نقص مادة السكر وارتفاع سعرها يتسبب بطوابير على المؤسسات الاستهلاكية في الرقة

الرقة- نورث برس

ينتظر تركي العساف (59 عاماً) على الرصيف المجاور للمؤسسة الاستهلاكية في الرقة، شمالي سوريا، ليحصل على كيس من مادة السكر التي يقتصر وجودها على مراكز محددة بعد فقدانها في الأسواق منذ نحو أسبوع.

ووسط برودة الشتاء، قطع “العساف” 35 كيلومتراً من قريته تل السمن إلى الرقة جنوباً، منذ ساعات الصباح الأولى، واصطف في الدور الذي ضم العشرات من سكان الرقة وريفها، بهدف تأمين السكر لعائلته المؤلفة من ثمانية أفراد.

يقول لنورث برس بلهجته المحلية: ” نركض ورا كاسة سكر ومو محصلينها”.

وتشهد مدينة الرقة ومناطق أخرى في شمال وشرق سوريا، زيادة في الطلب على مادة السكر بعد انتشار أنباء عن نقص توفرها في الأسواق، بعد إغلاق معبر سيمالكا (فيشخابور) الحدودي مع إقليم كردستان العراق الأسبوع الماضي.

ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من السكر في بعض متاجر الرقة إلى أكثر من خمسة آلاف ليرة سورية، بحسب سكان، وذلك بعد أن كان يباع بنصف هذا السعر قبل أسبوع.

ويباع كيس السكر (سعة عشرة كيلوغرامات) في المؤسسات الاستهلاكية في شمال شرق سوريا بـ 20.700 ليرة سورية.

وتعتبر شركة نوروز الاستهلاكية، بفروعها في جميع مناطق شمال شرق سوريا، المورد والموزع الرئيسي لمادة السكر.

ومنتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، شهدت المنطقة نقصاً في توفر مادة السكر، حملت “الإدارة الذاتية” التجار في مناطقها آنذاك مسؤولية احتكار المادة.

انتظار وتكلفة

وقال “العساف” إنه كان يتردد إلى المؤسسات الاستهلاكية في المدينة منذ الأسبوع الماضي، لكنها كانت مغلقة معظم الأوقات، “كنت أعود إلى البيت خالي اليدين بعد مرور ساعات طويلة من التعب والجهد للحصول على كيس سعة عشرة كيلوغرامات من السكر”.

وأضاف، نقلاً عن سكان من قريته، أن سعر الكيس وصل في بعض الأسواق إلى 37 ألف ليرة سورية.

وفي مدينة الرقة فرعان للمؤسسة الاستهلاكية، إحداها بجانب دوار الباسل في الطرف الغربي من المدينة، والآخر في شارع سيف الدولة في الطرف الشرقي.

ويزدحم أمام المركزين أطفال ونساء ومسنون وسكان آخرون.

وتشرف على تنظيم الدور أمام المؤسسات، قوى الأمن الداخلي “الآسايش” وقوات حماية المجتمع “الجوهرية” وموظفين آخرين من الضابطة التموينية في لجنة الاقتصاد في مجلس الرقة المدني.

وقال “العساف” إن بعض الأطفال والنساء يأتون في ساعات مبكرة من الصباح، ومن مسافات طويلة من أرياف الرقة، ويتحملون مصاريف نقل، لكنهم يعودون إلى منازلهم خاليّ الوفاض”.

برد وتوقف أعمال

وقالت حليمة الأحمد (39 عاماً)، وهي من سكان حي الطيار في الطرف الجنوبي لمدينة الرقة ومعيلة لخمسة أطفال، إن السكر مفقود في المحال التجارية، وإنها تنتظر أمام المؤسسة منذ “الفجر”.

ورأت المرأة أن على الإدارة الذاتية توفير مادة السكر، “كي لا يوقف الناس أعمالهم وينتظروا في طوابير أمام المؤسسات في هذا البرد”.

وقال أحد التجار في الرقة، لنورث برس شريطة عدم نشر اسمه، إن شركة “نوروز” لم توزع السكر للتجار المعتمدين منذ فترة تتجاوز الأسبوعين، دون معرفة الأسباب.

وأضاف لنورث برس، أن السكر فُقد، لأن الجهة الوحيدة التي تستوردها، وتشرف على توزيعه هي هذه الشركة.

وعلل إداري في شركة نوروز في الرقة، عدم توزيع السكر للمراكز المعتمدة منذ أسبوعين “بإجراء جرد سنوي تقوم به المؤسسة وبعد الانتهاء منه ستوزع الكميات”.

وأضاف، لنورث برس، إن الكميات المخزنة في مستودعات المؤسسة “تكفي جميع السكان”.

وأرجع الازدحام لمخاوف السكان من عدم الحصول على السكر.

إغلاق معابر

وقال رشاد كردو، وهو الرئيس المشارك للجنة الاقتصادية في مجلس الرقة المدني، إن إغلاق معبر “سيمالكا” ومعابر أخرى مع مناطق حكومة دمشق، أثرت على توفير مادة السكر في مناطق شمال وشرق سوريا.

ويعتبر السكر العراقي القادم من إقليم كردستان عبر معبر سيمالكا المصدر الرئيس لتوفيره في أسواق شمال وشرق سوريا.

والسبت الماضي، وفرت شركة “نوروز” نحو 200 ألف طن من السكر لمدينة الرقة، وجرى توزيع البعض منها، لكن ازدحام السكان على المؤسسات، حال دون توزيع هذه الكميات على الجميع، بحسب “لجنة الاقتصاد”.

وحالياً هناك اقتراح لتوزيع الكميات الموجودة في المستودعات على التجار في المدينة، لافتتاح نحو 40 منفذ توزيع، بهدف تخفيف الازدحام والضغط على المؤسسات الاستهلاكية، وفقاً لـ “كردو”.

وقال رئيس لجنة الاقتصاد، لنورث برس، إن المادة متوفرة، والكميات المتواجدة في المستودعات والقادمة إلى المدينة كافية لسد الحاجة.

 وأشار إلى أن “إجراءات قانونية ستتم بحق كل تاجر يتلاعب في الأسعار ويحتكر المادة”.

إعداد: عمار حيدر ـ تحرير: عمر علوش