عائلات عائدة من “الهول” إلى دير الزور تواجه البطالة وصعوبات المعيشة
دير الزور – نورث برس
يبحث ياسر الخنافة (37 عاماً)، وهو من سكان بلدة الباغوز التي تبعد ١٣٠ كيلومتراً عن دير الزور شرقاً، عن سبيل لإعادة بناء منزله بعد خروجه من مخيم الهول بريف الحسكة منذ أكثر من شهرين.
ويشتكي الرجل من التدهور المعيشي وعدم تقديم المنظمات أي مساعدات له.
يقول لنورث برس إنه ما زال عاطلاً عن العمل ولا يستطيع تحمل تكاليف بناء منزله من جديد.
وخرج “الخنافة” وأسرته مع نحو 200 شخص آخرين من المخيم الذي يعد الأخطر في العالم، ضمن ملحق الرحلة التاسعة عشرة للسوريين المغادرين من الهول والتي ضمت 48 عائلة.
وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، قرر المجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية إفراغ المخيم من العائلات السورية، بعد مبادرة لمجلس سوريا الديمقراطية وشيوخ عشائر بالسماح للسوريين الراغبين بالمغادرة.
استعادة العلاقات المحلية
وفي الحادي والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، غادرت الدفعة التاسعة عشر التي ضمت 18 عائلة سورية بعدد أفراد بلغ 74 شخصاً, صوب مناطقها في ريف دير الزور الشرقي.
ولم تكن عائلته مدرجة في البداية في لائحة المسموحين لهم بالخروج من الهول، إلا أن “الخنافة” فرح بالسماح له بالمغادرة لاحقاً.
ويشتكي غالبية الخارجين من مخيم “الهول” والمستقرين في دير الزور وأريافها من انعدام الدخل أو عدم كفايته، وغياب المساعدات الإغاثية.
ويرى أرباب لهذه العائلات أن على كل شيخ أو وجيه عشيرة النظر بواقع من كفلهم للخروج من مخيم الهول الذي يوصف بأنه الأخطر في العالم، فالعائلات تحتاج لمتابعة أمورها حتى اندماج أفرادها في المجتمع الذي عادوا إليه.
ورغم قلة فرص العمل وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في الباغوز، يصف الرجل خروجه بـ “العودة إلى الحياة”.
ويضيف أنه لقي ترحيباً من معارفه وأقاربه فور وصوله، “كان يدور في ذهني بأن الجوار سيخشون الاختلاط بنا، لكن وجدناهم طبيعيين في التعامل معنا”.
واعتبر أن قرار إرسال أطفاله الأربعة للتعلم في المدرسة، سيكون خطوة أخرى نحو استعادة عائلته التفاعل مع محيطها.
لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه العائلة هي أن معيلها عاطل عن العمل، وينتظر أن يخبره أقربائه وأصدقائه القدامى في البلدة حال توفر فرصة عمل.
“لم يعد غياب الشمس مخيفاً”
وأثناء اشتداد المعارك لطرد مسلحي التنظيم من الباغوز في أواخر 2019، خرج “الخنافة” وأفراد عائلته من البلدة، وانتهى بهم المطاف داخل أسوار أخطر مخيم في العالم.
يستذكر الآن هول ما كان يجري في المخيم من اغتيالات، “عند مغيب الشمس وفي وحشة الظلام لا يعلم الشخص ما سيكون مصيره، وإن كان سيبقى حياً حتى الصباح”.
ويضم مخيم الهول، الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً شرق الحسكة، نحو 56.750 فرداً من اللاجئين العراقيين والنازحين السوريين وعائلات قتلى ومعتقلي وعناصر تنظيم “داعش” الأجانب المنحدرين من نحو 60 دولة.
وشهد المخيم خلال العام 2021 عشرات حوادث القتل بحق نازحين سوريين ولاجئين عراقيين على يد متشددين لتنظيم “داعش”.
يقول “الخنافة”: “تنتظر موتك بأي لحظة ولا تعرف قاتلك من سيكون، وكل يوم نسمع أن اغتيالات طالت بعض قاطني المخيم”.
ويضيف: “من تغيب الشمس تغيب روحك”، في إشارة إلى حالة الخوف المنشرة بين سكان المخيم.
“غياب مساعدات”
ووجد ناصر الحمد (22 عاماً)، وهو عائد إلى من الهول إلى بلدة الباغوز أيضاً، أن أحد منزليه احترق والآخر دمر أثناء معارك طرد مسلحي “داعش” من البلدة على يد قوات سوريا الديمقراطية.
ويقيم “الحمد” وعائلته المؤلفة من 12 شخصاً، حالياً في منزله الذي تعرض للحرق بعد أن أعاد إصلاح بعضه بمساعدة جيرانه وأقربائه في البلدة.
وينتظر الرجل فرصة عمل ليعيل عائلته بعد أن علم أنه لن يستطيع إعادة بناء منزله المدمر، إلا بمساعدة المنظمات الإنسانية.
ورغم أن الشاب يمتهن البناء والنجارة لكنه ما زال دون عمل حتى الآن.
ولم تتلق العائلة أي دعم من أي جهة إغاثية دولية أو محلية أو أهلية، وحتى الأقارب يعانون هم أنفسهم من ضعف أحوالهم المادية، بحسب “الحمد”.
“لا تنظروا لهم كدواعش”
وقال ذيب الداوود (55 عاماً)، وهو وجيه في بلدة الباغوز، إن العائلات العائدة من الهول تواجه مع أطفالها واقعاً صعباً، “فقد فقدوا كل ما يملكون من منازل وممتلكات”.
ويرى أن بإمكان استعادة علاقاتها في المجتمع المحلي قد يخفف المعاناة، داعياً السكان إلى “عدم النظر إليهم بتنمر أو على أنهم دواعش، والتعامل معهم بصورة لا توحي لهم بأنهم منبوذون”.
وأضاف “الداوود”، لنورث برس، أن بعض السكان قدموا مساعدات عينية بسيطة للخارجين من الهول مثل الاسفنجات والفرش لكنها لا تكفي.
وقال إن هذه العائلات تحتاج إلى مساعدات تعينها على إعادة بناء منازلها لأن إمكاناتها المادية لا تمكنها من تحمل تكاليفها.