سكان في الرقة ينتقدون تردي الوضع المعيشي ويطالبون بتدابير تخفف حدة الغلاء

الرقة – نورث برس

يحاول علي الخلف (40 عاماً)، وهو من سكان حي الانتفاضة في مدينة الرقة شمالي سوريا، إقناع بائع مواد غذائية بحسم جزء من فاتورة مواد اشتراها، لأنه لا يملك ثمنها كاملاً أو سيضطر لإرجاع شيء منها.

يقول الرجل إنه أب لستة أبناء ويعمل سائق سيارة أجرة في مدينة الرقة، ويجني يومياً ما يقارب 15 ألف ليرة سورية ينفقها على شراء احتياجات أساسية لعائلته.

ويشتكي سكان في الرقة تردي أوضاعهم المعيشية وسط موجة للغلاء وفقدان أو نقص مواد أساسية في أسواق المدينة مثل السكر تدهور جودة الخبز ونقص توفر الوقود.
ويتجاوز عدد سكان مدينة الرقة 320 ألف شخص، بينما يعيش في ريفها ما يقارب نصف مليون شخص يعمل معظمهم في الزراعة وتربية المواشي، بحسب مكتب الإحصاء والتخطيط في الإدارة الذاتية.

وخلال العامين الماضيين، أثر التراجع  الحاد لإنتاج المواسم الزراعية سلباً على حياة سكان الريف، بسبب شح الأمطار وانخفاض منسوب نهر الفرات بعد حبس تركيا لتدفقه.

ويعمل سكان المدينة في ورش البناء والتجارة والمهن الحرة إلى جانب وجود نحو 240 معمل ومنشأة صناعية، بينما يعمل آخرون في مؤسسات الإدارة الذاتية والمنظمات المحلية.

“وضعنا تحت الصفر

ويصنف “الخلف” حال عائلته وعائلات أخرى في الرقة وريفها بـ”تحت الصفر”، فإشارة للوضع المعيشي السيء الذي يعيشه السكان الذين يضطرون أحياناً للتخلي عن الكثير من احتياجاتهم وفقاً لمصادر دخلهم.

ويطالب الجهات المعنية بالأسعار في الإدارة الذاتية بمراقبة الأسواق وتكثيف دورياتها لمراقبة التجار وردع المحتكرين.

ويقول سكان، تحدثوا لنورث برس، إن نقص المحروقات التي تعاني منها المدينة منذ نحو شهر ساهم أيضاً في تردي الوضع المعيشي وأثر سلباً على كل القطاعات.

وقال عبد الله العطروز (30 عاماً)، وهو بائع خضار في شارع القوتلي بمدينة الرقة، إن معظم زبائنه الذين يزورون بسطة الخضروات خاصته يسألون عن أسعار الخضار دون شرائها.

وأضاف أنه لا يرى أي تدخل للمؤسسات الرقابية في الأسعار التي يحددها التجار وفق أهوائهم وبحسب كميات المواد في الأسواق.وقال “العطروز” إن سكان المدينة تظهر على وجوههم ملامح التعب والهم، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيتسبب بأزمات معيشية سيقع ضحيتها ذوو الدخل المحدود.

“لا ترد شكاوى”

وخصصت دائرة حماية المستهلك ومديرية التموين في اللجنة الاقتصادية في الرقة رقماً لتلقي الشكاوى حول احتكار المواد الغذائية أو رفع سعرها، لكنها قلما تتلقى اتصالات من السكان، وفقاً لما قاله ماهر شاويش من مديرية التموين.

وتسيّر مديريتا التموين وحماية المستهلك دوريات على الأسواق لمراقبتها ومراقبة التزام التجار بلوائح التسعير وهامش الربح المناسب، وفقاً لما قاله “شاويش”.

وأضاف “شاويش”، لنورث برس، أن إغلاق المعابر له الدور الأكبر في تردي وضع المنطقة اقتصادياً وتشكل طوابير للحصول على مادة السكر.

وأشار إلى أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية أثر بشكل مباشر على مستوى معيشة السكان وأضعف قدرتهم الشرائية.
وأوائل تموز/يوليو العام الماضي، نشر برنامج الأغذية العالمية، والذي يتبع للأمم المتحدة، تغريدة عبر حسابه على “تويتر”، قال فيها إن العائلات السورية تلجأ للاستدانة لشراء الحاجات الأساسية وتقليل كمية الطعام الذي يأكلونه وشرائه بكميات أقل.

وتشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 90% من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر بعد عقد من الحرب والأزمات.

وفي التاسع من كانون الثاني/يناير الحالي، قال سلمان بارودو الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إن الإدارة قررت تشكيل “خلية أزمة” لمراقبة جودة الخبز وتلافي حدوث أزمات معيشية مستقبلاً.

ومهمة خلية الأزمة، هي “مراقبة الأسواق والمطاحن وتوزيع المحروقات وكافة المجالات التي تتصل بشكل مباشر أو غير مباشر بالاستقرار المعيشي للسكان”، وفقاً لما ذكره “بارودو”.

وأشار “بارودو” لنورث برس إلى أن عمل خلية الأزمة واللجنة الفنية سيكون دائماً لتلافي تكرار سيناريو أزمات الخبز والسكر والمحروقات التي حدثت خلال الفترة الماضية.

إعداد: عمار عبد اللطيف- تحرير: زانا العلي