روسيا وأوكرانيا.. نزاع عسكري أم حرب على خط الغاز الروسي الألماني

القامشلي- نورث برس

يوحي الصراع الذي تصاعد مؤخراً بين روسيا والأطلسي بأنه نزاع عسكري إلا أنه في جوهره نزاع اقتصادي وحرب على مصادر الطاقة، ويستهدف إمدادات الطاقة إلى الطاقة العجوز، بحسب تقارير صحفية.

وازداد التوتر مؤخراً بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، فحشدت روسيا عشرات الآلاف من جنودها على تخوم أوروبا الشرقية.

كما أعلنت بريطانيا استعدادها لإرسال جنودها إلى الحدود الروسية. وهددت أميركا بالتحرك عسكرياً لحماية أوكرانيا من توغل روسي “وشيك”.

ونقلت تقارير صحفية عن مصادرة مطلعة، أن الحرب التي تقرع طبولها على أبواب أوروبا ليست بسبب رغبة روسيا بقضم أراض من أوكرانيا وليست دفاعاً من الناتو عن أوكرانيا ضد تدخل روسي مرتقب، بل هو بسبب قرب تشغيل خط الغاز الروسي إلى أوروبا.

ويمتد خط أنابيب نورد ستريم 2 الذي يحمل الغاز الطبيعي عبر 1200 كيلومتراً من أوستلغا الروسية، عبر بحر البلطيق (بدون المرور بأوكرانيا) وإلى غريفستوالد الألمانية.

و”نورد ستريم 2″ يسمح لروسيا بالتوقف عن استخدام خط أنابيب الغاز الطبيعي الحالي الذي يمر عبر أوكرانيا إلى أوروبا، مما قد يحرم كييف من رسوم عبور حوالي 3 مليارات دولار كل عام.

وأمس، قال بوتين في اجتماع عبر الفيديو مع أعضاء في حكومته إن “خط الأنابيب الجديد إلى ألمانيا قد امتلأ بالكامل بالغاز الطبيعي”.

وشدد على أن تشغيله “يمكن أن يساعد بسرعة خفض أسعار الطاقة الأوروبية المرتفعة”.

وقال بوتين: “سيشعر بانخفاض الأسعار على الفور المستهلكون في الدول التي تستخدم الغاز الروسي”، فيما يبدو محاولة روسية للدفع باتجاه سرعة اعتماد الخط.

وتقول روسيا إن مرور الخط عبر البحر يساهم في توفير المليارات، وبالتالي يساهم في خفض أسعار الطاقة.

وتقول وكالة “رويترز”، إن منتقدي خط الأنابيب في الولايات المتحدة وأوكرانيا وبولندا يقولون إنه سيزيد من نفوذ روسيا على أوروبا، ويضع دول الاتحاد الأوروبي (ضد بعضها البعض) لأن مروره عبر البحر يحرم أوكرانيا من تقاضي عائدات عبوره في أراضيها.

وبحسب شركة غاز بروم الروسية “يضاعف الخط قدرة تصدير الغاز الروسية إلى أوروبا إلى 110 مليار متر مكعب، وهي كمية تحتاجها القارة التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة”.

وخلال السنوات الماضية، كانت ألمانيا، التي ينتهي الخط في أراضيها، أكبر مشتر للغاز الروسي، وهي تريد المزيد، مما يفسر التغاضي الألماني عن تحركات روسيا في أوكرانيا.

وجاءت المواقف الألمانية، ومعها الفرنسية، حذرة ومتأنية من التصعيد الراهن، على ما يبدو، مقتصرة على عبارات الدعم السياسي التقليدية لكييف، والتلويح بعقوبات قاسية على موسكو في حال “الغزو”.

ولا تبدو روسيا راغبة في التفكير حتى في احتمال عدم منح الخط الذي صرف عليه 11 مليار دولار، شهادة اعتماد فنية.

وقال نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، أمس، إن “روسيا تعتقد أن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 سيحصل على الشهادة اللازمة وسيبدأ العمل في نهاية المطاف”.

ويبدو أن روسيا عازمة على البدء بمشروعها الذي سيعزز حضورها في أوربا، فقد قال نائب رئيس الوزراء الروسي، رداً على سؤال حول ما إذا كانت روسيا لديها “خطة بديلة”: “نحن لا ننظر في مثل هذه الخيارات ونعتقد أنها ستطلق وفقا للتوقيت المحدد”.

أما واشنطن فتطمئن أوكرانيا، بأنه “لن يتم اعتماد أي قرار يضر بمصالحها، ودون موافقتها”، ولعل هذا أبرز ما جاء في نتائج زيارة أجرتها مساعدة وزير الخارجية الأميركي، كارين دونفريد، قبل أسابيع.

وبالمقابل، تُذكّر كييف “شركائها الغربيين”، كما تصفهم، بهذا الأمر، وتعتبر على لسان وزير خارجيتها، دميترو كوليبا، أن الاستجابة لمطالب روسيا سيكون “أكبر إذلال للولايات المتحدة، ولحلف شمال الأطلسي منذ تأسيسه”.

وعارضت الإدارات الأميركية المتعاقبة المشروع لكنها لم تتمكن من إقناع الحكومات الألمانية السابقة بالتخلي عن خط الأنابيب.

وتقول مراكز دراسات إن واشنطن لن تسمح بتشغيل الخط لأسباب عدة، منها الحد من تنامي نفوذ موسكو الإقليمي والدولي على حساب النفوذين الأميركي والغربي عموماً، ولإعادة بناء جسور الثقة بين الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد فترة حكم الرئيس السابق، دونالد ترامب.

كما أن واشنطن ستعرقل مشروع “نورد ستريم 2″ لنقل الغاز، لأنها ترى فيه خطراً جيوسياسياً كبيراً على أوروبا، يمكّن روسيا من التحكم بعصب الطاقة وأسعارها”، بحسب خبراء.

إعداد وتحرير: موسى حيدر