عائلات قتلى وجرحى لفصائل معارضة في إدلب تتهم قادتها بخذلانها

إدلبنورث برس

يجلس وليد الكامل (31 عاماً)، وهو عنصر سابق في صفوف “الفوج 111” أحد فصائل المعارضة السورية في إدلب شمال غربي سوريا، على كرسيه المتحرك أمام خيمته على الحدود السورية التركية بالقرب من بلدة أطمة متحسراً على ما آلت إليه حاله.

يقول إن قادة الفصيل الذي كان ينتمي إليه خذلوه وأوقفوا الدعم المادي عنه بعد إصابة حرب جعلته لا يقوى على الحركة والعمل.

ويعتبر ذوو قتلى ومصابين من عناصر الفصائل في إدلب قطع قادة هذه الفصائل رواتب وإعانات عنهم خذلاناً لهم.

ومطلع العام 2018، أصيب “الكامل” في إحدى المعارك بريف حماة الشمالي بعد أن سقطت قذيفة مدفعية بالقرب منه أدت لمقتل كل من كان معه، بينما استقرت شظية في عموده الفقري منعته من المشي بعد ذلك.

وفي البداية، خصصت له قيادة فصيله ثلاثين ألف ليرة سورية كراتب شهري وتكفلت بعلاجه لفترة “قصيرة جداً” ومن ثم أوقفت صرف تكاليف علاجه وأبقت راتبه الذي بدأ ينقص كل شهر إلى أن توقف بشكل كامل أواخر عام 2018 “بحجة توقف الدعم”.

ويحتاج “الكامل” إلى إجراء عملية جراحية بتكلفة تصل لأكثر من 800 دولار أميركي، “لكنني اليوم أعيش على السلة الشهرية التي تقدمها المنظمات، وبالكاد تستطيع عائلتي التي بقيت دون معيل بعد إصابتي تدبر أمورها”.

وحاول العنصر السابق عدة مرات التواصل مع قادة فصيله من أجل أن يتكفلوا بعمليته، “إلا أن جميع محاولاتي باءت بالفشل ولم تلقَ آذاناً صاغية”.

 كما رفضت بعض المنظمات الإنسانية مساعدته مالياً لأنه أصيب أثناء المعارك في صفوف الفصائل المسلحة.

ويقول مصابو حرب وذوو قتلى من عناصر فصائل المعارضة المسلحة في إدلب إن الفصائل تخلت عنهم وأوقفت صرف رواتبهم والمبالغ المالية التي كانت تمنحها كل فترة بعدما لم يعد بإمكان المصابين العمل أو القتال.

وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على منطقة إدلب وأجزاء من أرياف حلب وحماة واللاذقية، إلى جانب انتشار فصائل الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني والجماعات الإسلامية على خطوط التماس مع القوات الحكومية.

وتشهد إدلب مؤخراً تدهوراً معيشياً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخبز والمحروقات التي ترتبط أسعارها بقيمة الليرة التركية.

وكان مصطفى الضبع (27 عاماً) عنصراً في صفوف فصيل “جيش إدلب الحر” عندما أصيب في معركة بريف إدلب الشرقي في آب/ أغسطس عام 2019، إذ تسببت غارة جوية ببتر ساقيه.

قال إن فصيله كان يقدم له كل فترة مبلغاً من المال لا يتجاوز 400 ليرة تركية، ومنذ حوالي ثلاثة أشهر توقف عن تقديم المال له بشكلٍ كامل “بحجة عدم وجود ميزانية تكفي لإعالة الجرحى”.

واعتبر أن مبلغ 400 ليرة تركية رغم قلته، “كان يكفي لشراء الخبز وبعض السكر أو الأرز أو تبديل أسطوانة غاز كل شهرين”.

وفي هذه الأثناء، تضطر زوجات قتلى من عناصر فصائل المعارضة في إدلب، للعمل في مهن قد تكون بعضها شاقة وبأجور قليلة.

وتعمل فاطمة التركي (36 عاماً)، وهي زوجة عنصر سابق في فصائل المعارضة قضى في معارك معرة النعمان عام 2020، في مطعم في مدينة سرمدا لتأمين احتياجات أطفالها الأربعة الذين تتركهم في منزل أحد أقاربها لحين عودتها.

وأشارت المرأة إلى أن زوجها عندما كان على قيد الحياة كان يمنعها من إكمال دراستها أو العمل خارج المنزل أو حتى تعلم مهنة، وهو ما أدى لمواجهتها صعوبات في إيجاد فرصة عمل بعد وفاته.

واعتمدت في البداية على راتب (40 دولاراً) قدمه الفصيل لها، لكن وبعد أشهر انخفض المبلغ إلى 300 ليرة تركية ومن ثم إلى 200 ليرة تركية مطلع 2021 إلى أن توقفت بشكلٍ كامل في آذار/ مارس الماضي.

وتتقاضى “التركي” لقاء عملها في المطعم 35 ليرة تركية يومياً، إضافةً إلى وجبة عشاء تأخذها لأطفالها عند عودتها عصر كل يوم.

لكنها تجد أجرها “قليلاً لا يكاد يكفي لشراء أسطوانة غاز شهرياً أو عدة كيلوغرامات من الحطب للتدفئة”.

إعداد: براء الشامي- تحرير: سوزدار محمد