اللاذقية- نورث برس
رغم الاحتياجات الكثيرة التي تشغل فكره ولم يستطع تأمينها، يعتبر أحمد رسلان (30 عاماً) وهو سائق سيارة أجرة في اللاذقية، إن أهم ما يشغله الآن هو احتياجات والده المسن.
لكن إعطاء الأولوية لها، لم يمكّن الشاب من تأمين الأصناف الثلاثة لأدوية والده النفسية.
ويتسبب فقدان أصناف من الأدوية بمشكلة أسوأ من غلائها في مناطق نفوذ مختلفة في البلاد، لكن مناطق سيطرة الحكومة التي تضم المعامل وشركات الإنتاج غير مستثناة من عناء البحث عن الأصناف المفقودة وبدائلها.
وفي اللاذقية التي لم تخرج يوماً عن سيطرة الحكومة ويتوفر ربطها عبر النقل الجوي والبري بمدينتي دمشق وحلب اللتين تضمان المعامل الرئيسة للأدوية في البلاد، يحتار ذوو مرضى في كيفية تأمين الأدوية.
يقول “رسلان” لنورث برس: “البرد لم يعد مشكلة كبيرة في نظري، والكهرباء لا نملك رفاهية الحلم بها، احتياجاتنا باتت مختلفة عن السابق، همي اليوم تأمين علبة دواء.”
ويصف نقص الأدوية الحالي بالأسوأ منذ اندلاع الحرب في البلاد، “كثيراً ما فُقدت بعض الأصناف لمدة كانت تصل لأسبوع كحد أقصى، لكن المشكلة أكثر حدة اليوم”.
بديل البديل
وتمكن الشاب من شراء علبتي دواء قبل نحو شهر، وذلك بعد أن توقع صديقه الصيدلاني فقدانها، لكنه يحتاج الآن لعلب جديدة لم يتمكن من تأمينها.
وجاب، بحكم عمله كسائق تكسي، غالبية صيدليات مدينة اللاذقية وريفها وجبلة، ليشتري علبة تحتوي 20 حبة بـ 24 ألف ليرة بعد أن شدد الطبيب على ضرورة تأمينها ويئس من انتظار توفره في الصيدليات.
يقول “أحمد” إنه سيشتري الدواء ولو وصل الأمر لبيع السيارة التي يقول إنها بالنهاية كانت ملك والده المريض.
أما نديم عثمان، وهو متقاعد ستيني، فيقول إنه وزوجته انتقلا من استخدام الصنف الأساسي للبديل ومن البديل إلى بديل البديل.
ويضيف: “منذ شهرين تقريباً ونحن بالكاد نحصل على الدواء، لا نشتري علبة إلا وتفقد خمس أصناف”.
“نشعر بالخجل والضيق”
ومن جانبها، تقول ديما ديوب، وهو اسم مستعار لصيدلانية في اللاذقية، إنها تشعر “بالخجل من المرضى ومن نظراتهم، خصوصاً عندما ألمح بها تشكيكاً في مصداقيتي”.
وتضيف: “البعض يظنون أننا نخبئ الأدوية، وهذا غير صحيح، حتى أقاربنا لا يقتنعون أني عاجزة عن تأمين علبة دواء، لكنني أقدر موقفهم”.
وتشير الصيدلانية إلى شعورها بالضيق لجلوسها طوال اليوم معتمدة في مبيعاتها على الشامبو ومستحضرات التجميل.
ويقول صيادلة في اللاذقية إن بدائل أصناف الأدوية المهربة تتوفر بأسعار غالية، وهي قادمة من لبنان أو تركيا أو العراق.
وقال سليمان إبراهيم، وهو اسم مستعار لمشرف توزيع في مستودع للأدوية، إنه كان يعتقد أن الدواء سيتوفر بعد الزيادة الأخيرة.
ومنتصف هذا الشهر رفعت الحكومة السورية أسعار الأدوية بنسبة 30 بالمائة، وهي الزيادة الثانية خلال العام الحالي.
ويعيد “إبراهيم” أسباب انقطاع الدواء إلى عدم تمكن المعامل من استيراد المواد الأولية الداخلة في صناعتها، أو تشديد الرقابة على بعض الأصناف ما يؤدي لتخفيض المعمل المنتج للكميات. بسبب انخفاض الأرباح.
كما نقل عن معامل أدوية قولهم إن كثرة الضرائب وانقطاع المازوت ومصاريف النقل والإتاوات التي تدفع على الحواجز للفرقة الرابعة يجعل صاحب المعمل يحاول بيع أغلب إنتاجه لخارج البلاد.
ويرى “سليمان” أن الرقابة على أسعار الدواء ضرورية ومهمة، لكن يجب أن تترافق مع تسهيلات لأصحاب المعامل والمنشآت الدوائية.