تكاليف باهظة تقلص مساحات زراعية في درعا

درعا- نورث برس

بلغت تكلفة مشروع زراعة الخضروات لصاحبه محمود البردان (55 عاماً)، وهو اسم مستعار لمزارع في ريف درعا الغربي، هذا العام، أكثر من 110 ملايين ليرة سورية رغم أنه اكتفى بزراعة نصف المساحة المعتادة.

وأضاف أن غالبية المؤسسات الزراعية أصبحت تبيع البذور والأدوية بالدولار الأميركي بسبب غياب استقرار الليرة السورية.

واعتاد المزارع الذي يمتلك خبرة لأكثر من 30 عاماً، أن يزرع 100 دونم من الخضار الموسمية خلال السنوات الماضية.

ويهدد ارتفاع تكاليف الزراعة بفقدان مزارعين وعمال زراعيين مصدر معيشة عائلاتهم.

ودفع ارتفاع تكلفة الزراعة والخشية من الخسارة هذا العام “البردان” للاكتفاء بزراعة 50 دونماً فقط.

يشير “البردان” أن المصاريف التي دفعها هذا العام كانت تكفي لزراعة 300 دونم قبل انهيار قيمة الليرة.

ويقول إن سعر ظرف بذور البندورة (يكفي لزراعة دونم واحد) التي ينوي زراعتها مطلع العام وصل لأكثر من 50 دولاراً أميركياً.

كما أن زراعة الدونم الواحد من محصول البطاطا يكلف أكثر من مليونين ونصف المليون ليرة سورية قبل البدء بجني المحصول.

صعوبات لتأمين الطاقة

ويرى مزارعون آخرون في ريف درعا أن فقدان الوقود وقلة الهطولات المطرية منذ العام الماضي وغلاء الأيدي العاملة وتدني أسعار الإنتاج مقارنة بالتكاليف، هي أسباب أخرى للتدهور الزراعي جنوبي سوريا.

وقال ذياب محمد (63 عاماً)، وهو مزارع في ريف درعا الشرقي، إن النقص الكبير في وقود المازوت (الديزل) اللازم لتشغيل الآبار كان سبباً في زيادة خسارته.

وأضاف أنه اضطر لشراء المازوت من الأسواق بالسعر الحر غير المدعوم، والذي وصل إلى 2800 ليرة سورية للتر الواحد.

وأشار إلى أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عن المشاريع الزراعية بسبب التقنين الذي تفرضه الحكومة كان له الأثر الكبير على الإنتاج الزراعي في درعا.

كما أن تكلفة تركيب منظومة للطاقة الشمسية تتجاوز أكثر من 70 مليون ليرة سورية، وهو رقم يقول غالبية المزارعين إنه يفوق إمكاناتهم.

ورغم مطالبات جمعيات فلاحية محلية، إلا أن الدعم الحكومي ما يزال غائباً عن المشاريع الزراعية، لا سيما ما يخص تأمين الطاقة والوقود.

والثلاثاء الماضي، قال مدير الزراعة المهندس بسام الحشيش، لوكالة “سانا” الحكومية، إن المساحات المزروعة بالقمح المروي والبعل في درعا تجاوزت 32 ألف هكتار حتى الآن من إجمالي المساحة المخططة والبالغة 89.257 هكتاراً.

وهذا يعني أن ما يقارب ثلثي الأراضي بقيت دون زراعة هذا العام رغم ما تعانيه البلاد من أزمات معيشية أبرزها نقص الخبز.

وأضاف “الحشيش” أن محصول الشعير يزرع بعلاً فقط في درعا، حيث بلغت مساحاته المزروعة 22.150 هكتاراً من المساحة المخططة والبالغة 27 ألف هكتار.

 كما تمت زراعة 1.481 هكتاراً بالخضار الشتوية.

عقبات حكومية

ويتخوف مزارعو الأراضي المجاورة للمقار والثكنات العسكرية من العودة للعمل في مشاريع مكلفة بسبب مخاطر العمليات الأمنية والعسكرية، لا سيما في المواقع التي شهدت القصف والاستهداف سابقاً.

وقال محمد الحاري (46 عاماً)، وهو مزارع في بلدة عتمان قرب درعا إنه لم يزرع أرضه منذ نحو ثمانية أعوام.

وأضاف أن مخاوفه تأتي أيضاً بسبب الألغام الأرضية في محيط كتيبة المدفعية والتي لم تقم القوات الحكومية بإزالتها حتى الآن.

وأشار إلى عدد من حوادث انفجار الألغام ومخلفات الحرب خلال الأعوام الثلاثة الماضية أدت لوفيات وإصابات.

وفي العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فقد عمار نايف حمدان (55 عاماً) حياته في انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب، وذلك أثناء عمله في حراثه أرضه القريبة من موقع تل السمن العسكري غرب مدينة داعل.

ومن جانبه، قال مهندس زراعي في درعا، اشترط عدم نشر اسمه، إن ارتفاع أسعار الأدوية والأسمدة يتسبب بخسائر للمزارعين.

ومطلع حزيران/ يونيو الماضي، قرر المصرف الزراعي التعاوني (أحد المصارف الحكومية) بيع الأسمدة بأسعار التكلفة بدل السعر المدعوم.

وأضاف المهندس أن الحكومة على مدى الأعوام الماضية قامت برفع أسعار الأدوية والأسمدة، رغم أنها تصنع في المصانع العامة التابعة للحكومة.

إعداد: إحسان محمد- تحرير: حكيم أحمد