أيام عصيبة لسكان بلدة شمال الحسكة بسبب تكرر القصف التركي

الحسكة – نورث برس

يتجول حسن حميد (50 عاماً)، وهو من سكان بلدة أبو راسين شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، بين منازل جيرانه المدمرة بعد أن طالتها عشرات القذائف المدفعية طيلة الأسبوع الماضي.

وبين ليلة وضحاها تحول الحي الغربي من البلدة إلى مدمر بشكل شبه كامل، وفرغت منازله من سكانها بسبب قصف القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها.

ومنذ الحادي والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الماضي وحتى مطلع كانون الثاني/ يناير الجاري، تعرضت البلدة القريبة من خط التماس مع فصائل المعارضة الموالية لتركيا، لقصف متكرر ومكثف بقذائف المدفعية وصواريخ بعيدة المدى.

ويتذكر “حميد” “مع حلول المساء، انهالت القذائف علينا بشكل وحشي، فخلال الدقيقة الواحدة كانت أكثر من خمس قذائف تسقط، سقطت ثلاثة صواريخ على منزل أحد جيراني”.

ويشير إلى أنه يجد نفسه محظوظاً إذ نجت عائلته بأعجوبة وكان منزله الأقل تضرراً من القصف.

ويضيف وهو يقف أمام غرفة مدمرة: “شاهد ماذا حل بالمكان، فأثناء القصف لم نجرؤ على الخروج من منازلنا، كانت الأرض تهتز من شدة القصف”.

ضحايا وأضرار

وأودى القصف الأخير على البلدة وقراها بحياة ستة أشخاص، بالإضافة لإفراغ تسعة قرى من سكانها والحي الغربي من البلدة، بحسب مجلس البلدة.

والخميس الماضي، فقد ثلاثة أشخاص حياتهم وأصيب خمسة آخرون بجروح بينهم طفلان، إثر قصف القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها لبلدة أبو راسين.

وتسبب القصف التركي بأضرار مادية في الجامع الكبير ضمن البلدة، بعد استهدافه بقذيفة مدفعية أثناء تأدية السكان للصلاة وأسفر عن إصابة شخص بجروح.

ويلاحظ في الحي الغربي من البلدة خطوط الكهرباء المتضررة ممددة على الأرض، في حين أغلقت شجرة صنوبر الطريق المؤدي إلى الحي بعد أن قطعت بسبب القصف.

ووسط البلدة عاد أعضاء وإداريون من المؤسسات الإدارية المحلية بفتح أبوابها من جديد لتسيير الأمور اليومية.

ومطلع الشهر الجاري، تعرض مبنى بلدية الشعب في أبو راسين التابعة للإدارة الذاتية لقصف مدفعي وتضررت أجزاء منه، بالإضافة لإعطاب سيارة عائدة لها كانت مركونة في المرآب.

وأمام الجزء المدمر من البلدية، يقول علي عبدي، وهو الرئيس المشارك للبلدية لنورث برس إن القصف التركي خلال الأيام العشرة الأخيرة تسبب بدمار 16 منزلاً في البلدة وثمانية منازل في قرية الأسدية.

ويشير إلى أن هذه المرة الثانية التي يتعرض فيها مقر البلدية للقصف التركي في الآونة الأخيرة.

وحول الخدمات التي يوفرونها للسكان حالياً، يقول إنهم يقدمون الخدمات للسكان وفق الإمكانات المتوفرة، مثل المياه وتنظيف الشوارع والإنارة فقط.

خروج وعودة

وفي الحي المجاور لـ ‘”حميد”، يسرد جميل العطيوي (40 عاماً) اللحظات العصيبة التي عاشوها كما حال الكثيرين من سكان الحي الغربي.

يقول: “لقد كان أصدقاء أبنائي في ضيافتنا وسمعنا صوت القصف، لم نتحرك من مكاننا خوفاً من الشظايا، لكن بعد لحظات سقطت القذائف بالقرب منا”.

ويضيف: “هرعنا جميعاً إلى الخارج بعد سقوط قذيفة على المنزل”.

ونزح “العطيوي” ليلتها مع عائلته إلى إحدى القرى بريف البلدة ليعودوا إليها بعد ساعتين من توقف القصف.

وتسبب سقوط قذيفة تركية على منزل الرجل الأربعيني بفتح فجوة في سقفه وأضرار مادية في الأثاث.

ويشير الرجل إلى أنه مع حلول الليل لا يبقى أحد في البلدة، إذ يترك الجميع منازلهم ويتجهون للقرى القريبة أو يلجؤون لأقربائهم، “ونحن على هذه الحال منذ أسبوع”.

ويضيف: “أوضاعنا صعبة، نعيش في رعب فليس هناك استقرار نهائياً”.

وبعيداً عن الحي الغربي، شهد سوق البلدة عودة جزئية للسكان وبدت الحركة واضحة في المحال التجارية حيث أقبل السكان على شراء مستلزماتهم اليومية، وذلك بعد يومين من الهدوء النسبي.

كما شهد الشارع الرئيسي في البلدة، مرور دوريات للقوات الروسية والتي تعتبر أحد الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار في المنطقة منذ العام 2019.

مئات النازحين

ويقول سكان محليون إن القوات الأميركية سيرت دوريات لها في المنطقة مؤخراً، بعد أكثر من عامين على انسحابها منها عقب سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة على منطقتي تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) ووصولها إلى مشارف البلدة أواخر عام 2019.

وفي الشارع المجاور للبلدية، باشر مجلس البلدة أعماله وسط وقوف جموع للمراجعين أمام مركزها.

ويتبادل الإداريون ضمن مكاتبهم أطراف الحديث حول القصف الأخير، بينما يعمل أخرون على مراجعة أوراق لأسماء القرى التي توجه لها النازحين، بهدف تقديم المساعدة الإغاثية لهم.

وفي بهو المجلس، يقول طه عيسو، وهو إداري في مجلس بلدة أبو راسين إن القصف التركي على البلدة مؤخراً أدى لنزوح ما بين 1200 و1300 شخصاً.

ويضيف: “القصف التركي تركز على المدنيين بشكل مباشر، هدف تركيا إفراغ المنطقة من سكانها”.

ويصف الإداري في مجلس بلدة أبو راسين أوضاع النازحين بأنها “مأساوية، ففي هذه الأجواء الباردة تشتت النازحون في المنطقة، فمنهم من قصد أقربائه في القرى المحيطة ومنهم من توجه للمخيمات في الحسكة بينما يبيت بعضهم في العراء”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد