السويداء – NPA
يعاني أهالي السويداء في الجنوب السوري، من تردي أوضاعهم الاقتصادية، في ظل انتشار البطالة وتدني مستوى الدخل، وإغلاق باب الاغتراب بوجه أبنائها، في وقت تشهد الأسعار ارتفاعاً بشكل متواصل.
مراسل “نورث برس”، رصد هذه الظاهرة في محافظة السويداء، والتقى بأهالي المدينة، للوقوف على هذا الواقع المتردي في المنطقة.
قلة العمل أبعدت الخريجين عن اختصاصهم
(مهند. ر) والبالغ من العمر /26 عاماً/ تحدث لـ “نورث برس” قائلاً: “تخرجت من قسم الفلسفة بجامعة دمشق منذ عامين، ولم أحصل حتى الآن على عمل ضمن اختصاصي، ما دفعني للعمل في جني المحاصيل الزراعية، وفي متجر لبيع الألعاب وفي مكتبة”، ونوه إلى أنه منذ مطلع العام الجاري لم يتمكن من الحصول على أي عمل، ضمن اختصاصه أو حتى خارجه.
وأضاف مهند قائلاً: “حالي كحال الكثير من الشبان، فلا زلت لا أملك عملاً مستقراً ولا منزلاً، بالإضافة لأني مطلوب للخدمة الإلزامية، ونعتمد على ما يؤمنه والدي من احتياجات من عمله، مع المساعدة التي يقدمها شقيقي اللاجئ في دولة أوروبية (لم يسميها)”.
وفي المعاناة ذاتها، تحدثت ليالي.ع (27 عاماً)، لـ “نورث برس”، عن عملها كسكرتيرة في عيادة طبيب لخمس ساعات يومياً، مقابل مبلغ /20/ ألف ليرة، موضحة أن هذا المبلغ لم يؤمن لها حتى احتياجاتها الخاصة، إلا أنها اضطرت للعمل به رغم تخرجها من قسم التاريخ.
ليالي أضافت لـ “نورث برس” أنها عملت في “صنع الهدايا من الخشب والورد المجفف والشمع ومواد مشابهة، وأجد صعوبة كبيرة في تسويق ما أنتجه، نتيجة الجمود الكبير في السوق”.
هجرة متعاكسة وتوافد 18 ألف عائلة زاد الأعباء
كذلك التقى مراسل “نورث برس” بالخبير الاقتصادي في السويداء معتز معروف، والذي أوضح قائلاً: “السويداء قبل سنوات الحرب، كانت مغيبة عن كل ما له ارتباط بالتنمية، إذ احتوت المحافظة على /5/ معامل للسجاد والأحذية والمشروبات والبلاستيك، في حين ما تبقى كان عبارة عن ورش صغيرة، والتي عانت من صعوبة التسويق، وجزء منها أغلق أبوابه، بسبب أزمات الوقود”.
وتابع معروف قائلاً: “خلال سنوات الأزمة، استقبلت السويداء أكثر من /18/ ألف عائلة، استقرت بمختلف البلدات والمدن، إضافة لعودة أعداد كبيرة من أهالي المحافظة، كانوا قد نزحوا سابقاً منها جراء الفقر” منوهاً إلى أن هذا التصاعد في تعداد السكان، أدى لتحريك اقتصاد المحافظة وخاصة سوق العقارات، وأن بعضهم كان يمتلك رؤوس أموال وافتتحوا أعمالهم في مجالات مختلفة”.
الخبير الاقتصادي أكد أنه خلال العامين الأخيرين، بدأ السكان بالعودة إلى العاصمة دمشق، ومناطق أخرى استعادتها القوات الحكومية، ما تسبب بكساد سوق العقارات وغيرها من المجالات الاقتصادية”.
ولفت كذلك إلى أن السبب الثاني لهذه العودة المعاكسة هو ارتفاع معدل الجريمة والاختطاف والسرقة، في الوقت الذي تعتمد محافظة السويداء على الأموال المرسلة من المغتربين من أبنائهم، ممن انتقلوا للعمل في لبنان والأردن ودول الخليج العربي ودول إفريقية وأمريكا الجنوبية، وأضاف معروف أن “دخل المحافظة من الأموال القادمة من فنزويلاً كان سنوياً أكثر من /100/ ألف دولار أمريكي”.
اللاجئون رافد مالي جيد والمحاصيل في خطر
معتز معروف أضاف لـ “نورث برس”، أن الكثير من أبناء المحافظة لجأوا إلى أوربا مؤخراً، وهم يشكلون حليا رافداً مالياً جيداً في ظل حصار المحافظة، مع وجود آلاف الشبان غير القادرين على مغادرة السويداء لأسباب أمنية، ما يعطل جزء لا يستهان به من قوى المجتمع”.
وأضاف أيضاً أن “السويداء محافظة زراعية وأهم محاصيلها العنب والتفاح، الذي تكدس اليوم منه عشرات الأطنان في البرادات، دون وجود سوق تصريف، ما يهدد بخسائر كبيرة، لا يتحملها إلا التجار والفلاحون والذي سينعكس على الحالة الاقتصادية العامة في المحافظة”.
وختم معروف بالقول “اليوم البلاد ما تزال تعاني من حالة عدم استقرار، على مختلف الصعد، إضافة إلى أن العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب، تزيد من الضغط الاقتصادي على السوريين، الأمر الذي لا يقدم بيئة جاذبة للاستثمار والعمل، ويهدد بمستقبل كارثي”.