مدعومة تركياً مصنفة “إرهابياً” وملاحقةٌ روسياً.. ماذا تفعل تحرير الشام في إدلب؟
القامشلي ـ نورث برس
ما حققته حركة طالبان في أفغانستان، ألهم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، أن تقتفي أثرها خاصة أنها مدعومة تركياً، ولكنها تتناسى أنها مصنفة كمنظمة “إرهابية”، وملاحقة من قبل روسيا التي تشدد على وجوب تصفيتها وإنهاء تواجدها في شمال غربي سوريا.
وقبل أشهر، شدد القائم بأعمال المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، جون غودفري، على أن الولايات المتحدة مستمرة في تصنيف هيئة تحرير الشام “منظمة إرهابية”، في رد على دعوات كثيرة صدرت تطالب بفتح حوار مع هذه الجماعة التي تؤكد أنها فكّت ارتباطها بتنظيم “القاعدة”.
ومنتصف 2018، صنفت الولايات المتحدة الهيئة التي يقودها “أبو محمد الجولاني” وكل فصيل له صلة بها كمنظمة “إرهابية”.
ونهاية 2012 ظهرت “تحرير الشام” لأول مرة في سوريا، تحت مسمى “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحمي “القاعدة” وتنظيم “الدولة الإسلامية”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها قوة سورية محلية.
ولا تزال “تحرير الشام” مصنّفة على لوائح “الإرهاب” في مجلس الأمن، وتضع روسيا الفصيل ذريعة للتقدم في شمال غربي سوريا.
“تغيرات مهمة”
ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، التي تسيطر على مناطق شمال غربي سوريا، تسعى إلى إقناع المجتمع الدولي بأنها ليست كما تصفها واشنطن بـ”أكبر ملجأ لتنظيم القاعدة في سوريا منذ أحداث 11أيلول/ سبتمبر”.
ونشر موقع مؤسسة “كارنيغي” للشرق الأوسط، دراسة أشارت إلى أن حصر “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) جهودها وعملياتها بداخل سوريا، ومحاربتها للحركات التابعة لتنظيمَي “داعش” و”القاعدة”، عوامل تشير إلى تغيرات مهمة تهدف إلى الاعتراف بها وحذفها من قائمة الإرهاب.
ومؤخراً ظهرت مساعٍ تركية تهدف لإزالة هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب عبر دمجها مع الجيش الوطني السوري المعارض. وهو ما وصفه محللون بـ”أقرب للمستحيل“.
ولكن روسيا تدفع تركيا لتسريع إنجاز “الهدف النهائي” في إدلب، وتطالبها بإنهاء ملف هيئة تحرير الشام.
ورغم ذلك، أعلنت “الأكاديمية العسكرية” التابعة لتحرير الشام، قبل أيام، عن تخريج دورة “قائد مجموعة”، لمقاتلي الألوية العسكرية.
وكانت “تحرير الشام” أعلنت، إلى جانب الفصائل العسكرية للمعارضة، عن تخريج دورات عسكرية منذ توقيع اتفاق “موسكو” في 5الخامس من آذار/ مارس 2020، الذي قضى بوقف إطلاق النار.
كما أعلنت سابقاً عن إتمام العديد من دورات التدريب، مع اختلاف مسمياتها، مثل “دورة قادة مجموعات”، و”دورة العصائب الحمراء“، و”دورة رفع مستوى”، و”دورة تخريج القادة الميدانيين”، و”دورة تخريج القوات الخاصة”.
وسبق تخريج الدورة الأخيرة، تطورات ظهرت بالهيئة من الناحية الشكلية في مسعى منها لتغيير صورتها أمام المجتمع الدولي.
خزانة ملابس
ففي منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، ظهر الشرعي العام في هيئة تحرير الشام عبد الرحيم عطون، في ندوة فكرية رعتها حكومة الإنقاذ بزي جديد بعد أن خلع زيه التقليدي الذي اعتاد الظهور به خلال السنوات الماضية.
ويبدو أن الزي الجديد هَدفَ “الشرعي” من خلاله إلى إيصال إشارة لبداية مرحلة جديدة من التحولات، والتي من المفترض أن تهتم بشكل أكبر بتفاصيل المجتمع المحلي.
وفي فبراير / شباط الماضي نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أشارت فيه إلى ظهور الجولاني ببدلة رسمية على الطراز الغربي خلافاً لعادة ظهوره بالزي العسكري.
ورأت الصحيفة في تقرير ترجمته “عربي21″، أن التحول في خزانة ملابس الجولاني، جزء من عملية مدروسة لإعادة إخراج صورة الجماعة التي صنفتها الولايات المتحدة وتركيا كجماعة إرهابية، ومحاولة منها لضمان حصة لها في مستقبل سوريا.
ورغم كل مساعي الهيئة لإظهار صورة مغايرة، إلا أن الفترة الأخيرة في مناطق سيطرتها شمال غربي سوريا، شهدت احتجاجات واضطرابات نتيجة السياسة التي وصفت بـ”الفاشلة”، والتي تتبعها الهيئة في إدارة أمور المنطقة.
ويرى متابعون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، أن الهيئة مهما غيرت من سياستها، فإنها لن تستطيع تحصيل ولو جزء قليل مما ترنو إليه، خاصة أن جميع التصريحات الروسية تشدد على ضرورة محاربتها والقضاء عليها في شمال غربي سوريا.