معاينات مرتفعة في العيادات الخاصة بأعزاز والمشافي تفتقد لأطباء أخصائيين

أعزاز- نورث برس

يقول سكان ومرضى في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا شمال حلب، شمالي سوريا، إن ارتفاع أجور معاينة الأطباء في العيادات الخاصة لضعفي ما كانت عليه قبل أشهر يدفعهم لقصد المشافي العامة رغم افتقارها لأطباء من بعض الاختصاصات أو الاعتماد على نصائح صيادلة بخصوص أعراض مرضية.

وقال محمود حاج محمد (35 عاماً)، وهو اسم مستعار لعامل مياومة في مجال البناء، إنه اضطر لأخذ والدته التي تعاني من نوبات صرع عصبية إلى مشفى عام بعدما عجز عن تأمين معاينة الطبيب المختص.

وأضاف أن “طبيباً عاماً” عاين والدته وذلك لعدم وجود طبيب اختصاص عصبية في المشفى.

وأشار “حاج محمد” إلى أجره اليومي الذي بالكاد يكفي لآجار المنزل والاحتياجات الأساسية لعائلته المؤلفة من خمسة أفراد.

ومع الانخفاض المستمر لقيمة الليرة التركية ووصولها خلال الفترة الماضية إلى 18 ليرة مقابل كل دولار أميركي، رفع جميع الأطباء ثمن المعاينة الخاصة إلى 50 ليرة تركية (ما يعادل 14 ألف ليرة سورية) بعدما كانت قبل أشهر تبلغ وسطياً 25 ليرة تركية (وكان يعادل حوالي عشرة آلاف ليرة).

ومنذ تموز/ يوليو 2012، تخضع مدينة أعزاز لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا.

ويسكن في المدينة وريفها ما يقارب 100 ألف شخص ما بين سكان ونازحين يعتمد كثيرون منهم على مداخيل من أعمال يومية، ويبحثون عن سبل عيش تتناسب مع أجورهم.

تحذيرات طبية

وعلل ماهر العلوش، وهو اسم مستعار لطبيب داخلية في أعزاز، سبب ارتفاع أجور المعاينات الطبية الخاصة بارتفاع أسعار الكهرباء والمياه ومعظم المواد الغذائية والاستهلاكية.

 وحذر من الأدوية التي يقوم الصيادلة بوصفها للمريض بدون وصفة طبية، “إذ قد يؤدي ذلك إلى أمراض أخرى وخاصة في حال حدوث تداخلات دوائية”.

وترتبط أسعار السلع الأساسية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية بسعر صرف الليرة التركية.

وفي حزيران/يونيو من العام 2019، صدر قرار من حكومتي السورية المؤقتة والإنقاذ بفرض التعامل بالعملة التركية في البيع والشراء بدلاً من الليرة السورية.

ومنذ الأشهر الأولى من بدء التعامل بالليرة التركية في مناطق شمال غربي سوريا، ظهرت تداعيات سلبية للقرار، لا سيما بالنسبة لعمال وأصحاب دخل محدود يتحملون تذبذب وتفاوت أسعار الصرف.


اقرأ أيضاً


وأصبح أي انخفاض يلحق بالليرة التركية يعتبر عاملاً أساسياً في ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد، بينما لا تتأثر عادة عند أي تحسن في العملة.

هيمنة تركية

ومن بين المشافي التي تم إنشاؤها وترميمها من جانب المنظمات التركية والدولية بريف حلب الشمالي مشافي أعزاز ومارع والراعي والباب.

ويرى سكان أن هدف تركيا من فرض مؤسساتها الخدمية والتعليمية في مناطق المعارضة هو السيطرة بشكل مطلق على الأراضي السورية الخاضعة لسيطرتها.

ولا يسلم القطاع الطبي ولا الدوائر التي يرتبط عملها بمنظمات إنسانية من الانتهاكات التركية في الأراضي السورية التي تسيطر عليها أنقرة والفصائل الموالية لها.

وفي آب أغسطس الماضي، أصدرت رئاسة فرق العمل السورية التابعة لولاية كلس التركية، قرار فصل الطبيب عثمان حجاوي من مشفى مارع بريف حلب الشمالي ومنعه من مزاولة عمله في جميع المشافي الموجودة في المنطقة، التركية منها أو المدعومة من المنظمات الإنسانية.

وأرجع القرار التركي سبب الفصل إلى تغيب “حجاوي” عن مناوبته وتعامله غير الجيد مع المرضى.

لكن أطباء في مشفى مارع قالوا، عبر بيان موجه لإدارة المشفى بعد يوم من صدور قرار الفصل، إن النقاط التي وردت في نص القرار “غير صحيحة”، واصفين الأمر بأنه “فصل تعسفي”.

وبحسب مصادر محلية، فإن قرار فصل “حجاوي” جاء بسبب تضامنه مع طبيب يدعى تعرض “للإهانة” من قبل ممرض تركي يعمل في مشفى مارع.

“وضع لا يطاق”

ووفقاً لكوادر طبية، فإن المشافي العامة المدعومة من تركيا أو منظمات طبية تعمل في شمال غربي سوريا تفتقر لأطباء اختصاصات العصبية والنفسية والكلية والدموية.

وتضم أعزاز ثلاثة مشاف عامة، أبرزها المشفى الوطني الذي تم أعادت وزارة الصحة التركية ترميمه عام 2018، بالإضافة إلى عدد من المراكز الطبية تتبع مديرية صحة أعزاز التي تدار بدورها من ولاية كلس التركية.

وقال ابراهيم الأقرع (37 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من حلب يعيش في أعزاز، إن ما يفاقم الوضع سوءاً هو ارتفاع أسعار الأدوية إلى جانب ارتفاع قيمة المعاينة.

ومنذ يومين، ذهب الرجل بوالدته التي تعاني من مرض ديسك وآلام بالمفاصل إلى طبيب عظمية ودفع 50 ليرة تركية أجرة المعاينة، بالإضافة إلى شراء أدوية بقيمة 150 ليرة تركية.

ذلك رغم أنه يتقاضى لقاء عمله في محل لبيع المواد الغذائية ألف ليرة تركية شهرياً.

لكن مع الانخفاض المستمر لقيمة الليرة التركية، “لم يعد يكفيني راتبي وخاصة أن والدتي بحاجة إلى  أدوية باستمرار إذ أنها تعاني من مرضي الضغط والسكر”.

وأشار “الأقرع” إلى أن الظروف المعيشية صعبة وخاصة في ظل قلة فرص العمل وغلاء أسعار كافة المواد، “فالوضع بات لا يطاق”.

وأضاف أنه يمكن الاستغناء عن بعض الاحتياجات، “لكن المرضى لا يمكنهم الاستغناء عن أدويتهم وعلاجهم وقد يؤدي تأخر العلاج أو عدم تناول الأدوية إلى وصول المضاعفات حد الوفاة”.

إعداد: فاروق حمو- تحرير: سوزدار محمد