تجار وصناعيون من دمشق : قرارات الحكومة تضر الصناعة السورية أكثر من "قيصر"

دمشق – نورث برس

 

يرى تجّار وصناعيين من مدينة دمشق أن ما يحصل من فرض عقوبات على سوريا هو أمر معتاد ولكن الإجراءات الحكومية وفشلها في إدارة الملف الاقتصادي يعتبر أسوء من أي عقوبة تواجهها البلاد.

 

فمع دخول قانون قيصر حيز التنفيذ في 17 حزيران/ يونيو، باتت سوريا تحت حزمة جديدة من العقوبات القاسية تطال حركة التجارة الخارجية، ما جعل البلاد تقبع في حالة تخبط نتيجة الحاجة لاستيراد مواد أولية تدخل في كثير من الصناعات، إضافة لمواد رئيسية كالأغذية والمواد النفطية.

 

ويقول عبد الغني صباغ، ( 47عاماً) وهو تاجر وصاحب شركة شحن دولية، إن قانون قيصر جائر وأثّر على حركة النقل التي باتت ضعيفة بشكل كبير وخاصة أن شركته تنقل بضائع إلى أوربا ودول عربية.

 

ويضيف لـ"نورث برس": "اليوم تضررت الحركة التجارية، فالتجّار لا يرسلون طلباتهم خوفاً من عقوبات قانون قيصر وهذا أثّر أيضاً على عمل شركتي وحجم الارساليات للخارج".

 

وكانت أسواق العاصمة دمشق كما غيرها من المدن السورية قد شهدت خلال الفترة التي سبقت دخول قانون قيصر حيز التنفيذ ركوداً وإغلاقاً عاماً على خلفية تذبذب الأسعار وتوقف الحركة الشرائية.

 

وفي حين يؤكد المسؤولون الأمريكيون من أن قانون قيصر من شأنه أن "يساعد في وضع حدٍّ للصراع الرهيب والمستمر في سوريا من خلال تعزيز قضية مساءلة نظام الأسد"، إلا أن خبراء اقتصاد وسياسيون يتخفون من أن يخلف القانون تبعات مأساوية على الوضع المعيشي للسكان في حال لم ترضخ الحكومة واختارت المواجهة بدل التوجه نحو التعاون من أجل إيجاد حل سياسي لأزمة البلاد.

 

ويقول ابراهيم ربواني، (52) عاماً، وهو صناعي لديه معمل لوازم صناعة أقمشة وتطريز، إن صدور قانون قيصر ليس فيه شيء جديد، ذلك أنه يُكمّل مسيرة حصار طويلة منذ أكثر من /15/ عام تتعرض لها البلاد.

 

ويعتبر الصناعي أن الحصار ليس المسؤول الأول عن كل ما يصيب الوضع الاقتصادي بالسوء، "بل أن قرارات الحكومة أكثر ضرراً منه كونها غير مدروسة"، على حد تعبيره.

 

ويضيف "ربواني" :" من غير المعقول أن تتخذ الحكومة قرار بهدم منطقة صناعية في القابون والاستعاضة عنها بأبراج سكنية، بينما أصحاب المعامل يستأجرون ورش فكيف سيتحسن الاقتصاد؟".

 

وكانت الحكومة السورية  قد أصدرت في 26 تموز/ يوليو 2018، قراراً بهدم منطقة القابون وتنظيمها وإخلائها من /400/ صناعي وحرفي وتحويلها إلى منطقة سكنية، وهو ما أثار اعتراضاً من التجار والصناعيين، الذين كانوا قد بدأوا بتأهيل منشآتهم ودفعهم إلى تقديم اعتراض قانوني، لكن من دون نتيجة.

 

ويشير الصناعي في حديثه لـ"نورث برس" إلى أن تأثر النشاط المصرفي في سوريا وعدم قدرة السكان على سحب أرصدتهم، بات يدفعهم إلى الاحتفاظ بأموالهم واقتناء العملات الصعبة، "وبذلك نحن من يحاصر اقتصادنا" وفقاً لتعبيره.

 

ويتضمن قانون "قيصر" فرض عقوباتٍ على كل من يدعم الحكومة السورية في مجالات الطاقة والأعمال والنقل الجوي، وعلى كل جهة أو شخص يتعامل معها أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية والمصرف المركزي السوري، فضلا عن الجهات العسكرية أو المقاولين الذين يتصرفون بالنيابة عن سوريا أو روسيا أو إيران.

 

وحول الظروف الاستثنائية التي تعيشها أسواق دمشق التجارية، وما يمكن أن يخلفه القانون على التجار والصناعيين عليها لاحقاً، يرى سمير البني (51) عاماً، وهو تاجر في منطقة الحريقة ولديه مستودع لبيع لوازم الخياطة، أن قانون قيصر أثر في استيراد المواد الأولية الأساسية التي تدخل في انتاج العديد من المنتجات الصناعية.

 

ويشير التاجر إلى أن "سوريا كانت تنتج جميع أصناف الأقمشة و جميع أصناف المواد الأولية سابقاً، وأما الآن فهناك الكثير من الأصناف ناقصة وغير متوفرة وبالطبع بالصناعة لا يمكنها أن تستمر من دون أن تتوفر جميع متممات الإنتاج في الأسواق".

 

وتعاني العاصمة دمشق من تخبط تجاري وصناعي كنتيجة لتبعات قانون قيصر وخاصة في المحال التجارية والورش الصناعية، التي تعتمد بشكل رئيسي على المواد المستوردة.

 

وتذهب تقارير صحفية أمريكية إلى أن "قانون قيصر" قد يدمر الاقتصاد السوري المنهار، لكنها ترى أيضا أن هذه الاستراتيجية الأمريكية التي ستزيد من مشاكل البلاد والمنطقة بشكل عام، ستخلف أيضا معاناة لأكثر من نصف السوريين، نتيجة نقص في المواد الغذائية وتراجع الآمال في إعادة بناء البلاد.