مرضى في القامشلي لا يحصلون على أدويتهم بسبب غلائها أو فقدانها
القامشلي- نورث برس
يسأل علي الأحمد (60 عاماً)، الموظف في إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية في القامشلي، شمال شرقي سوريا، صيدلياً عن السعر الجديد لصنف دواء يستخدمه لمرض الربو.
ويقرر تأجيل شرائه حين يرد الصيدلي أن الصنف الذي يستخدم عن طريق الاستنشاق يباع الآن بـ 25 ألف ليرة.
وسبب ارتفاع أسعار الأدوية السورية لمرتين خلال العام المشارف على الانتهاء مشكلة للمرضى المعتمدين في معيشتهم على وظائف أو مداخيل محدودة.
ومنتصف هذا الشهر رفعت الحكومة السورية أسعار الأدوية بنسبة 30 بالمائة، وهي الزيادة الثانية خلال العام الحالي.
ويتكرر نقص توفر أدوية أمراض مزمنة كل شهرين أو ثلاثة في القامشلي ، بينما تستخدم البدائل للمضادات الحيوية التي يوجد أكثر من 20 صنفاً لها، بحسب صيادلة في القامشلي.
وفي القامشلي ومعظم مناطق شمال وشرق سوريا، تضاف للتسعيرة الحكومية تكاليف الشحن وما يدفعه سائقون وشركات للشحن من إتاوات ورشاوى لإيصال البضائع للمنطقة.
يقول “الأحمد”، الذي نزح منذ أكثر من عامين من رأس العين (سري كانيه)، إن هذه الأسعار لا تناسب راتبه الشهري الذي يبلغ حوالي 300 ألف ليرة سورية والذي لا يكفي احتياجات عائلته لنصف شهر.
وفي التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، اجتاحت تركيا رفقة فصائل موالية لها منطقتي سري كانيه وتل أبيض، ما تسبب بنزوح ما يقارب 300 ألف شخص من ديارهم.
تجزئة الوصفة
ورغم المخاطر، يقوم رب العائلة بتناول أدويته بالتجزئة، فيتناول حبة من كل علبة من الأصناف الثلاثة التي وصفها الطبيب، بينما يتناول دواء آخر ثلاث مرات في الأسبوع بدل تناوله يومياً.
وفضلت عائلة “الأحمد” التي تضم أربعة أطفال السكن في منزل مستأجر في حي الهلالية بالقامشلي على المخيمات التي يعاني سكانها من ظروف قاسية في ظل قلة وصول المساعدات الإغاثية للمنطقة.
وبينما تتركز مشكلة علي الأحمد في الأسعار والإمكانات، تقول ربيعة خزيم (70 عاماً) إنها لا تتمكن من إيجاد أصناف لمعالجة السكري وأمراض القلب في الصيدليات.
تقول المرأة التي تعاني من مرض السكري ومشكلات صحية في القلب إن ابنها الوحيد يؤمن لها ثمن لأدوية لكن فقدان أصناف منها يتسبب بحرمانها من الحصول على العلاج المناسب.
وتضيف أنها لا تثق في البدائل التي يقترحها الصيادلة لها، إذ تعتقد أن الصنف المعتاد كان الأفضل.
“لكنني اضطر مرات كثيرة لاستخدام أصناف أجنبية أحصل عليها عن طريق أقاربي في دول الجوار”.
وتصف المسنة فقدان الأدوية بالمصيبة التي تحتار معها.
“قد ترتفع مجدداً”
وقال طارق حمندي، وهو صيدلاني في القامشلي، إن رفع أسعار الأدوية جاء كإجراء إسعافي اتخذته وزارة الصحة في دمشق لتجنب إغلاق معامل أدوية كانت تطالب برفع أسعار بنسبة ٧٠ بالمائة.
وأضاف أن “من الممكن ارتفاع سعر الدواء مجدداً، فهذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة”.
وأعاد سبب نقص توفر أدوية الأمراض المزمنة لأنها تؤخذ بشكل دوري، بينما تنقطع المادة الأولية المستوردة أحياناً.
وتستورد معامل الأدوية السورية، التي تتركز في المدن الكبيرة مثل دمشق وحلب وحمص، المادة الأساسية للدواء من شركات عالمية خارج البلاد.
ومنذ أعوام تواجه تلك المعامل تحديات لاستمرار عملها أبرزها انهيار قيمة الليرة السورية وعدم إمداد المصرف المركزي لها بما يكفي من العملات الأجنبية لاستيراد المواد.
وقال هوزان شيخي، وهو رئيس اتحاد مستودعات توزيع الأدوية في القامشلي، إن أجور النقل و الإتاوات التي تُدفع للرفق الرابعة تزيد من سعر الدواء في المنطقة بنحو ال ٨٠ بالمائة.
كما يعود تفاوت الأسعار أحياناً لوجود ما يقارب ٤٠ مستودع توزيع أدوية، تشتري الأصناف من معامل مختلفة في مناطق سيطرة الحكومة.
كما أن طريقة الشحن وتكاليفه تختلف بين وقت وآخر، بحسب صاحب مستودع الأدوية.