نزوح مئات العائلات من ريف الحسكة الشمالي يفاقم الأزمة الإنسانية

القامشلي- نورث برس

قال الرئيس المشارك لمديرية شؤون اللاجئين والنازحين في إقليم الجزيرة، فيروشاه رمضان، إن نحو ألف شخص نزحوا من منازلهم بريف الحسكة الشمالي جراء عمليات القصف التركية المستمرة على المنطقة.

وأضاف “رمضان” لنورث برس، أنهم حتى الأن استقبلوا 104 عائلات نازحة في مخيمي سري كانيه ونوروز، ووفرت الإدارة الذاتية لهم خيماً ووسائل التدفئة وفرشاً وخزانات مياه وحمامات بشكل إسعافي.

وأشار إلى أن المنظمات الدولية والمحلية، ورغم وعودها بتقديم المساعدة للنازحين، إلا أنها وحتى الآن لم تقدم أي مساعدة.

وفي إطار خطة لاستقبال مئات الأسر النازحة من ريف الحسكة الشمالي، أدخلت 63 عائلة نازحة إلى مخيم “سري كانيه” على أطراف مدينة الحسكة خلال الأسبوع الماضي، بعد أن عُمل على توسيع أرضه بمساحة 65 دونماً.

وقال الرئيس المشارك لإدارة مخيم “سري كانيه” يلماز إبراهيم لنورث برس، إنهم “استقبلوا 63 عائلة نازحة دمرت منازلها جراء القصف الأخير لبلدتي زركان (أبو راسين) وتل تمر والقرى الواقعة بينهما”.

وقال نازحون لنورث برس، إن “جميع النقاط العسكرية سواء كانت للمجالس العسكرية، أو قوات حكومة دمشق، موجودة على خط الجبهة ومعروفة”.

ويتفق النازحون في وصف معاناتهم على أنهم ضحايا القصف العشوائي للقوات التركية والفصائل المسلحة، متسائلين، لماذا يتم قصف القرى والمناطق الآهلة بالمدنيين بهذا الشكل؟.

وحذرت منظمات دولية ومحلية من تفاقم أزمة النزوح في منطقة تعاني نقصاً حاداً في وصول المساعدات الإنسانية.

نزوح وصمت

وتتحجج تركيا بقصف قرى وبلدات بريف الحسكة الشمال والشمال الغربي بحجة تواجد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، التي أكدت بدورها عدم تواجد مقاتليها في تلك المناطق والتزامها باتفاق وقف إطلاق النار منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019.

وأسفرت عمليات القصف التركي وفصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا، خلال شهر كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، عن مقتل أكثر من عشرة أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين بينهم نساء وأطفال.

كما أدى القصف إلى إحداث أضرار في المنشأة الحيوية والمرافق العامة والمؤسسات الخدمية، وتدمير عشرات المنازل.

بيد أن موجة النزوح الجديد في المنطقة وسط صمت القوى الفاعلة في الحرب السورية حيال الهجمات التركية، تنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية.

ويبلغ عدد المخيمات النظامية التي تشرف عليها الإدارة الذاتية، شمال شرقي سوريا، 16 مخيماً بعدد سكان يصل إلى 150 ألف نسمة، إضافة إلى عشرات المخيمات العشوائية في أرياف الرقة ودير الزور والطبقة ومنبج، جميعها بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

مساعدات غائبة

ومع غياب إعلان أي أرقام رسمية من قبل السلطات المحلية في شمال شرقي سوريا، حول أعداد النازحين حتى الآن، قالت الأمم المتحدة إن “حوالي 1200 أسرة فرت الأسبوع الماضي من أبو راسين وتل تمر”.

فيما قال مسؤول يمثل هيئة المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في شمال شرقي سوريا، “لم نرَ الكثير من النازحين في هذه المنطقة منذ التوغل في عام 2019”.

وأشار الرئيس المشارك لإدارة مخيم “سري كانيه” يلماز إبراهيم، إلى أن العائلات النازحة إلى المخيم، لم تتلقَّ حتى الآن أي مساعدات من المنظمات الدولية والمحلية، “فقط الإدارة الذاتية هي التي تقدم المساعدات لها”.

وغالبية العائلات توجهت إلى مدينة الحسكة وريفها الشرقي التي تضم أكثر من مليون شخص، ويوجد فيها أربعة مخيمات أكبرها مخيم الهول شرقي المدينة، الذي يأوي أكثر من 57 ألفاً من النازحين السورين واللاجئين العراقيين.

وبدأت الإدارة الذاتية مؤخراً بنصب خيم كبيرة لاستقبال النازحين من الريف الشمالي في مخيم “سري كانيه” الواقع في الطرف الشرقي لمدينة الحسكة، بالتوازي مع القيام بأعمال توسيع المخيم لاستيعاب النازحين الجدد.

غير أن خطة التوسيع باتت قاب قوسين للتعليق، بانتظار تدخل المنظمات المحلية والدولية والتي لم تبادر إلى تقديم المساعدة، وتبقى قدرات الإدارة الذاتية محدودة، بحسب إدارة المخيم.

وتعاني مدينة الحسكة وريفها، منذ سيطرة تركيا وفصائل المعارضة السورية على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في تشرين الأول/أكتوبر 2019، من نقص حاد في توفير مياه الشرب.

وتقوم الفصائل المسلحة الموالية لتركيا بين الحين والآخر على قطع مياه محطة علوك التي تغذي الحسكة وريفها.

معبر مغلق

إلى ذلك، تعاني مناطق شمال شرقي سوريا من نقص حاد في وصول المساعدات، منذ أكثر من عامين، مع إغلاق معبر اليعربية (تل كوجر) مع الأراضي العراقية، بـ “فيتو” روسي صيني.

وقالت منظمات محلية في شمال سوريا، إن إغلاق معبر اليعربية وإيقاف دخول المساعدات الإنسانية تسبب بحرمان وتضرر أكثر من مليوني شخص في المنطقة، حيث أجبرت نحو 40 منظمة محلية ودولية على تعليق عملها شمال شرقي سوريا.

وتهدد موجة النزوح هذه بتفاقم الأزمة الإنسانية في شمال شرقي سوريا، مع إغلاق معبر “سيمالكا” الحدودي بين مناطق الإدارة الذاتي وإقليم كردستان العراق.

ويعد المعبر الذي أغلق من طرف إقليم كردستان في الخامس عشر من كانون الأول/ديسمبر المنصرم، بمثابة الشريان الرئيسي لدخول الاحتياجات اليومية إلى مناطق الإدارة الذاتية.

وحتى الآن لم تثمر جميع الجهود من أجل إعادة فتح المعبر، رغم الوساطات من قبل الأطراف السياسية في شمال شرقي سوريا وتدخل التحالف الدولي ومناشدات المنظمات المحلية.

إعداد وتحرير: عدنان حمو