تشعّب مصالح القوى الدوليّة في شمال شرقي سوريا يزيد مخاوف مسيحيي المنطقة

القامشلي- ريم شمعون/شربل حنو- نورث برس

 

تتباين آراء المواطنين والأطراف السياسيّة في شمال وشرقي سوريا حول وجود القوى العسكريّة الدوليّة والإقليميّة المختلفة على الأرض، لاسيما أنّ هذا التواجد يتجسّد بشكل واضح في منطقة الجزيرة التي تتمتّع بتعدّد المكوّنات، في ظلِّ تداخل خرائط نفوذ قوات الولايات المتّحدة الأمريكيّة وروسيا الاتحاديّة.

 

تعليقاً على هذا الموضوع قال جورج ميلكون عضو الأمانة العامة لتجمّع شباب سوريا الأم، وهو حراك سياسي واجتماعي ينشط في المنطقة: "إنّ الوجود الأمريكي في شمال شرقي سوريا ليس من أجل حماية آبار النفط، وإنّها تستطيع بسهولة الحصول على أضعاف ما تنتجه المنطقة من نفط دول الخليج أو من الدول التابعة لها" على حدّ تعبيره.

 

لكنّه يرى أنّ الوجود الروسي في مناطق شمال شرقي سوريا، جاء بطلبٍ من "الدولة السوريّة"، وأنّ دولة مثل روسيا وبإمكانيات ضخمة لن يهمّها كثيراً موضوع استثمار مطار القامشلي الدولي واتّخاذه كقاعدة روسيّة، كون روسيا موجودة في أغلب الجغرافية السوريّة.

 

ويخشى المسيحيون في المنطقة من تكرار أحداث تاريخيّة تسبّبت بهجرتهم وأّثّرت على تواجدهم الديمغرافي كما حصل في مجازر(السيفو) عام 1915م، ومازال عدم الشعور بالأمان إحساساً مترافقاً مع المجتمع المسيحي الذي يراقب عن كثب تغير خارطة نفوذ القوى العسكريّة في المنطقة.

 

وهذا ما يؤكّده  عضو الأمانة العامة لتجمع شباب سوريا الأم "إن تكرّرت هذه الحالة مجدداً ستكون سبباً لترك المسيحيين آخر المناطق الجغرافية التي سكنوها بعد المجازر التي تعرضوا لها في تركيّا (السيفو).

 

من جانبها تقول سهام قريو مسؤولة الاتحاد النسائي السرياني في سوريا والمشارك في الإدارة الذاتيّة عن تعدّد القوى الدوليّة "إنّ أحد أسباب الأزمة السوريّة كانت الأطماع الدوليّة في الأراضي السوريّة، وتجسّدت هذه الأطماع مؤخراً بالهجمة التركيّة على مدينتي رأس العين وتل أبيض، وقبلهما في عفرين وجرابلس ومدينة الباب وإعزاز".

 

وترى قريو أنّ "الأمور تعقّدت في الفترة الأخيرة كون وجود الدولة التركيّة ضمن الأراضي السوريّة هو بسبب مصالح كبيرة تطمح إليها، أيضاً الوجود الإيراني والأمريكي والروسي هو بسبب مصالح خاصّة".

 

ويشكّل الحوار والوصول إلى حلّ سياسي أملاً للمسيحيين في المنطقة و يتحدّث  كبرئيل شمعون الرئيس المشارك لفرعيّة حزب الاتحاد السرياني في الحسكة عن سعي القوى السياسيّة نحو الحوار والحل السياسي منذ بداية الأزمة،

 

وقال شمعون "حتّى الآن سعينا إلى الجلوس على طاولة الحوار كسوريين لنحلّ أمورنا بأنفسنا، والوصول إلى حلّ سياسيٍّ يرضي تطلعات كلّ السوريين".

 

فيما اعتبر أنّ وجود التدخلات الدوليّة، "فرضت نفسها على أرض الواقع، وجعلت من السوريين ينتمون لأجندات خارجيّة".

 

وأعرب شمعون عن أمله في ألّا يصل موضوع وجود القوى العسكريّة الدوليّة للصراع بينها، وخاصّة وجود دولتين كبيرتين هما روسيا وأمريكا، فوجود أيّ صراع بينهما سيكون مدمّراً وسيصل الأمر إلى نشوب حربٍ عالميّةٍ ثالثةٍ على الأرض السوريّة".

 

ولا تختلف وجهة نظر المنظمة الآثورية الديمقراطيّة في سوريا، وهي إحدى مكونات الائتلاف السوري المعارض كثيراً عن آراء الأطراف المسيحيّة المشاركة في الإدارة الذاتيّة أو المقرّبة من الحكومة السوريّة.

 

وقال داوود داوود مسؤول المنظمة لـ"نورث برس" عبر الهاتف: "إنّ القوى الدوليّة المتصارعة في سوريا هي قوى فاعلة في الملف السوري ومعنيّة بتيسير العمليّة السياسيّة، لكن صراعها لايزال قائماً على حساب مصلحة الشعب السوري". وهذا يؤثر باعتقاده على سير العمليّة السياسيّة، واستمرار الأزمة السوريّة – السوريّة ومعاناة الشعب السوري بكل مكوناته وعلى كافة الأصعدة.

 

ويرى مسؤول المنظمة الآثورية أنّ الحلّ السياسي الذي يتطلّع إليه السوريون لقضيتهم وفق "مسار جنيف وبرعاية دوليّة، وهو المسار السياسي الوحيد المتوفّر".