نازحون بريف حلب يعجزون عن تأمين العلاج لأطفالٍ ذوي احتياجات خاصة

ريف حلب  الشمالي- نورث برس

يجلس الطفل صبحي خليل (11 عاماً) أمام شاشة تلفاز ليشاهد مسلسلاً اعتاد على متابعته، محاولاً من خلال حركة الممثلين وإيماءات وجوههم فهم شيء من الأحداث.

ويعاني الطفل، وهو من سكان قرية كفر صغيرة بريف حلب الشمالي، منذ ولادته من فقدان السمع والنطق بشكل كامل ويتواصل مع أفراد عائلته بالإيماء والإشارة.

يقول شعبان خليل، وهو والد الطفل، إنهم اكتشفوا مشكلته منذ الأشهر الستة الأولى من عمره، “إذ لم يكن يستجيب  للأصوات من حوله ولم يكن يبدي أي ردة فعل تجاه الحركات”.

ويشير الوالد، وهو موظف لدى الإدارة الذاتية لعفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، إلى أنهم ذهبوا به إلى أطباء في المنطقة ولكن “لم نستفد شيئاً”.

وازدادت معاناة الطفل الذي يقضي حالياً جل وقته منعزلاً عن أقرانه نتيجة رحلات متكررة من النزوح، فهو قضى أغلب سنوات عمره في مخيمات تفتقر لأبسط الخدمات تساعد طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وعام 2013، فرت عائلة الطفل من قريتها هرباً من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي سيطر على ريف حلب الشمالي آنذاك واستقرت في بلدة كفرجنة التابعة لناحية شران بمنطقة عفرين لمدة عامين.

وبعد إنشاء الإدارة الذاتية في عفرين لمخيم خاص بالوافدين إلى المنطقة في قرية باصلحايا التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين الجنوبي، انتقلت عائلة الطفل إلى المخيم.

ولكن وبعد شن تركيا برفقة فصائل المعارضة الموالية لها عملية عسكرية ضد عفرين في كانون الثاني/ يناير من العام 2018 وتعرض المخيم للقذائف، فرت العائلة مرة أخرى إلى ريف حلب الشمالي واستقرت هذه المرة في مخيم برخدان.

“لا نستطيع علاجه”

وتسببت العملية العسكرية التركية، بنزوح نحو 300 ألف شخص من عفرين للسكن في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.

وبحسب إحصائية سابقة لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين (تعمل حالياً بريف حلب الشمالي)، فإن 2000 عائلة نازحة من عفرين تتوزع في المخيمات الخمسة، ويسكن حوالي 140 ألف شخص في القرى والبلدات.

بينما فضلت عائلات أخرى العيش في مدن وبلدات سورية أخرى، لا سيما التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهاجر آخرون لخارج البلاد.

وبسبب دمار منزلها وخوفاً من التعرض للاعتقال على يد القوات الحكومية، لا تتمكن عائلة “خليل” وخاصة الوالد العودة إلى قريتها ولا حتى زيارتها رغم أن مخيم “برخدان”  يبعد عنها ثمانية كيلومترات فقط.

وتسيطر قوات الحكومية السورية على مناطق تواجد نازحي عفرين بريف حلب الشمالي، كما تتواجد فيها نقاط للقوات الروسية.

وتعاني عائلة الطفل كسائر العائلات النازحة في المخيمات بريف حلب الشمالي من ظروف معيشية صعبة، بسبب قلة فرص العمل وغلاء أسعار المواد، في  ظل العراقيل التي تفرضها القوات الحكومية على المنطقة.

وتعجز عائلة “خليل” ولضعف القدرة المالية عن تأمين سعر سماعة طبية تساعده على السمع.

 يقول الوالد بنبرة يغلب عليها الحزن: “لا نستطيع  حتى إجراء التخطيط السمعي لطفلي ولا تقديم العلاج له”.

ويشير والد “خليل” إلى أنهم العام الماضي أرسلوه إلى مدرسة مخيم برخدان، “لكن المعلمين لم يستطيعوا التعامل مع وضعه الخاص، فلم يعد يرتادها”.

ويتسبب افتقار منطقته لمراكز تعليمية خاصة بذوي احتياجات الخاصة ببقاء “خليل” دون تعليم.

مستلزمات مرضى

ويضيف الوالد أنهم يحزنون كثيراً على وضع طفلهم، “فوجود مريض في العائلة يؤثر علينا ككل في وقت لا نستطيع تقديم المساعدة له”.

ويطالب المنظمات والجمعيات المعنية بشؤون النازحين تقديم المساعدة لإجراء الفحوصات اللازمة لطفله وتقديم المعالجة له.

ويعجز فرع عفرين لمنظمة الهلال الأحمر الكردي العاملة في مناطق الإدارة الذاتية، عن تأمين أدوية وعلاجات لحوالي 2500 مريض يعانون من الأمراض المزمنة، بحسب الرئيس المشارك للمنظمة حسن نبو.

وفي تصريح سابق لنورث برس، قال “نبو” إن قلة الدعم المقدم للمنظمة والحصار الحكومي وعدم تقديم المنظمات الدولية الطبية المساعدات، يزيد من معاناة المرضى ويفاقم وضعهم الصحي.

وتعاني الطفلة ذكية حجيكو (ثلاثة أعوام) من نقص سمعي حسي عصبي في كلتي أذنيها، إضافة لفقدان القدرة على الكلام.

 وبحسب التقارير الطبية والتخطيط السمعي الذي أجري لها مؤخراً، فهي تسمع بنسبة 10 بالمائة فقط،  لذلك لا تستطيع التواصل مع محيطها بشكل طبيعي.

وتعيش الطفلة مع والديها وأختها حالياً في مخيم برخدان وذلك بعد نزوحهم من قريتهم قيبار التابعة لمركز مدينة عفرين.

تقول نازلية علي، وهي والدة الطفلة، إن الأطباء أكدوا لها أن التأخر في تأمين السماعات الطبية للطفلة ليس من مصلحتها.

ولكن “وضعنا المعيشي صعب جداً، فلا فرص عمل والأسعار عالية جداً, وليس بمقدورنا شراء السماعات”.

 إعداد: ناريمان حسو- تحرير: سوزدار محمد