مزارعون في ريف الحسكة: الهطولات المطرية غير كافية لإنبات المحصول الزراعي

تل تمر – نورث برس

وسط أجواء ضبابية يتجول المزارع أحمد المشعل (42 عاماً) بين أرضه على ضفاف نهر الخابور بريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، جاهداً في سقاية محصوله من القمح معتمداً على مياه الرواسب في النهر بعد هطولات مطرية وصفها بـ”غير الكافية” لإنبات الزرع.

وعززت الهطولات المطرية الأخيرة بشكل متفاوت خلال فصل الشتاء الحالي، آمال المزارعين في منطقة الحسكة بموسم جيد بعد أن تكبدوا خسائراً كبيرة العام الفائت جراء قلة كميات الأمطار.

ولكن “المشعل”، الذي يرتدي معطفاً أسود اللون مغطياً وجهه بوشاح أحمر يقيه من الهواء الباردة، قال إن ‘‘الأمطار الأخيرة كانت جيدة لكن لم تكن بالقدر الكافي، حيث هطلت بمقدار 4 ملم، نسقي محصولنا من مياه الرواسب في نهر الخابور’’.

وأشار إلى أن الأمطار التي تساقطت خلال الآونة الأخيرة لم تصل مياهها إلى مستوى البذور، ‘‘وصلنا لنهاية الشتوية ولم تهطل الأمطار بالقدر الكافي حتى الآن’’.

وأضاف المزارع في حديث لنورث برس: “الأرض جافة وبحاجة إلى كميات كبيرة من مياه الأمطار نتيجة تأثرها بالظروف المناخية للعام الفائت”.

وفي ظل تفاوت كميات هطول الأمطار، ينتقد المزارعون لجان الزراعة التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بسبب غياب الدعم للقطاع الزراعي وقلة المحروقات.

تخوف من سيناريو العام الفائت

وأودى شح الأمطار الكبير العام الفائت، لتراجع مستوى إنتاج المحاصيل الزراعية، ولا سيما أن الجزيرة السورية تعرف بأنها ‘‘السلة الغذائية’’ لسوريا.

وتصنف المنطقة الشمالية والغربية من الحسكة ضمن مناطق الاستقرار الرابعة لمستوى الهطولات المطرية، ما يزيد المخاوف لدى المزارعين من أن لا تنبت محاصيلهم بشكل جيد في ظل عدم وصول الهطولات المطرية إلى الكميات الكافية حتى الآن.

وفي قرية تل شميران 2 كم غربي بلدة تل تمر، يتفحص المزارع محمد جمعة (28 عاماً) مولدته الكهربائية التي تستخرج المياه بينما يسارع أحد أقربائه إلى إفساح المجال للمياه لتنساب بين الحقل.

ويقول المزارع الشاب الذي يملك 40 دونماً مزروعةً بالقمح، بأن الأراضي المروية بحاجة إلى كميات كبيرة من المياه “وعدم هطول الأمطار بالقدر الكافي حتى الآن ينذر بتكرار سيناريو العام الفائت”.

ويضيف: ‘‘بالنسبة للأمطار الأخيرة فقد نفعت الأرض بشكل قليل، بالنسبة للمحصول البعلي جيدة أما بالنسبة للمروي فكمية الأمطار قليلة، حتى السقاية من الآبار غير كافية، كون المياه لا تصل لكل البقع وتبقى بعض المساحات جافة’’.

ويعتمد ‘‘جمعة’’ كغيره من المزارعين في معيشتهم على الزراعة، ‘‘لذا نسعى بشكل حثيث لسقاية المحصول بالاعتماد على مياه الآبار، وهذا الأمر مقلق بالنسبة لنا حيث نتخوف من أن لا ينبت المحصول بشكل جيد’’.

زراعة تتحين سقوط الأمطار

وفي ظل مخاوف من قلة الإنتاج، بلغ عدد المساحات المزروعة بمادة القمح في منطقة تل تمر 69855 دونماً، والشعير 2557 دونماً وهو أسوأ نسبة للمساحات البعلية منذ عقود، وفق إحصائيات للجنة الزراعة في البلدة.

وتخوفاً من تلف محاصيلهم كما العام السابق، عمد مزارعو المحاصيل البعلية لزراعة أرضيهم بوقت متأخر، تحينو فرصة تساقط الأمطار للزراعة خوفاً من عام جاف آخر.

إلا أن خبراء زراعيون في البلدة، يؤكدون بأن مساحات الأراضي البعلية هي أقل من نصف مساحات الأعوام الفائتة، وزعت أغلبها بهدف إطعامها كعلف للماشية.

ورغم أن المحاصيل البعلية لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه على غرار المحاصيل المروية، إلا أن المزارعين يرون أن الجفاف الذي حل على المنطقة العام الفائت لا يزال يلقي بظلاله على الأراضي الزراعية وبحاجة للمزيد من المياه للحصول على إنتاج جيد.

وفي السياق يقول عبدالحميد العبد الذي ينحدر من قرية الحسينية جنوب غربي بلدة تل تمر، ويملك 25 دونماً مزروعة بمحصول الشعير، بأن الأراضي الزراعية لازالت عطشى وبحاجة لمياه أمطار وفيرة.

ويضيف المزارع، وهو يتأمل محصوله بالقرب من قريته: ‘‘نحن بحاجة إلى مطر ونرجو من الله أن تهطل الأمطار بشكل كاف، كما أن الكثير من المزارعين قاموا بزراعة أراضيهم بعد الهطولات المطرية الأخيرة’’.

ويقول: ‘‘الأرض عطشى وبحاجة إلى مياه أمطار وفيرة، وإذا ظلت الأمور هكذا فالوضع يتجه للأسوأ’’.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير : عدنان حمو