مسنان وابنة مريضة وآلام نزوح أخرى في إدلب
إدلب – نورث برس
على عكازين يسعى عبود الأحمد (70عاماً)، وهو نازح من ريف حماة الشمالي، للوصول إلى موضع جلوسه في خيمته بمخيم عشوائي على أطراف مدينة أطمة على الحدود السورية التركية بريف إدلب شمال غربي سوريا.
ويعيش المسن مع زوجته وابنته المريضة في خيمة بالية تفتقر لأبسط مستلزمات العيش أو لوازم التدفئة هذا الشتاء.
وتواجه العائلة صعوبات أبرزها انعدام الدخل مع عدم تمكن معيلها من ممارسة أي عمل، ويضاف إليها صعوبة تأمين علاج أو أدوية للابنة المريضة.
ومطلع العام 2019، نزحت العائلة من بلدة قلعة المضيق بريف حماة هرباً من المعارك والقصف المتبادلين بين القوات الحكومية المدعومة من روسيا وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا.
يقول الرجل إنه لم يتمكن من اصطحاب أي أمتعة أو أثاث معه حين فر مع زوجته وابنته المريضة.
طبق برغل
ومنذ وصولها إلى المخيم، تعتمد العائلة بشكل أساسي على المساعدات الإغاثية، “فلا قدرة لنا على شراء الطعام من السوق، وحتى الخضار أصبحت غالية الثمن، وتفوق قدرتنا”.
يضيف “الأحمد” أنه يبيع المواد الغذائية الأقل استخداماً من محتويات سلة الإغاثة، ويترك الأساسيات لاستخدامها في الطهي للعائلة .
تنشغل الزوجة بإعداد طبق البرغل الذي سيتناوله أفراد العائلة مع الخبز رغم أن كليهما مصنوعان من القمح، إذ تخلو الخيمة من أي خيارات للخضار أو اللحوم التي ربما لا تخطر حتى على بال أفراد العائلة بسبب صعوبة الحصول عليها.
ويعاني الرجل، الذي ملأت التجاعيد قسمات وجهه، من وهن في جسده وآلام في قدميه بسبب التقدم في السن الذي يعتبره أمراً من الله يصيب كل مخلوق.
لكن ما يزيد تلك الآلام هي حياة الفقر جراء عجزه عن العمل وتدني مستوى الخدمات في المخيم العشوائي.
ابنة مريضة
يقول إن أكثر ما يشغل باله لآن هو صعوبة تأمين الأدوية لابنته المصابة بضمور دماغي بسبب نقص توفرها وغلاء أسعارها.
ويشير إلى حاجته لمبلغ 200 ليرة تركية لشراء الأدوية شهرياً .
ولا يضم المخيم الذي تسكنه العائلة صيدلية أو نقطة طبية داخل المخيم، بينما يصعب على الرجل قطع المسافات للوصول إلى صيدليات ومراكز صحية في المنطقة.
كما ويفاقم الوضع الأمني المتدهور في محيط المخيم صعوبة نقل المريضة لعرضها على طبيب في أحد المشافي التي تتوفر فيها بعض الفحوصات المجانية.
وتبلغ الابنة المصابة بضمور دماغي منذ ولادتها 27 عاماً، وصف لها الأطباء أدوية حتى لا تسوء حالتها أكثر.
تشير أمها إلى أنها تصبح كثيرة البكاء والصراخ حين لا تحصل على دوائها.
وبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في مخيمات إدلب حتى أواخر العام الفائت 2020، 199 ألفاً و718 شخصاً، بحسب بيانات لفريق “منسقو استجابة سوريا”.
وتقول غنوة نواف (30 عاماً) مديرة مركز الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي: “لا يحظى ذوو الإعاقة في إدلب بأي دعم مادي، أو كفالات شهرية”.
وتضيف: “كما تعجز المراكز الموجودة في إدلب وريفها عن تغطية الحالات، خصوصاً حالات الضمور الدماغي والشلل التام، رغم حاجة المرضى إلى أدوية بشكل شهري ومعالجة فيزيائية مستمرة”.
لا موعد للعودة
ولا ينسى “الأحمد” بلدته فيعتبر النزوح صعباً على الجميع، لكن البعد أشد تأثيراً على المسنين أمثاله ممن اعتادوا الحياة في منازلهم وقراهم ووسط عادات وتقاليد متوارثة توفر قدراً من الأمان والراحة.
“نتمنى أن نحصل على ما يسد رمقنا، وأن نجد سبيلاً للعودة إلى ديارنا بعد أن تضع الحرب أوزارها .”
وللعائلة ولد وحيد يعيش في تركيا مع أسرته.
تقول والدته فاطمة الإبراهيم (53 عاماً) إنه يعمل جاهداً ليتمكن بالكاد من تدبر احتياجات أسرته.
وتشير إلى أن الخيمة الصغيرة “هي مكان للعيش والطهي والاستحمام”.
ومع أن الخيام بطبيعتها لا ترد حراً ولا برداً، فإن العائلة لا تمتلك أغطية كافية للحصول على بعض الدفء هذا الشتاء، كما أن أفرادها يعانون من نقص المياه الصالحة للشرب هنا.
ورغم صعوبة السير في طرقات المخيم حين يهطل المطر، تضطر المرأة للذهاب لإحضار المياه من الخزان الذي يبعد حوالي 100 متر عن الخيمة.