عائلة فقدت شخصين في القصف التركي شمال الحسكة وتوزع الباقون على مشفى ومخيم
الحسكة- نورث برس
يحاول أحمد علي العيدو (43 عاماً)، وهو نازح فر من القصف التركي على ريف الحسكة الشمالي، شمال شرقي سوريا، أن يستوعب الحوادث التي دفعت عائلته لخيمة خاوية من أي مستلزمات للعيش في مخيم.
يقول إن أي إنسان يمتلك إمكانات استئجار منزل والحصول على عمل لن يقبل بهذا الواقع.
ويضيف، لنورث برس، أن العائلات القادمة من قرى بلدتي تل تمر وأبو راسين مضطرة للمكوث هنا لأن منازلها تضررت بسبب القصف الذي ما يزال متكرراً.
ومنذ أسبوعين، تصل العائلات تباعاً من المنطقة إلى ملحق تم تجهيزه على عجل بمخيم سري كانيه في المدخل الشرقي لمدينة الحسكة.
لكن تصعيد قصف تركيا والفصائل الموالية لها قبيل انتهاء العام 2021، تسبب بفقدان العائلة لاثنين من أفرادها وإصابة الآخرين بينما طال الدمار المنزل الذي فروا منه دون أي أمتعة.
وفي الثامن والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، فر “العيدو” مع عائلته التي تضم الآن خمسة أفراد من قرية ربيعات بريف بلدة أبو راسين.
وخلال أسبوع، أودى القصف التركي المتصاعد على أبو راسين وقراها بحياة ستة أشخاص، وأدى لإفراغ تسعة قرى من سكانها، وألحق أضراراً في مسجدين بالبلدة ومبنى البلدية و24 منزلاً، بحسب مصادر محلية.
“يوم دامٍ”
كان الثلاثاء ما قبل الأخير من العام المنتهي يوماً ماطراً يبعث التفاؤل في نفس المزارعين الذين أتعبتهم أزمات الجفاف والحرب.
يصف “العيدو” سقوط القذائف التركية حين عاد من عمله في أرضه الزراعية للمنزل لأجل الغداء بـ”طاقة جهنم انفتحت”.
وطلب والداه أن يحضر أولاده لمنزلهما المجاور بدل تنقله بين المنزلين للاطمئنان عليهم، فهم بذلك ودخل منزله.
لكن قذيفتين سقطتا أمام الباب فشعر بالشظايا تخترق فخذيه وزوجته وأولاده مصابون إلى جانبه.
وفي الحادي والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، سقطت عشرات القذائف المدفعية والصاروخية في قرى ربيعات والأسدية ومحرملة وتل الورد ومزرة وتل أمير التابعة لبلدة أبو راسين ما أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين.
كما سقطت القذائف التي أطلقتها القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها والمتمركزة في قريتي باب الخير والداودية، قرى تل جمعة وتل كرابيت وأم الكيف في ريف تل تمر.
كان السكان يهربون من القرية للخلاص بأرواحهم، أسعف “العيدو” أطفاله وعند عودته للاطمئنان على من تبقى، التقى والده الذي أخبره بمقتل والدته وأخته التي رمى الانفجار جثتها بعيداً.
لم يستطع الرجل تمالك نفسه أمام أشلاء جسد والدته فانفجر بالبكاء، وهرع يبحث عن جثمان أخته الذي سقط في الوادي السهلي.
ووصلت سيارة لعناصر النجدة في قوى الأمن الداخلي (الأسايش) والذين تولوا نقل الجثامين.
خيمة خاوية
كان مشفى الدرباسية والنقاط الطبية فيها محطة إسعافية لأفراد عائلة “العيدو” المصابين، لينتقلوا إلى مشافي القامشلي لمتابعة علاج طفلته البالغة من العمر (11 عاماً) التي تعرضت لإصابة في الكبد.
ورغم أنها ما زالت في مشفى نافذ، لكن حاجة العائلة إلى مأوى جعل أفرادها الباقين يتوجهون مطلع هذا الأسبوع إلى مخيم سري كانيه الذي افتُتح فيه ملحق تم نصب خيامه على عجل.
ويأوي المخيم 2.225 عائلة تضم 12.036 فرداً، إلى جانب عشرات العائلات التي استقبالها في القسم المجهز حديثاً بـ 76 خيمة.
وتخلو الخيام في الملحق من أي مستلزمات عيش، لا سيما للتدفئة والحمامات والأغطية، بينما توزع إدارته وجبات غذائية على الوافدين حديثاً.
يقول رب العائلة إنهم لم يحصلوا على فرش أو أغطية ولا مدافئ، وكان أطفال المخيم يبكون من شدة البرد ليلاً.
ولا يضم القسم المجهز حديثاً سوى حمام متنقل واحد وعدداً من خزانات المياه.
ويضطر الرجل لنقل والده المسن (78 عاماً) إلى الاقسام القديمة المجهزة بالخدمات من أجل قضاء حاجته، وذلك بعد قطع مسافة تبعد نحو كيلومتر للوصول لأقرب حمام، وأكثر إن أراد الوصول لخيام أقارب له.
تقول سلمى العلي (39 عاماُ)، وهي زوجة أحمد العيدو، إنها لم تكن تملك ما تغطي به الأرضية الترابية للخيمة، سوى ما زاد من أطراف الشادر المنصوب.
ورغم استعارتها لحصيرة وإسفنجة واحدة، لكن الأطفال لم يتحملوا البرد ليلاً، “فذهبنا للنوم لدى أقارب لنا في القسم القديم من المخيم”.