سكان في إدلب: تصريحات الجولاني الأخيرة مثيرة للسخرية
إدلب- نورث برس
أثار افتتاح أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) لطريق رئيس في إدلب وتصريحاته خلال الافتتاح، سخطاً شعبياً في إدلب شمال غربي سوريا، وسط وتجاهل مجازر وأضرار بسبب التصعيد العسكري.
والأسبوع الماضي، افتتح “الجولاني” بلباس مدني، رفقة رئيس حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة، طريق “حلب – باب الهوى” الواصل بين مدينتي الدانا وسرمدا، إذ تم توسيع الطريق وتزفيته وإضافة إنارة على طوله.
ويقول سكان إن تصريحاته حول تحسن الواقع الاقتصادي في محافظة إدلب، وحديثه عن السيطرة على حلب ودمشق، “غير منطقية” في ظل ما تشهده المنطقة من أزمات.
وتسيطر “تحرير الشام”، التي ظهرت لأول مرة في سوريا نهاية العام 2012، على منطقة إدلب وأجزاء من ريف حلب بعد طردها الفصائل الأخرى الموالية لتركيا.
ومنتصف العام 2018، صنفت الولايات المتحدة الأميركية الهيئة التي يقودها أبو محمد الجولاني وكل فصيل له صلة بها كمنظمة إرهابية.
ويتميز الفصيل عن غيره من مجموعات المعارضة بارتباطه بتنظيم القاعدة، ليعلن لاحقًا انفصاله عنه بهدف اعتباره قوة سورية محلية، وجاء ظهور زعيمه بلباس مدني في السياق نفسه.
وخلال العام الفائت، استغلت هيئة تحرير الشام الهدوء النسبي في الجبهات العسكرية لإحكام سيطرتها على كافة القطاعات الاقتصادية والإعلامية والسياسية عبر أعمال قمع واحتجاز.
بينما سعت حكومة الإنقاذ التابعة للهيئة مؤخراً لوضع يدها على أعمال وقطاعات تدر أرباحاً.
“تحرير دمشق”
ويحمّل نازحون في إدلب المسؤولية الرئيسة في تسليم مناطقهم وبلداتهم وهو ما أدى لنزوحهم منها.
واعتبر مصطفى كامل (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لحقوقي يعيش في مدينة إدلب، أن الظهور الأخير لزعيم هيئة تحرير الشام، “مثير للسخرية، وخاصة بعد حديثه عن تحرير حلب ودمشق، ووصفه افتتاح الطريق بالإنجاز”.
ويعلل “كامل” موقفه هذا بتجاهل الهيئة للأوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية لسكان إدلب.
وقال، لنورث برس، إنه وعوضاً عن تحرير دمشق “فالأجدى بالجولاني إعادة آلاف المدنيين إلى قراهم وبلداتهم التي ساهم في تسليمها وخاصة في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي اللذين سيطرت عليهما قوات النظام دون قتال أو معارك أواخر العام 2019”.
ورأى الحقوقي أن “تدشين طريق سريع تم استصلاحه بالأصل عبر فرض الضرائب على تجار وسكان في إدلب، ما هو إلا استخفاف بعقول سكان باتوا يعلمون جيداً ادعاءات تحرير الشام وذراعها الأمني حكومة الإنقاذ”.
وفي تموز/ يوليو الماضي، قال أبو محمد الجولاني إن “أولويات الهيئة ليست التصدي للنظام، بل العمل على فتح جبهات جديدة واستعادة المناطق التي خسـرتها.”
وأضاف في اجتماع مع ناشطين في إدلب، آنذاك، أن “هدف قوات الأسد من تصعيد حملتها العسكرية على إدلب هو استفزاز الفصائل لمعرفة قدراتها العسكرية المتاحة وخلط الأوراق في المنطقة.”
“أموال لأمراء الهيئة”
وبعد افتتاح الطريق، قالت تقارير صحفية إن “الجولاني” يحاول إظهار نفسه كشخصية مدنية تقدم الخدمات للسكان في إطار مساعيه الأخيرة لإبعاد صفة “الإرهاب” عنه.
وقال سكان وناشطون محليون إن حكومة الإنقاذ تكفلت بثلثي تكلفة الطريق بينما جمع الثلث الأخير من إتاوات فُرضت على سكان إدلب.
وأشار آخرون إلى أن الطريق السريع الذي تم تدشينه بطول ثلاثة كيلومترات، سيسهم في رفع أسعار الأراضي والمنشآت التجارية على جانبيه والتي تعود ملكيتها لأمراء في الهيئة.
والشهر الفائت، فرضت حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام في إدلب، مبالغ مالية طائلة على سكان وأصحاب محال تجارية في بلدة قاح شمال إدلب، لتعبيد أحد الطرق الرئيسة فيها، ونسبت الأمر لنفسها.
وتراوحت المبالغ المالية بين 100 و150 دولاراً تم فرضها على أصحاب المنازل والمحال التجارية الواقعة على الطريق الرئيس في البلدة الحدودية.
وقال أكرم الأكرم (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح يعيش في مخيمات دير حسان الحدودية، إن الجولاني ومسؤولو حكومة الإنقاذ لا يهتمان سوى بمصالحهم الخاصة وتلميع أنفسهم على حساب السكان.
وأضاف أنه وعوضاً عن افتتاح طريق حلب- باب الهوى، “كان ينبغي عليهم أن يصلحوا الطرق إلى المخيمات والتي لا تصلح لسير السيارات والبشر ولا حتى المواشي”.
ويعتبر “الأكرم” ظهور الجولاني الأخير “إعلانياً وترويجياً للداخل والخارج، إلا أن الحقيقة هي أن الهيئة تعمل على استثمار إدلب تجارياً، والسعي للأرباح عبر فرض السيطرة على كافة مفاصل الحياة.