أفرشة مبللة وخيام لا تحمي من الأمطار في مخيم بالحسكة

الحسكة – نورث برس

تُخرج ريما محمد (48 عاماً)، وهي نازحة في مخيم واشوكاني، 12 كيلومتراً غرب مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، إسفنجات وأغطية وألبسة مبللة لتعرّضها لأشعة الشمس خارج خيمتها بهدف تجفيفها.

تقول النازحة التي تنحدر من قرية السفح بريف سري كانيه (رأس العين) بعدما نظفت خيمتها من المياه: “تسربت مياه الأمطار إلى الخيمة، أغراضي مبللة ولا أعلم إن كانت ستجف مع حلول الليل أم لا”.

وتضيف، وهي تحمل أحد أطفالها، أن وضعهم في المخيم يزداد سوءاً مع بدء الهطولات المطرية، “لا نعلم كيف سيمضي هذا الشتاء”.

وازدادت معاناة النازحين في المخيم مع أولى الهطولات المطرية هذا العام حيث تسربت المياه إلى الخيام، إلى جانب الأوحال التي تسببت بصعوبة في الحركة لا سيما للأطفال.

ويقول نازحون إنهم لم يتمكنوا خلال اليومين الماضيين من النوم بسبب تضرر خيامهم.

وتعيش في مخيم واشوكاني، الذي تم إنشاؤه عقب العملية العسكرية التركية عام 2019، 2.324 عائلة نازحة من مدينة سري كانيه وريفها وتضم 15.381 فرداً، بحسب إدارة المخيم.

وكانت تركيا قد شنّت مع فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها في التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2019 هجوماً برياً وجوياً على منطقتي تل أبيض وسري كانيه وانتهت بسيطرتها عليها في الشهر ذاته.

وتسببت العملية العسكرية بنزوح أكثر من 300 ألف شخص من المنطقتين، وفق إحصائيات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وتوزعت عائلات نازحة في مخيم تل السمن شمال الرقة ومخيمات واشوكاني والعريشة وسري كانيه في الحسكة ومخيم نوروز شرق مدينة ديرك، بينما سكنت أخرى في مدن وبلدات تديرها الإدارة الذاتية.

“مازوت قليل”

ومع حلول الشتاء، قام نازحون ترقيع جوانب الخيم المهترئة بأسمال الألبسة المهترئة وسدها بأكياس النايلون للحد من تسرب مياه الأمطار لداخلها.

ويشتكي هؤلاء من قلة مخصصاتهم من وقود التدفئة، إذ تحصل كل عائلة على 40 لتراً من مادة المازوت كل عشرة أيام.

وقالت “محمد” إنها مجبرة على تشغيل المدفأة طوال اليوم خوفاً من إصابة أطفالها بأمراض، كما أن حالة زوجها الصحية تتطلب تدفئة دائمة.

ولدى السيدة الأربعينية أربعة أطفال، بينما يعاني زوجها من عدة أمراض جعلته طريح الفراش.

وأضافت: “مخصصاتنا من محروقات التدفئة قليلة ولا تكفينا، أضطر أحياناً لشراء المازوت من سوق المخيم لكن  عندما لا يتوفر المال نقضي الليالي دون تدفئة”.

 وتقارن “محمد” وضعها في المخيم والصعوبات التي تواجهها بحالها قبل نزوحها وتتحسر على ما آلت إليه أحوالهم، “نريد العودة إلى منازلنا فقط، حالنا لم يكن هكذا قبل النزوح، لم نكن نعاني إذا هطلت أمطار غزيرة، كنا نراها خيراً علينا”.

وتغيب غالبية المنظمات التابعة للأمم المتحدة والعشرات من المنظمات الأخرى العاملة في شمال شرقي سوريا، عن دعم المخيم، بذريعة “عدم وجود اعتراف به”، بحسب إدارة المخيم.

وقال رياض مرعي، وهو مسؤول مكتب العلاقات في مخيم واشوكاني، إنهم حاولوا الضغط على المنظمات العاملة في المخيم والإلحاح عليهم بضرورة تقديم مساعدات شتوية للنازحين، “ولكن الاستجابة لم تكن بالشكل المطلوب”.

وأشار إلى أن قلة المنظمات العاملة في المخيم وتقديمها لخدمات محدودة يفاقم وضع النازحين وخاصة أن المنظمات باتت تقدم للعائلة التي يبلغ عدد أفرادها أربعة أشخاص سلة غذائية واحدة كل شهرين، “وهو أمر غير منطقي”.

“وضع مأساوي”

والشهر الماضي،  قال رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا شيخموس أحمد، إن مخيمات المنطقة تعيش وضعاً مأساوياً.

 وأضاف، لنورث برس، أن المخيمات تواجه نقصاً حاداً في المساعدات الإنسانية بسبب إغلاق المعابر ومحدودية إمكانات الإدارة.

وقبل نحو عامين تم إغلاق معبر اليعربية بقرار من مجلس الأمن وضغط روسي، وتم حصر دخول المساعدات بمعبر باب الهوى الذي يربط شمال غربي سوريا بتركيا.

وتحتاج المخيمات لتجديد خيام وتوزيع الأغطية والإسفنجات، إضافة لوجود حاجة ملحة للتجهيزات الطبية والأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، بحسب “أحمد”.

وحال سلمى العبود (26 عاماً)، وهي نازحة من قرية المناجير بريف سري كانيه، ليس أفضل من غيرها، فخيمتها وأغراضها لم تنجُ من تسرب مياه الأمطار.

 وقالت الشابة العشرينية، بينما تلف وجهها بوشاح: “ماذا أقول، دخلت المياه بكميات كبيرة إلى الخيمة وابتل كل شيء”.

وتعبر بلهجتها المحلية: “العيشة زفت، نحن مجبورون على العيش هنا”، وذلكفي إشارة منها لصعوبة العودة إلى قريتها في ظل سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة عليها.

وتشتكي عنود الخلف (39 عاماً)، وهي نازحة من قرية المناجير، من قلة المساعدات المقدمة وتقليل كمياتها كل عام.

وأشارت إلى أنهم كانوا يستلمون 40 لتراً من المازوت أسبوعياً في العام الماضي وليس كل عشرة أيام، كما أن السلة الغذائية باتت توزع عليهم كل شهرين بدل شهر.

وتعجز “الخلف” ولسوء وضعها المعيشي عن شراء المازوت وباقي الاحتياجات من السوق، “فليس لدي دخل مادي، نبقى على هذه المساعدات التي لم تعد تكفينا”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد