الحسكة- نورث برس
تتجمع نساء فررن من القصف التركي رفقة أطفالهن حول بعض العيدان المشتعلة قرب ساتر ترابي في قسم ملحق تم تجهيزه على عجل بمخيم سري كانيه في المدخل الشرقي لمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بعد ليلة بادرة قضوها في المخيم.
ومنذ أسبوعين، تصل العائلات تباعاً من بلدتي أبو راسين وتل تمر وقراهما بعد تعرضها لقصف مكثف من جانب القوات التركية وفصائل المعارضة السورية الموالية لها.
وكانت الليلة الأولى في الخيمة كسائر ليالي الشتاء شديدة البرودة وسط عدم توفر أبسط مقومات التدفئة من مدافئ ومحروقات أو أفرشة وأغطية.
القصف الذي خلف العشرات من قتلى وجرحى مدنيين من نساء وأطفال ومسنين لهذه العائلات، دمّر أيضاً منازلها لا سيما في قريتي دادا عون والربيعية ومركز بلدة أبو راسين.
ويوم أمس الاثنين، قال مراسل نورث برس إن قصفاً تركياً استهدف قريتي الطويلة وتل طويل بريف تل تمر شمال الحسكة دون ورود أنباء عن إصابات بشرية.
عشرات العائلات
ومنذ عشرة أيام، نزح موسى وزّو (41 عاماً) من قريته ربيعات بريف أبو راسين إلى مدينة الحسكة ليعيش مؤقتاً في مركز إيواء بمبنى مدرسة الفراهيدي.
يقول لنورث برس إن منظمات تتبع للحكومة السورية وزعت بعض الحاجيات من فرش وأغطية ومساعدات عاجلة لبعض العائلات، بينما توجه مع عائلات أخرى للملحق في هذا المخيم.
يضيف: “نحن الآن نجلس تحت هذه الخيمة، ولا يوجد لدي إسفنج ولا أغطية ولا محروقات للتدفئة”.
ويشير إلى أنه يخشى من المرض على طفله الرضيع الذي يحمله، “إذا احتاج لطبيب سيلزمنا 50 ألف ليرة على الأقل”.
وتتجمع عشرات العائلات النازحة قرب مدخل المخيم، طالبين مأوى، ومشهرين وثائق رسمية تثبت بأنهم من سكان أبو راسين وريفها.
يقولون إنهم فروا من القصف التركي على منازلهم قبل أيام، لكن لم يسمح لبعضهم بالدخول حتى الآن.
وتنتظر نساء حول نار صغيرة أشعلنها من قطع نايلون بالقرب من باب المخيم السماح لهن بدخول المخيم وتسجيل عائلاتهن للحصول على خيمة تأويهن وعائلاتهن هذا الشتاء.
تقول عنود الحمد (51 عاماً) التي فرت من قرية دادا عبدان بريف أبو راسين: “تعرض منزلنا لشظايا القصف، كنا في السابق نلجأ للعراء والوادي القريب من القرية أثناء القصف لنعود بعد توقفه لكن المخاوف ازدادت”.
وتضيف: “لم يدخلونا للمخيم، رغم أنهم يعرفون بحالنا، سبق وأن قاموا بتصوير منازلنا التي تعرضت للقصف، وليس لدينا مكان نلجأ إليه”.
لا إغاثة أممية
وقال يلماز إبراهيم، وهو الرئيس المشارك لإدارة مخيم سري كانيه، إن المخيم يضم 2.225 عائلة تضم 12.036 فرداً، إلى جانب 63 عائلة بعدد 309 أفراد تم استقبالهم في القسم المجهز حديثاً بـ 76 خيمة.
وأضاف لنورث برس: “كانت هناك خطة لتوسيع المخيم بنحو 1000 خيمة، ولكن تراجع المنظمات الدولية عن تقديم الدعم أدى لإيقاف خطة التوسيع مؤقتاً”.
وحول عدم السماح لعائلات بالدخول، قال “إبراهيم” إنهم يتبعون معايير لتحديد “الأكثر حاجة” بالتنسيق مع المجالس المحلية في المناطق التي تعرضت لقصف تركي.
وأشار إلى أن بعض العائلات النازحة خلال فترات سابقة تعاني صعوبات معيشية وتطلب مأوى في المخيم، ” ما أدى لتعقيدات أكثر، لكن تقديم مساعدات عاجلة هو مخصص لسكان سري كانيه وزركان ووتل تمر وأريافها”.
ورغم تواصل إدارة المخيم مع منظمات دولية لطلب المساعدة، إلا أن الإمكانات المتوفرة لا تكفي إلا لمساعدات عاجلة، بحسب إدارة مخيم سري كانيه.
“وتمتنع مفوضية الأمم لمتحدة للاجئين والنازحين عن تقديم الدعم لهذا المخيم ومخيم واشوكاني لعدم اعتراف الحكومة السورية بهما”، على حد قول يلماز إبراهيم.