أطفال يواجهون الأمية شمال الحسكة ومدارس ما تزال مسكناً لنازحين

تل تمر- نورث برس

تلقي كفاء الخضر (30 عاماً)، وهي من سكان حي “الشهيد إبراهيم” في بلدة تل تمر شمال الحسكة، اللوم على الجهات المعنية في بلدتها لعدم إيجاد حل يمكّن طفلها من التوجه إلى المدرسة في سنته الدراسية الأولى بعد أن تحولت مدرسة الحي إلى مركز إيواء للنازحين.

وعقب الهجوم التركي رفقة فصائل معارضة موالية لها على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض أواخر عام 2019، تحولت المدارس في منطقة تل تمر إلى مراكز إيواء لآلاف النازحين بعد أن تقطعت بهم السبل.

كما أن تحول تل تمر لخط تماس بعد وصول القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها على مشارفها وتعرض قراها للقصف بشكل مستمر، تسبب بنزوح مدنيين من قراهم واتجهوا صوب البلدة الصغيرة.

ورغم أن غالبية العائلات النازحة انتقلت فيما بعد إلى مخيمين في ريف الحسكة وثالث في ريف الرقة أو استقرت في مدن وبلدات شمال وشرقي سوريا، إلا أن بعض النازحين الذين لم يتمكنوا من إيجاد مأوى آخر بقوا في هذه المراكز.

وفي وقت سابق من العام، رفضت عائلات مغادرة المدارس رغم قرار الإدارة الذاتية، والذي عللته بالحرص على سير العملية التعليمية.

وبعد تفاقم ظروفهم المعيشية وانعدام المساعدات طالبت تلك العائلات بالانتقال إلى مخيمي في ريف الحسكة، لكن امتلاء السعة الاستيعابية للمخيمين حالت دون ذلك.

“مستقبل مجهول”

تقول “الخضر”، بينما يلهو طفلها بالقرب منها، إن “مستقبلاً مجهولاً ينتظر أطفالنا، يضيع مستقبلهم لأنهم بدون تعليم ولا نستطيع إرسالهم إلى مدارس بعيدة يومياً”.

وتضيف الأم لطفلين أحدهما في الصف الأول والآخر في المرحلة التحضيرية: “أطفالنا سيكونون أميين في المستقبل ونحن لا نستطيع تعليمهم في المنزل، كما لا تتوفر دورات تعليمية هنا”.

ووفقاً لسكان الحي، فإن مدرستهم كانت تضم أكثر من 500 طالب، بات جلهم حالياً بعيدين عن مقاعد الدراسة.

وتطالب “الخضر” وسكان الحي بالرأي بإيجاد مسكن أخر للنازحين ضمن المخيمات أو مكان آخر ليكون بمقدور أطفالهم ارتياد المدرسة.

لكن وفي تصريحات سابقة، أعلن مسؤولون في إدارة المخيمات بريف الحسكة والتي تضم المخيمين “واشوكاني” و”سري كانيه”، واللذين يضمان عشرات الآلاف من النازحين، عدم قدرتها على استقبال المزيد من النازحين في المخيمين.

وتقول بيانات مكتب شؤون المنظمات التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في تل تمر إن نحو 25 ألف نازح يسكن في منطقة تل تمر يقدر عددهم بـ 4200 عائلة.

وتشير إحصاءات للجنة إدارة المدراس في تل تمر إلى أن 15 مدرسة ما تزال مراكز إيواء لنازحين فر أغلبهم من سري كانيه وريفها، بينما يتقاسم النازحون والطلاب الشعب الصفية ضمن بعض المدارس الأخرى بالمنطقة.

“حلول اسعافية”

وتسبب القصف التركي المستمر منذ مطلع عام 2021 بتدمير مدرستين بشكل كامل، بالإضافة إلى أضرار في ثلاث مدارس أخرى في ريف تل تمر، بحسب لجنة إدارة المدراس في تل تمر.

وقالت بهية معمو، وهي إدارية في لجنة إدارة المدراس التابعة للإدارة الذاتية في تل تمر، إنهم عمدوا إلى تحويل نحو خمسة منازل بعد تبرع أصحابها إلى مدارس كحلول إسعافية.

وأضافت أن الحرمان من التعليم لا يقتصر على أطفال المنطقة فقط، بل حتى أطفال النازحين باتوا بلا تعليم “وهذه بحد ذاتها مشكلة تضاهي نزوحهم من منازلهم”.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن 2.5 مليون طفل في سوريا لا يتلقون التعليم حالياً، و 1.6 مليون آخرون مهددون بالمصير ذاته، وفق تقريرها السنوي للعام الحالي.

ويقول رضوان خلف، وهو إداري في لجنة التدريب والتعليم في مجلس بتل تمر، إنهم اتخذوا مؤخراً قراراً يقضي بتشكيل لجنة لمتابعة أوضاع النازحين في المدارس ومحاولة إخراج من لهم أقرباء من الدرجة الأولى في المخيمات.

لكنه يشير إلى “عدم وجود حلول حالياً”، وخاصة في ظل صعوبة إيجاد مأوى للنازحين في المخيمات.

ويحذر “خلف” من استمرار الأمر على هذا المنوال، “إذ سيخرج جيل أمي في حال لم يتم إيجاد حل”.

إعداد: دلسوز يوسف – تحرير: سوزدار محمد