر ونصف أوقف “المختار” الإنتاج في المعمل، نتيجة انعدام الطلب لا سيما بعد تراجع حركة البناء بسبب
ارتفاع أسعار مواد البناء الأساسية المستوردة من الأراضي التركية جراء انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي.
ومنذ حزيران/ يونيو من العام 2020، صدر قرار من حكومتي السورية المؤقتة والإنقاذ، يفرض التداول بالعملة التركية بدلاً من الليرة السورية التي شهدت حينها انهياراً كبيراً وصل إلى نحو خمسة آلاف ليرة سورية مقابل كل دولار أميركي.
ومنذ ذلك الوقت يتعامل السكان في إدلب بالليرة التركية التي سجلت، الخميس، قيمة 13.35 ليرة مقابل الدولار الواحد، بحسب مواقع متخصصة.
ويصل سعر القطعة الواحدة من أحجار البلوك لأكثر من ليرة ونصف ليرة تركية (نحو 500 ليرة سورية)، فيما يباع كيس الإسمنت الواحد بنحو 45 ليرة تركية (10 آلاف ليرة سورية) وتجاوز سعر الطن من الحديد الـ 800 دولار أميركي.
عمال متضررون
ووفقاً لأصحاب معامل صناعة أحجار البلوك، فإن معظم مشاريع الإعمار الكبيرة والتي كانت تشغل كل تلك المعامل، “توقفت ولا أحد يقوم اليوم بشراء مواد البناء إلا في الحالات الضرورية مثل بناء غرفة صغيرة أو محل تجاري صغير”.
وانعكس ذلك على أصحاب معامل تصنيع أحجار البلوك الذين اضطروا غالبيتهم لإيقاف الإنتاج وتسريح العمال لديهم.
وقبل نحو عام، كان معمل “المختار” يضم أكثر من 15 عاملاً يعملون في صناعة أحجار البلوك، إلا أن انهيار الليرة التركية أمام الدولار بشكلٍ متواصل جعله يقوم بتسريح 10 منهم على مراحل متتالية واستمر ذلك حتى أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
ويعتمد أصحاب معامل الحديد والاسمنت وأحجار البلوك على شراء مواد البناء بالدولار وبيعها بالليرة التركية بسعر الصرف اليومي.
وتستورد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تسيطر على أجزاء واسعة من إدلب وأجزاء أخرى من أرياف حماة وحلب واللاذقية، مواد البناء من تركيا من خلال شركات خاصة تابعة لها.
واضطر مصطفى العموري (39 عاماً) وهو صاحب معمل لصناعة أحجار البلوك في بلدة أطمة، هو الآخر، لتسريح 12 عاملاً يعملون في معمله والإبقاء على أربعة فقط، “بسبب تراجع شراء البلوك بشكلٍ كبير لا سيما في الأشهر الثلاث الماضية”.
ويقول الرجل الثلاثيني، إن انهيار قيمة الليرة التركية أدى لتوقف عشرات مشاريع الإعمار في المنطقة، “أبيع حالياً 50 إلى 100 حجرة بناء يومياً وعدة أكياس من الإسمنت فقط”.
ويشير “العموري” إلى أنه يعتمد على مشاريع المنظمات الإنسانية لبيع إنتاج معمله “فلولاها لأوقفتُ الإنتاج في معملي بشكلٍ كامل”.
انخفاض الإنتاج
وقبل انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار، كان معمل “العموري” ينتج أكثر من أربع آلاف قطعة من حجارة البناء أسبوعياً لتنخفض القدرة الإنتاجية إلى أقل من 500، تجري صناعتها على فترات متفاوتة وحسب الطلب.
كما كان يبيع أكثر من 10 أطنان من الإسمنت وانخفض حالياً إلى أقل من طن أسبوعياً.
وتأثر جميع أصحاب المهن والصناعات في مناطق شمال غربي سوريا، بسبب انهيار قيمة الليرة التركية، إذ توقف البعض بشكل كامل عن العمل، في حين يستمر البعض الآخر بعمله لكن “بوتيرة ضعيفة جداً” بسبب الارتفاع الذي لحق بأسعار المواد الأساسية لاسيما المستوردة منها.
وتأثر عمل هيثم المحمود (32 عاماً) وهو صاحب محل لتفصيل أبواب الخشب والنوافذ المنزلية بتوقف عمليات البناء في المنطقة.
يقول “المحمود” إنه بات يفكر بإغلاق محله بسبب قلة الزبائن وعدم قدرته على تحمل مصاريف المعمل الذي يستأجره بمبلغ 250 دولاراً وسط بلدة أطمة، فضلاً عن دفع قيمة اشتراك الكهرباء، “وكل ذلك يقابله ركود في العمل بشكلٍ حاد”.
ومنتصف العام الفائت، كان “المحمود” يقوم بتفصيل نحو 30 باباً وأكثر من 50 نافذة شهرياً، لكنه اليوم بالكاد يفصل 10 أبواب و15 نافذة.
ويشير إلى أنه يدفع ما يجنيه من أرباح، كإيجارات لصاحب المعمل واشتراكات الإنترنت والكهرباء، لذا اضطر هو الآخر لتسريح العامل الذي كان يعمل لديه بسبب “ضعف حركة العمل”.