القامشلي- نورث برس
شهدت سوريا في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ خمسين سنة وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشرته مؤخراً منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).
وتزامن هذا مع تحذير صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جاء فيه أن سوريا تعاني من أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً خلال فصل الصيف.
ويأتي انخفاض الإنتاج الزراعي في وقت تعاني فيه سوريا من ظروف أقرب للمجاعة في بعض أنحاء البلاد، حيث أصبح أكثر من 90% من السكان يعيشون في فقر، وأكثر من 12.4 مليون نسمة يعانون من حالة انعدام الأمن الغذائي، بحسب الأمم المتحدة.
وتقدر مساحة القمح المحصود بـ 787 ألف هكتار، أي أكثر بقليل من نصف المساحة المحصودة في عام 2019. بينما بلغت مساحة الشعير المحصود 352 ألف هكتار، أي أقل بحوالي 75 في المائة من العام الماضي.
وكانت الزراعة في سوريا تشكل 17.6% من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا حسب تقديرات عام 2010.
وكان يعمل في القطاع الزراعي نحو 17% من مجموع قوة العمل أي قرابة 900 ألف عامل.
وتبلغ مساحة سوريا 18,5 مليون هكتار وتشكل المساحة القابلة للزراعة ومساحة الغابات حوالي 6.5 مليون هكتار، بحسب تقديرات 2010.
وكان القطاع الزراعي يؤدي دوراً مهماً في الاقتصاد السوري حيث تساهم الصادرات الزراعية بنصيب هام في التجارة الخارجية، وتوفير العملات الأجنبية.
كما يوفر القطاع الكثير من المواد الأولية لمختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية الأخرى.
وفي السابق، كان القطاع الزراعي يحتل المرتبة الثانية بعد النفط من حيث الإيرادات التصديرية في ميزان الصادرات السورية.
وكانت سوريا تنتج العديد من المنتجات الزراعية مثل الحبوب والبقوليات والفاكهة والخضار والمنتجات الحقلية والقطن والزيتون والفستق حلبي وغيرها الكثير.
انعدام الأمن الغذائي
وفي تقرير آخر “للفاو” نشر في السادس عشر من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، يظهر أن سوريا تمثل جزءاً من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط.
وذكر التقرير أن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي بالتزامن مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1% خلال العقدين الأخيرين.
وحذر فيكتور نيلوند، ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة في سوريا (يونيسف)، من التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة.
وقال “نيلوند”: “يؤثر عدم تدفق مياه نهر الفرات بشكل كاف، على الحياة اليومية لملايين الناس بشكل مباشر”.
وشدد على: “إننا بحاجة ماسة إلى إجراء نقاش إقليمي لإيجاد حل لهذه الأزمة في أسرع وقت ممكن”.
ولا تتوقف تداعيات أزمة نقص وشح المياه على الضرر الذي تلحقه بالمحاصيل الزراعية، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى قطاعات حيوية لاسيما الصحة والطاقة.
وتقول “اليونيسف” إن سوء جودة المياه يؤدي إلى زيادة الإصابات بأمراض مثل الإسهال خاصة بين الأطفال.
وتضيف بأن انخفاض مستويات المياه يهدد أيضاً مصادر الطاقة خاصة أن حوالي ثلاثة ملايين شخص في شمال شرقي سوريا يحصلون على الكهرباء بشكل أساسي من ثلاث محطات للطاقة الكهرومائية على نهر الفرات.
أزمة مياه الحسكة
وفي محافظة الحسكة التي كانت تُعد سلة غذاء سوريا، باتت أزمة المياه أكثر ضراوة.
فبعد أن كانت مصدراً لنصف الحبوب في البلاد، أصبح الوضع بائساً إذ انخفض مستوى المياه في الخزانات لتتحول إلى برك كبيرة يمكن للشباب صيد الأسماك بأيديهم.
وما زاد الأمر سوءاً جفاف نهر الخابور بسبب قلة الأمطار، والذي كان يُفترض أن يزود الحسكة بمياه الشرب.
وإزاء كل ذلك، لم يبق أمام سكان الحسكة في الوقت الحالي سوى محطة مياه علوك قرب الحدود التركية حيث توفر هذه المحطة مياه الشرب النظيفة لنحو 460 ألف شخص، إلا أن هذا المصدر أصبح مهدداً، إذ أنه خلال العامين الماضيين باتت المحطة تعمل بشكل متقطع بسبب قطع تركيا للمياه.
ودعت “يونيسف” في تموز/ يوليو الماضي، إلى ضرورة “توقف الإعاقات المستمرة في عمل محطة مياه علوك”.
في ظل هذا الوضع الصعب، يضطر سكان الحسكة في الوقت الحالي إلى الحصول على مياه الشرب من صهاريج المياه بتكلفة مرتفعة تصل إلى 6 آلاف ليرة (2.25 دولار) لألف ليتر من المياه، وهو يمثل عبئاً كبيراً على كاهل السكان إذ يبلغ متوسط الأجور 53 يورو فقط في الشهر.
“ظروف شبيهة بالجفاف”
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، فلا يزال السكان في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية لسوريا غير قادرين على الوصول بشكل صحي وآمن إلى إمدادات كافية من المياه الصالحة للشرب، لأسباب بيئية جراء ظروف فرضها الصراع الطويل.
ووفقاً لخطة عمل الأمم المتحدة في التاسع من أيلول/ سبتمبر الماضي لمعالجة أزمة المياه، فإن 5.5 مليون سوري أضحوا بحاجة إلى إمدادات المياه الحيوية بعد تناقص مستويات نهر الفرات منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.
وذكر تقرير الأمم المتحدة في ذات الشهر أن قلة المياه التي تتدفق إلى النهر من المنبع في تركيا، بالإضافة إلى قلة الأمطار وارتفاع معدل درجات الحرارة قد أدى إلى خلق ظروف شبيهة بالجفاف في شمال شرقي سوريا.
وصنف مؤشر الأزمات العالمية العام 2019، سوريا على أنها البلد الأكثر عرضة لخطر الجفاف في منطقة المتوسط.
وأتى الجفاف، وفق منظمات إنسانية، على مساحات زراعية واسعة تعتمد أساساً على مياه الأمطار، في بلد يعاني 60 في المئة من سكانه من انعدام الأمن الغذائي.